أولاً: من هو التلميذ الخجول:
التلميذ الخجول في الواقع تلميذ مسكين وبائس يعاني من عدم القدرة على الأخذ والعطاء مع أقرانه في المدرسة والمجتمع، وبذلك يشعر بالمقارنة مع غيره من التلاميذ بالضعف، و التلميذ الخجول يحمل في طياته نوعاً من ذم سلوكه لأن الخجل بحد ذاته هو حالة عاطفية أو انفعالية معقدة تنطوي على شعور بالنقص والعيب وهي لا تبعث على الارتياح أو الاطمئنان في النفس.
(الجبلي، 2005، ص14).
ولعل أهم أضرار الخجل أن التلميذ الخجول لا يندمج في الحياة، فلا يتعلم من تجاربهم وذلك لأنه يمتنع عن الاشتراك مع أقرانه في مشاريعهم ونشاطاتهم، بل يتسم بالجمود والخمول في وسطه المدرسي ويتجنب الاتصال بغيره من الأقران، كما لا يرتبط بصداقات مستديمة بل ينفر من كل من يوجه إليه أي نقد، ولذلك يكون محدود الخبرات لدرجة قد يصبح معها عالة على نفسه وعلى مجتمعه لبعده عن الغير وانطوائه على نفسه. (جرجس، 1996، ص56-57).
ثانياً: أسباب الخجل:
هناك أسباب عديدة ومتنوعة يمكن حصرها فيما يلي:
* الوراثة: حيث تلعب الوراثة دوراً كبيراً في شدة الخجل عند التلاميذ ، فالجينات الوراثية لها تأثير كبير على خجل التلميذ أو عدمه، فالخجل يولد مع التلميذ منذ ولادته، وهذا ما أكدته التجارب حيث أن الجينات تنقل الصفات الوراثية من الوالدين إلى الجنين، و التلميذ الخجول غالباً ما يكون له أب يتمتع بصفة الخجل. وإن لم يكن الأب كذلك فقد يكون أحد الأقارب كالجد أو العم، إذاً التلميذ يرث بعض صفات والديه. (الجبلي، 2005، ص61).
وهذا الأمر أكدته دراسة ليوبتز ( 1980) كان الهدف من هذه الدراسة التعرف على العامل الوراثي العضوي في تكوين الخجل عند التلميذ حيث قام الباحث بإجراء مقارنة بين التوائم الحقيقية تتشارك بنسب كبيرة مع بعضها البعض في العديد من مظاهر الخجل ,إذ قورنت مع التوائم غير الحقيقية كالتوتر والارتباك والرجفة أثناء تناول الطعام مع الغرباء والقلق حيث يكون الإنسان محط أنظار الآخرين أو في موضع مراقبة من أهله أو الناس الآخرين أثناء العمل أو القراءة أو التحدث في أي موضوع كان لهذا أكد الباحث على العامل العضوي الوراثي في تكوين الخجل (مجموعة من المؤلفين ,1982 ,ص 224 )
* التأخر الدراسي: كثيراً ما يكون التأخر الدراسي من المسببات القوية للشعور بالنقص وضعف الثقة بالنفس وبالتالي الخجل، ولكن ليس معنى ذلك إطلاقاً أن كل تلميذ صغير أو كبير خجول متأخر دراسياً، فكثير من أوائل التلاميذ يعانون من الخجل والشعور بالنقص ولكن لأسباب أخرى. (جرجس، 1996، ص61).
* مركب النقص وخجل التلميذ: يعاني بعض التلاميذ من مشاعر النقص نتيجة نواقص جسمية أو عاهات بارزة تساعد على أن ينشئوا خجولين ميالين للعزلة، ومن هذه النواقص والعاهات البارزة ضعف البصر وصعوبة السمع، أو التأتأة واللجلجة في الكلام، أو الشلل الجزئي، أو العرج، أو السمنة المفرطة، أو طول القامة المفرط، أو ظهور البثور في الوجه، وما إلى ذلك من الظواهر الشاذة، كما قد يعاني بعض التلاميذ من الخجل نتيجة مشاعر النقص الناتجة عن أسباب مادية ككون ملابسة رثة لفقره، أو لهزال جسمه الناتج عن سوء التغذية، أو لقلة ما بيده من مصروف يومي، أو لنقص في أدواته المدرسية وكتبه، كما قد يعاني التلميذ من الخجل نتيجة إشعار البيئة له بالنقص لعدم وسامته، أو عدم تناسق تقاطيع وجهه وسوء منظره، أو لضعف قدراته العقلية وتحصيله في المدرسة. (جرجس، 1996، ص60).
