الفصل الأخير من رحيق التوت
فاصلةٌ تسألني عن وجدٍ مكتومٍ
بين رحيق التوتِ
ورحيل النحلةِ في سرب الملكة
نحو خليج البحر الأحمر
حيث هنالك لا زال
بعض رجالٍ ينكفئون على التَّبَّةِ
في حزنٍ مختومٍ
يختبرون وريد الوطنِ
وبقايا شريانٍ يربطنا
بالنخلِ وعبير الليمونِ.
فاصلةٌ ونواصلُ رحلتنا
من بحر القلزم
صوب مدينة أحلام الزيتونِ
لا شيء هناك
يمنعنا أن نكتب فصلاً
من تاريخ الأرضِ
الموصوفةِ في التوراةِ
والمكتوبةِ عندي في صحفِ الأشياءِ
العاشقةِ والمعشوقةِ من حجر البركانِ
والمنحوتةِ من جبل البحر الأحمر
وعيون نبي اللهِ
تعبر فيَّ كالخطوةِ
شمسُ الفجرِ
وتعانق رائحةَ النيل على البدنِ
أصفو كصفاءِ امرأةٍ
أرخت تحت الماء ثياب الغزلِ
فتدحرج بين السَّاقين
شفقُ الصبح ونداء العشقِ
وتغزل من ثوب الرغبةِ
برهانَ براءة ذئبٍ
ونزيفَ الشعبِ على المرجانِ.
فاصلةٌ وتمرُّ سفائنُ كل الأرضِ أمامي
تلك الأعلام نداولها
بين القضبانِ
إلا العلم المرفوع عند مينائي
وبأيدي رجالٍ راحوا
كي يأتي زمن المعجزةِ الكبرى
وسطوع الإنسانِ
كخروج امرأةٍ عاريةٍ
من ماءِ الرهبةِ
تهمسُ للجدِّ:
صيَّادٌ فكَّ المركبةَ
عند شواطيء أحلامي
وتَمشَّى بين جزائرِ جسمي
يزرع أغصانَ الهجرةِ
ويقصُّ حشائشَ موجتنا
أغنيةً للوطنِ الصَّاعدِ فرسانًا ومواجد
فيقول الجدُّ:
أبنوسُ الجسدِ منحوتٌ
من خشبِ المركبِ
والصندلُ مزفوفٌ فيكِ
لبناءِ معابر بين جزائركِ
أنتِ الأنثى أوديةٌ وهضابُ
ورجالٌ راحوا
كي يأتي مَنْ يكشف قدسيةَ جسمكِ
وكنوز الأجدادِ.
فاصلةٌ ويعودُ الأوَّلُ للأولِ
وبهاء الفيروزِ
ويعود الوطن من خلف التلِّ - المعركةِ -
يخلع جلباب الديرِ
ويمرُّ سريعًا عند نقاطِ الأمنِ
هذا آخر سطرٍ في تاريخ التوتِ
وخروج الموءودةِ من بطنِ الجبلِ
يكسوها عريُ المهزلةِ
وأقنعةُ المومياءِ
الملقاةِ على كفِّ التابوتِ
يقترب الموعدُ من عَلَمي
وموسيقى الشرطةِ حين
تعزف أغنيةً ونشيدًا لبلادي
وتطلُّ الأحصنةُ على الشَّط
أسماءً، أسماءا
لجنودي.
د. السيد عبد الله سالم
المنوفية – مصر
29 سبتمبر 2013