أكثر الأشياء عمرا هي الأفكار فهي منذ أن تولد وتحدث الوجع الأليم في ذات الإنسان وعندما تتجسد أطرافها وحواشيها وملامسها تمتلئ دما حارا اوباردا إما أن تعود وتختبئ في الداخل خوفا من هول الإعصار وإما أن تخطو خطوتها الأولى الى النور فتتلقفها المقصات والمشذّبات و المهذّبات والأسوار أو تحبس داخل ورق يدفنه الغبار فتغدو في غيبوبة بسبب ضيق النفس هناك لكنها تظل تعيش ولو أكل الأوراق فأر
والأفكار تولد لتبقى لتبقى تُستَنْسخُ لكنها لاتموت أليست هي من سيحاسبنا عليها الواحد القهار
لذا علينا أن نبحث لها عن منبت فيه خصب وثراء ونماء فيه تترعرع وتورق وتطرح الثمار وأخصب أرض لها هي الآخر يلتقطها ويرويها من دمه ودمعه ومن ساعده ومنها يشيد قراره عاليا لايخشى عليه انهيار وإن انهار فإن صخور كما الآثار تذكر الورى بأنها كانت سيدة الديار
ولكن ليس كل ماتنتجه عقولنا أفكار فبعضه وهم فكرة يوءد بعد ثوان و بعضها ما إن يمضي النهار وبعضها نشعر أنه ليس منا فنلفظه فتختنق بنكراننا لها وتنتحر أمام عيوننا ونعلن رجولتنا وبطولتنا وسعادتنا وونقاءنا بقتلها مع سابق إصرار ولكن لانكرمها بدفن فتظل جيفة تزكم الأنوف
وقد تمر في طريقك إلى أي مكان على آلاف الجيف كل نهار طعنها أصحابها في مقتل ونثروها على قارعة الطريق وعلى الجدران وعلى أبواب المقاهي و والحدائق والمنتزهات أاسيجة المدارس وشفاه الصغار
ويلتقط البعض بعضها لينفث فيها من روحه ويسوي منها صنما يُعَبد دون الله منشئ الليل والنهار
البشير عجالة في 26/12/2010
ساحة النقاش