لم نكن نشك يوما أن جميع أتباع الأحزاب الطائفية في العراق وغيره هم عبيد لمراجعهم ومعمميهم، يسيرون عميانا وفق رغباتهم وأوامرهم وإن كانت غاية في السخف.. لكننا لم نكن نتخيل أن هناك شرائح من شعبنا تؤثر الغباء على الحكمة، وتفضل الاستعباد على الحرية، وتعشق الجهل على حساب المعرفة.. كما يفعل اليوم أتباع ما يدعى بالتيار الصدري..!
فعندما خرجت مظاهرات الجماهير العراقية الحاشدة مطالبة بتحسين الخدمات، ومحاسبة الفاسدين، وبالحصة التموينية، وبتوفير الكهرباء.. جلس أتباع التيار الصدري في بيوتهم راضين بسوء الخدمات، وبالأمراض تنخر أجسادهم، وبالظلام يلف مساكنهم، وبالفساد يأكل ثروتهم..! وعندما صرخ المتظاهرون مطالبين بإطلاق المعتقلين الأبرياء، ووقف التعذيب في السجون، صمت اتباع التيار الصدري عن معتقليهم، ورضوا لأنفسهم ولأبنائهم وأهلهم الذلة والهوان.. رغم أنهم يصرخون في كل مسيرة حسينية (هيهات منا الذلة)..!
وعندما ظننا أن أتباع التيار الصدري غارقون في نومتهم مسرورون بـ(طياح حظهم)، إذا هم ينتفضون فجأة ويملأون شوارع بغداد صورا وأعلاما ولافتات.. ولكن لماذا؟ ودفاعا عن أية قضية؟ ومطالبة بأية حقوق؟!
استيقظ التيار الصدري فجأة وانتفض لأن شيعة البحرين يتعرضون للاضطهاد.. أما ما يتعرض له أبناء العراق جميعا من اضطهاد يومي، وما تغص به معتقلات المالكي من عشرات الآلاف من المعتقلين، وما يتعرض له السجين العراقي من تعذيب وحشي تشيب له الولدان.. فهو لا يعنيهم..! لماذا؟ لأن إلههم الأعلى وربهم الأكبر وصنمهم الأوحد السيد مقطاطة قد أفتى بذلك..!
لا أعرف كيف يغمض شخص عاقل عينيه عن كارثة ومصيبة تصيب أهل داره، وعن موت محقق يتعرض له شعبه ووطنه، ثم يصرخ ويندد ويشجب ويستنكر ما يفعله الآخرون، حقا كان أم باطلا..! لقد تفوق أتباع التيار الصدري بكل جدارة على عبدة الأوثان ممن قرأنا عنهم في أيام الجاهلية، فعرب الجاهلية رغم شركهم كانوا أصحاب شعر وأدب ونخوة وحمية.. وبرز منهم العقلاء والحكماء والأدباء.. فلا ندري ماذا أنتج لنا تيار عباد الصدر من ثقافة سوى ثقافة القتل والتنكيل والسرقة والخسة والنذالة والعمالة..
يعيش شيعة البحرين.. يسقط شيعة وسنة العراق.. يعيش المالكي وأحمدي نجاد.. يسقط ملك السعودية.. يعيش خامنئي ويسقط خليفة..! يعيش الآخرون.. يسقط العراق..! هذه هي شعارات التيار الصدري الذي جمع بين الحماقة والغباء..! ولكن خلف مثل هذه التظاهرات مخططا فارسيا ماكرا يريد إنقاذ المالكي ونجاد من غضبة شعوبهم المتنامية، ويريدون حرف مسيرة التغيير المتواصلة في أوطانهم بصرف أنظار شعوبهم الى (مظلومية) شيعة البحرين حقا كانت أم باطلا..
لكن شعوبنا أذكى من ذلك، ورياح التغيير لن يقوى على إيقافها معمم أو عميل، وسوف تقتلعهم جميعا من جذورهم، وأخيرا نقول الحمد لله جلت قدرته أن تيار عباد الصدر لم يخرجوا في مظاهرات الغضب الشبابية ولم يشوهوها صورتها الناصعة بقذاراتهم الطائفية..