الطبيب الشاعر/ السيد عبد الله سالم

أشعار الطبيب الشاعر/ السيد عبد الله سالم

امرأة من خريف الفاتيكان

 

 

عصافيرٌ حول المائدةِ

يختطفونَ عيونَ المركبةِ

وذوائب ولادة بنت المستكفي

ويختطون تهافتَ غزلانٍ

بين السهل ونرجسةٍ غنّت لنهارٍ عربيٍّ

إذ أنَّ الفلسفةَ

قد ألقت نكهتها رمّانًا في غرناطة

حيث هنالك لا زالت

إمرأةٌ تبحث في جمر المبخرةِ

عن إرث أبيها

تغزل مسبحةَ الغفرانِ

حبّاتٍ من سحر الرغوةِ

وبنان القرصانِ.

 

يجذبني حبل البكرةِ

وجلالُ سقوط التفاحةِ في كفيَّ

وأنينُ الترسِ المشدودِ بين الأفلاكِ

وسطوعي كان الإذنَ

أن أخطف شمعةَ أولادي

من كهفِ التنينِ

وأمد شراعي كي يسكن كل مدائن رغبتنا

ويزهر في وطنِ الغربةِ

رجالٌ في الزيِّ الرسميِّ

يستلقون فوق شواطيء روما

أو في الهندِ

رغيفًا أو حفنةَ ملحٍ

ونصير كصيَّادينَ

بين غابات الوطن الثالث

لا نعرف شكلاً للأسماءِ

أو لحنًا في المعنى

يلزمنا فضاءً أوسع من كونينِ

ونساءً

خلَّعنَ البابَ على الخدرِ

ومنحنَ الشهوةَ كوبَ الدفءِ.

 

أرَّقني ملامسة الكفّينِ

وحفيفُ الثوبِ على الكتفينِ

وسَّعتُ مكاني

واعتدلت في الأفق الكلماتُ

سألتني:

- هلْ تعرف لغةً غير العربية؟

- هل أنتَ مصريٌّ – عربيٌّ؟

كانت لغةً غير اللغةِ

أخذتني هنالكَ بين السينِ ونورماندي

مقلتها كانت أكبر من لغتي

وأمكنةٌ تنزاح من القلبِ

وبراحٌ يسكنُ في الليلِ

لا أدري

أنّي مفتونٌ بصلابةِ عودِ الفكرة

وبراءةِ رحمِ الطفلة

لكني أصَّلتُ تاريخي

أوردتُ حنيني

شرفَ الوردةِ والعودِ

قلتُ:

- ما أنا بالراهبِ

كي تمنحني زهرةُ مرسيليا

عودَ الكبريتِ

- بل أني الأرضُ - النبتُ - الفرحة

وغناءُ الطيرِ المنسوج على الطرحة

وتملّتني بنتُ العشرين

- لو تكتب فوق البطنِ الذكرى

وآيات الوطن الحطيني

وتخط على الفخذ قصصًا للفارس

عنترة

وترسم بالخطّ الكوفيِّ

آيًا من مصحفكَ

قلتُ:

- مَنْ أنتِ؟

قالت:

- طَلْعُ الوردةِ

وتويجُ النسرين

قلت:

- ماذا أنتِ؟

قالت:

أنْ نسرق أهرامَ الجيزةِ

نفرشها فوق حصيرِ السمانِ

لينضج في العتمةِ

تيني وزيتونكْ.

 

عندي كتاب الإعرابِ وكتابٌ في رأس المالِ

عندي النّوّارةُ تفتح شرفتها

لبهاء خيولي

ورسائلُ يحملها لي المحمولُ

يسكنني عطرُ العنبر

وحجابُ امرأتي

ورقصةُ إيماني على الدرجِ

وندهةُ نصر

يسألني:

- ما سرُّ هيامي بالنيلِ؟

- ماسرُّ البروازِ المنسوخ على البابِ

لرجالٍ من جيشي؟

- ولماذا جدي عبد الله

كان يعلمك فنون الطبِّ؟

آيةُ سلطتنا قلعتنا على البحر

ومقياسُ النيل على النهرِ

وأني حين أفوتُ على الدربِ

ينفلقُ الشوطُ يؤرخني

مئذنةً ومنارة

وهيامَ حرافيشٍ بنداءِ التلِّ.

 

أمتلك السماعة وجهاز الضغط

وأفسر رسم القلبِ

وأقشّر تحت الميكرسكوبِ

قشرةَ ميكروب الدرن

واللون الورديُّ في اللوحة يجذبني

حيث بنفسجةٍ ترقد في الخلفِ

أذكرها، تذكرني

إمرأةُ النعمان

تتجرد من رغبتها

وتفك القيد الموصول

بوريقات الحسن بن الهيثم

نظرياتٌ في الضوءِ

نظرياتٌ في المنظور خلف العدساتِ

أدركتُ الآن

جوابًا لسؤالي

فهتفتُ:

- ماذا يربط رجلٌ من عصر الهجرةِ

بفنون الطبِّ؟

- ولماذا جيناتُ الأبِّ

تعرفُ من عمرِ الذرِّ

كيف وأين يمكننا أن نغرس سوسنةً

في سبَّابةِ أرضي؟

وعرفتُ لماذا

فلاّحٌ من جهتي

كان ينام فوق النبتةِ

كي لا تدهسها الخيلُ؟

أوزاني في صلبي

تندفقُ مع النطفِ

تبتكر في النثر قصيدًا، تلتفتُ

للشرق حنينٌ، للغربِ حنينٌ

وبهاءُ الطلعةِ في الشرقِ

أزهى عندي من صفوي.

 

يا ابنةَ مرسيليا خلّيني

أختبر الشفةَ حين تلامسها شفةُ العربيِّ

ودعيني أختارك

كالسماعة فوق الكتفِ

لا قطعة خشبٍ للسانٍ

وانتشري في جسدي

أملاحًا ومعادنَ

لا خلايا من سرطانٍ

إنقلبي أكلةَ خُبَّيزٍ ونقابا

وتعالي

حين تتعامد شمسُ الصيفِ على وجهي

يوم جلوسي على العرشِ

أنا الباني هندسةً لفضاءِ الكونِ

ومبتكر الفلسفةِ

علم التوحيدِ

وجمال الكحلِ

أنا الرَّاسمُ فوق جدار المقبرةِ

رحلةَ مركبةِ الشمسِ

وأنا الكاتبُ في برديتي

قصةَ سيدةٍ وفتاها تراودهُ

وأنا القاريءُ في المصحفِ وفي الإنجيلِ

أنَّ المرأةَ تخرج من ضلعي

تكويني

وتهديني.

 

 

 

 

د. السيد عبد الله سالم

المنوفية – مصر

21  سبتمبر  2012

saydsalem

الطبيب الشاعر/ السيد عبد الله سالم

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 44 مشاهدة
نشرت فى 17 أكتوبر 2013 بواسطة saydsalem

الطبيب الشاعر/ السيد عبد الله سالم

saydsalem
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

128,875