الشادوف
دع لحنك الشادي بلا تعزيفِ = طرِب الخيال لأنّة الشادوفِ
عريان جرّده الضحى من ستره = فغدا يضجّ بدمعه المذروفِ
لم يُرضهِ ثوبُ السنا سدلاً لهُ = يختال في بهجٍ ولمح شفوف
فبكى ونكّس رأسه متذللا = متحسراً كالعاشق الملهوف
فإذا تقاعس خلتهُ في صمتهِ = جثمان مصلوبٍ بغير كفوفِ
بترت سواعده الليالي وانبرت = تُبليهِ في سخطٍ وفي تعنيفِ
وإذا جثا ألفيتهُ مُتعبّداً = طهُرت سرائرهُ من التزييف
سجداته في النبع قبلةُ والهٍ = طُبعت على سلسالهِ المرشوف
صديانُ قدّم للورودِ شرابَهُ = وأعار أدمعه لقلب الرّيفِ
فيظلُّ يظمأ عاريا والزهرُ في = ريٍّ ونبت الحقل في تفويفِ
ثاوٍ على الجُبّ العميق كأنّهُ = أعمى على جُرُفٍ هنالكِ موفي
جبّارُ أفزعه الردى فتقلّصتْ = أضلاعهُ من صرعة التخويفِ
فتخاله في الوهم جُنّة ماردٍ = ضجرت لهولٍ في القبور مخيف
فأعارت الأكفان ثورةَ حانقٍ = برمت بحتفٍ فارتمت بحتوف
يا صامتاً والريح تخفق حوله = والنبع يطربه بسجعِ خفيفِ
وتصايحُ الغربان يُنذر مرجه = بحصيد سافيةٍ وجدب خريفِ
وربابةُ الراعي تُهدهد عندهُ = قلباً يهيمُ بلحنها المعزوفِ
سكرى من الأنغام أسكر شدوها = آذانَ ثاغبةٍ وسمعَ خروفِ
هلاّ شجتك نفاثةٌ من بائسٍ = لهفانَ في كنفِ الطوى ملفوفِ
رَوَّى الزّرُوعَ بِصَيِّبٍ مِنْ دَمْعِهِ = وَثَوى بِقَلْبٍ فِي الظّلاَمِ لَهِيْفِ
شعر: محمود حسن إسماعيل