والتحول الشديد كثيراً ما ينشأ عنه شعوراً بالسقم وشعور بالضعف وهو مبعث خوف ووسواس، وبالتالي مبعث للخجل، ومتى نشأ الفتى نحيلاً تحوطه العيون الخائفة وترأفه الأم المدللة. (خليفة، 1978، ص44).
* الشعور المرهف الهش: واللهفة إلى رأي الناس في صاحبه فهو يريد أن يعجبوا به وهو يريد أن يسمع عبارات الاستحسان ينطق بها الجميع، وهو يريد أحكاماً صالحة كلها تشيد بمناقبه وتصرفه وما يعمل وما يقول، هو لا يرضى بديلاً عن الثناء والإطراء، وهذا الحرص الشره من شأنه أن ينمي في قرارته شعوراً بالحذر والخوف والترقب، ينتهي إلى تمخض نفسه عن خجل يبدأ في غفلة ويقوى ويصبح مداً جارفاً. (خليفة، 1978، ص45).
* الغربة: إن ينتشر الخجل بين التلاميذ المغتربين مع أهلهم، أو الذين يتنقلون كثيراً طلباً للعيش من مدينة إلى أخرى فتفتقد التلاميذ إقامة علاقات مستمرة. (باشا، 2005، ص99).
* أسلوب التربية كسبب للخجل: إن نشأة التلميذ تجعله ينشأ خجولاً ومن أساليب التنشئة الخاطئة التي قد يتعرض لها في المنزل أو في المدرسة: (الشربيني، 2001، ص57).
1- مخاوف الأم الزائدة: قد تخاف الأم على طفلها إلى درجة تؤدي لمنعه من الاختلاط واللعب مع الأطفال الآخرين، خوفاً عليه من تعلم بعض السلوكيات الغير طيبة، أو تعلم بعض الألفاظ غير المهذبة وغير اللائقة، فيصبح الطفل منطوياً خجولاً يفضل العزلة والانطواء، ويخشى من الاندماج في أي لعبة مع الأطفال الآخرين. (الجبلي، 2005، ص15-16).
2- الأب ودوره في خجل أبنائه: قد يعتقد الأب خطأً أن دوره في سنين حياة الطفل الأولى أقل أهمية عن دور الأم ومن ثم قد ينشغل في عمله ويقضي معظم وقته بعيداً عن المنزل، والحقيقة أن دور الوالد كبير في تنمية شخصية أبنائه، فعن طريقه يتعلم الصغار أنماط السلوك الاجتماعي الذي يميز الذكور في المجتمع فوجود الأب واتصاله العاطفي المباشر بابنه الصغير يجعل الطفل يقلده بطريقة شعورية أحياناً ولا شعورية أحياناً، فيتعلم بذلك الولد قد يقلد أمه أو أخواته البنات أو قد يحجم عن هذا التقليد ولكنه لا يتعلم أسلوب الذكور ومن ثم ينشأ خجولاً غير قادر على مجاراة أقرانه من الأولاد أو الشبان، فكلما كان الأب قريباً من أولاده وكلما كانت الحياة الأسرية سعيدة وموفقة نشأ الابن واثقاً من دوره مقلداً لوالده، غير خجول من ممارسة حياته بأسلوب سوي. (جرجس، 1996، ص57-58).
3- نموذج الوالدين: إن الأبوين الخجولين غالباً ما ينتجان أطفالاً خجولين أو يؤدي إلى مزيج من وراثة لاستعداد الخجل والعيش مع نماذج من الراشدين الخجولين. (الجبلي، 2005، ص18-19).
4- عدم تعويد الطفل على الاختلاط بالآخرين.
5- الحرمان من أحد الوالدين أو كليهما. (باشا، 2005، ص99).
