من دفتر أحوال بلقيس
(1)
بهلوانُ القصرِ حطّ العودَ سرّا
فوق جمراتِ الثّواني
عند ركنِ البّابِ كانتْ
بنتُ سمراءِ الأغاني
تنسجُ الأوتارَ سحرا
كي يزورَ النّهرُ دارًا للأميرِ
ثمّ يبني برجَ وصلٍ
بين نجمِ الأمسِ بدرا
والعبيدِ
بنتُ ملاّحٍ أتاهُ
نردُ وجدٍ قد رماهُ
فاستفاقَ
عند صبحٍ في سريرٍ من حريرٍ
ما شفاهُ
حورُ بلقيس الحيارى
قد أضاعوا
شفرةَ التّرميمِ حينَ
كانوا
تحت غولٍ فوق برٍّ للجواري
هاهيَ الأقمارُ تمشي في ضُحاها
للأميرِ
تاركاتٍ
شوقها المخدور برقًا
للأسيرِ
والغواني
في انبلاجِ الصبحِ شعرا
قد أتينَ
حرفَ جرٍ للسريرِ.
(2)
علياءُ يا بنتَ الهوى = والشّوقُ قد ذابتْ أنمُلُهْ
هذا العبيرُ المُصطلِي = سهدَ النّوى ما أجملهْ
أدعوكِ أن ردّي على = قلبي غرامًا يَحملهْ
ودّ السّراجُ المُستوي = في شقوتي لو يَقتلهْ
أو ينزعُ الخيطَ المُدا = وي همستي من مغزلهْ
فاجعلْ رجوعي مهرجا = نا للحيارى منزلهْ
وارحمْ دموعي ساكنا = تٍ فوق هدبٍ أهملهْ
واغزلْ غنائي في هوا = ها المرتوي من منهلهْ
علياءُ يا بنتَ الهوى = ألحبُّ أصلُ المسألهْ
مُذْ كانَ أمري مُشرقٌ = فالعشقُ عندي زلزلهْ.
(3)
فليُشرقُ الطّلعُ الجميلُ الآنَ من أيقونةٍ
كانت قديمًا شرنقهْ
تُعطي بريقًا خاتمَ المُلكِ الّذي هزّ التُّقى
مثل النّدى في رونقهْ
والْهُدهدُ المشنوقُ كذّابٌ ولا يدرِي نبا
والعرشَ ليلاً يسرقهْ
هذا بياني فاسمعُوني أيْ بني أُمّي أنا
بَلْقيسُ بحرٌ أعشقهْ
فيها على لوني بقايا مُهجةٍ من سوسني
فيها بقايا مشنقهْ
أَتْرِعْ كؤوس الحاكمينَ الآنَ بردًا وانتقي
رمحًا ثقيل المطرقهْ
واطرقْ حديدَ العينِ تأتيكَ التي من ملّتي
كالشّمسِ دومًا مُشرقهْ.
(4)
بَلْقيسُ فوق العرشِ نادتْ خيلَها
واختارَ كلُّ الحاضرِ
رُمحًا وسيفًا أعجبهْ
مِنْ خصرِها فاضتْ رُبى أموالها
وانجابَ سدلُ العاطرِ
مَنْ يا تُرى قد أغضبهْ
تَمشي على مهلٍ تُراضِي بَعلها
جبرًا لماء الخاطرِ
والهجرُ حتمًا أتعبهْ
قالتْ حبيبي قد أتى فجرًا لها
وارتابَ أمرَ الماطرِ
قالتْ قصيدًا أكتبهْ
هذي بلادي مثل حالي حالها
فاخطفْ طريقَ العابرِ
وافتحْ طريقًا أركبهْ
واسفحْ دَمِي لا أشربهْ.
د. السيد عبد الله سالم
المنوفية – مصر
8 أبريل 2012