المجنون
(رأيته يمشي مهلهل الثياب ملتاث الخُطا ، وفي كفه قارعة من حديد يقرع بها نفسه ؛ و الأطفال يحصبون رأسه صائحين – المجنون - ؛ وهو يرسل بصره في السماء و الأرض صائحا عطشان..عطشان).
وهي من نافذة حواس الشاعر التي كانت تطلّ على الحياة.
نسمّيه مجنونا فنحصب رأْسه = وفي رأْسه ثارت عواصف من عقلِ
تنوح فتصليه لظًى من نواحها = فيشرد ملتاث الخُطا كبني النملِ
يخال سرابًا سائلا من سمائه=وما في سماءِ الأرضِ شيءٌ سوى المَحْلِ
وينظر أرض الناسِ وهي جديبةٌ = فيحسب أرض الناس وبلا من الوبلِ
فيهذي بألحان تمزّق شملها = وليس لها في آخر العمر من وصلِ
فيا ليت هذي الناس جن جنونهم = فكانوا عن الرقطاءِ والسُّمِ في شغلِ
وذاقوا طعام الساخرين بعيشهم = فغضّوا عن الأضواءِ ضائقة القفلِ
ولكنهم جُنُّوا بطين مرقّش = فصانوه عن نار الحياة التي تغلي
وما صِينَ إلاّ للبلى يستطيبه = فيا ويحهم كانوا عن العقلِ في عَقْلِ
شعر: صالح الشرنوبي