إستجابة لرغبات الملايين العراقية الجائعة من غير حصة تموينية، ولا تعيينات أو وظائف.. الملايين التي تعيش في ظلام دامس وتنجز أعمالها على ضوء (اللالة) التاريخية، وتدفع حر الصيف القائظ بمهفات السعف التي تعيد للذكريات أيام الحضارة السومرية وما قبلها، وتعاطفا مع عشرات الآلاف من السجناء ممن ينعمون بأقصى درجات الرعاية في سجون دولة الفافون.. واستجابة لطلبات وصراخ ولافتات الآلاف من المتظاهرين في ساحة التحرير وجميع المحافظات العراقية.. فقد قدمت حكومة نوري المالكي هذا اليوم واحدة من أعظم إنجازاتها التاريخية، والتي ستنقل العراق الى مصاف الدول المتقدمة.. وذلك بإنجاز ثاني أكبر دولاب هواء في العالم العربي ونصبه في حديقة الزوراء.. والذي لم يكلف الحكومة العراقية (بعد خصم العمولات والرشاوي) أكثر من 6 ملايين دولار فقط لا غير..!
إن اختيار فكرة (دولاب الهواء) بدلا من بناء المساكن أو توظيف العاطلين أو توفير مواد الحصة التموينية أو بناء مولدات كهربائية لهو اختيار غاية في الدقة وينم عن عبقرية التفكير لدى حكومة (دولاب الفافون).. واليك بعضا من جوانب الحكمة العظيمة وراء اختيار هذا المشروع:
1. عندما تكون في ثاني أعلى دولاب الهواء في العالم العربي، فسوف تستمع بفرصتك الوحيدة لرؤية شوارع بغداد ومنازلها من خلف ألف كيلومتر من الحواجز الكونكريتية التي حولت بغداد الى أكبر سجن في العالم بلا منافس ولا منازع..
2. اذا كنت تخاف من المفخخات والعبوات والكواتم، فأفضل إجراء يمكنك أن تفعله هو أن تصعد في دولاب الهواء العظيم، وعندما تكون في أعلى نقطة أخرج (البلايس) من جيبك واقطع الأسلاك لكي يتوقف الدولاب عن الحركة.. فأن تموت جوعا وعطشا في دولاب الهواء خير لك من أن تتحول الى أشلاء متناثرة في شوارع بغداد..!
3. من المؤكد أنك تعرف من دروس الفيزياء أن درجات الحرارة تنخفض في طبقات الجو العليا، لذا وبدلا من أن تلعن المالكي ومن أتى به عندما تنقطع الكهرباء وتتوقف المبردة في فصل الصيف، كل ما عليك أن تفعله هو أن تتوجه الى دولاب الهوا وتستمتع بنسيم الهواء العليل.. هذا اذا لم يكن انقطاع الكهرباء يشمل حديقة الزوراء نفسها..!
4. اذا فكرت كثيرا في العراق فسوف تموت هما وغما وكمدا.. لذا جاء هذا المشروع العملاق لكي (يدولب) حياتك صعودا ونزولا ودورانا حتى (تدوووووووووخ) فتنسى هموم الدنيا، ولن تفكر بعد ذلك بالاعتراض على المالكي أو غيره.. وقد أثبتت التجارب العلمية الفستقية أن أفضل وسيلة لقمع التظاهرات بطريقة سلمية هو الصعود في دولاب الهوا مرات متعددة.
5. ولمن يدعي أن حكومة المنطقة الخضراء بعيدة عن هموم الشارع العراقي، فسوف يمكنك من دولاب الهواء العملاق أن ترى المنطقة الخضراء بأكملها، وربما سيمكنك التعرف وأنت في أعلى الدولاب على (ابراهيم الاشيقر الجعفري) من صلعته المتوهجة، أو على النائبة أم الروبة مها الدوري (هذا اذا ميزتها عن الغراب من بعيد) .. ولا بأس من صرخة قوية أو شتيمة تطلقها صوب المنطقة الخضراء، لأن الدولاب مصمم ليحقق أعلى درجات الديمقراطية ..!
تخيلوا كل هذه المنجزات لم تكلف الخزينة العراقية أكثر من 6 ملايين دولار فقط لا غير.. صحيح كان بالامكان أن نبني بها 6 مولدات كهرباء تكفي كل منها لتغذية 1000 منزل طوال العام دون انقطاع.. أو تعيين 1000 عراقي بمرتب 500 دولار شهريا لمدة سنة كاملة.. أو بناء 6 مدارس نموذجية من الطراز الأول.. لكن حكومة المالكي أكرم علينا من أن نشغل أنفسنا بماء وكهرباء ومدارس وغيرها من ترف الحياة الدنيا .. فلننطلق جمعا الى حديقة الزوراء ونغني: (دولاب دولبني الوكت دولاب...)..!
** ملاحظة: شوهد عدد من المتظاهرين هذه الجمعة وهم يهتفون (منريد دولاب الهوا.. انطونه حصتنا)