6- التدليل المفرط من جانب الوالدين للطفل: ومن مظاهر هذا التدليل المفرط عدم سماح الأم لطفلها بأن يقوم بالأعمال التي أصبح قادراً عليها وذلك من قبيل الشفقة والرحمة للطفل، كما أن عدم محاسبتها له حينما يعد أثاث المنزل أو يتسلق المنضدة، أو عندما يسود الجدار بقلمه، فالمعاملة المتميزة والدلال المفرط للطفل إذا لم يقابلهما نفس المعاملة خارج المنزل، سواء في الشارع أو الحي أو النادي أو المدرسة، غالباً ما يؤدي ذلك إلى شعور الطفل بالخجل الشديد.
7- فقدان الشعور بالأمن والطمأنينة وإلى إتباع الوالدين أساليب عشوائية في تربيته: كاستخدام أساليب القسوة واللوم المتكرر والشدة الزائدة على الطفل في أن يكون مهذباً، والإفراط في توجيهه وإرشاده، أو نبذه بالقول أو بالفعل أو إهماله وعدم الاكتراث به، أو عدم الثبات في معاملته والتأرجح تارة بين الحزم غير العنيف وتارة التعاطف والتساهل جداً أو العقاب بعنف.
8- ممارسات والديه خاطئة: كما في معاملة الطفل (الذكر) أو الوحيد وكأنه بنت (كإطالة الشعر أو مخاطبته وكأنه أنثى).
9- النقد والإغاظة: نقد الآباء الكثير لأطفالهم سواء على نحو واضح أو خفي والبحث عن أخطائه والسخرية من عيوبه والإكثار من توبيخه وتأنيبه وتصحيح أخطائه بأسلوب قاس وعلى نحو متكرر وخصوصاً أمام الآخرين.
10- عدم الميل: فبعض الآباء يظهرون بشكل واضح نقصاً في الاهتمام أو العناية بأطفالهم بسبب قناعتهم أن ذلك يساعد الأطفال على تنمية استقلاليتهم فبدلاً من ذلك قد يؤدي عدم الاهتمام إلى شخصية خائفة خجولة. (الجبلي، 2005، ص17-18).
ثالثاً: انتشار الخوف الاجتماعي (الخجل):
تدل الدراسات أن حالات الخوف الاجتماعي واسعة الانتشار، وربما يكون انتشارها أكثر في بعض المجتمعات مقارنة بمجتمعات أخرى، حيث تلعب العوامل الثقافية العامة والتربوية واختلافها بين المجتمعات دورها في تفسير ذلك الاختلاف، تدل دراسات ميدانية أمريكية بشكل عام أن حوالي 1/200 من الناس في المجتمع الغربي لديهم حالات الخوف الاجتماعي الشديد وحوالي 3-4 أضعاف ذلك لديهم حالات متوسطة وخفيفة وتنتشر حالات الخوف الاجتماعي في المجتمع بشكل متقارب بين الذكور والإناث وأما في مجموع المرضى المراجعين للعيادات النفسية، فإن نسبة الذكور هي أعلى بكثير من نسبة الإناث، ويعود ذلك إلى العوامل التي تساعد الإنسان على طلب العلاج والذهاب إليه والقدرة على تخطي الحواجز النفسية والاجتماعية والاقتصادية، وتدل الدراسات العيادية أن حالات الخوف الاجتماعي تنتشر أكثر في الطبقات المثقفة والميسورة مادياً وقد يرتبط ذلك بالقدرة على طلب العلاج وتوفر الإمكانيات المعنوية والثقافية والمالية وغير ذلك.
وفي المجتمعات النامية ودول العالم الثالث ربما يكون انتشار حالات الخوف الاجتماعي أكثر، وقد يعود ذلك إلى أن أهمية الفرد وآرائه وفرص التعبير عن ذاته هي بشكل عام أقل بروزاً واحتراماً مقارنة مع المجتمع الغربي، كما أن النظرة السائدة هي جماعية أكثر منها فردية، وتشير ملاحظات العديد من الأطباء النفسيين والأخصائيين النفسيين وغيرهم في الدول العربية والإسلامية إلى أن حالات الخوف الاجتماعي منتشرة وربما بنسب أكبر من الدول الغربية، وأن نسبة حالات الخوف الاجتماعي حوالي 8-13% ومن التفسيرات المناسبة:
أنه ربما يكون لاختلاف طبيعة المجتمع الغربي حيث يمكن للفرد أن يعيش حياته معزولاً نسبياً دون أن يحتاج إلى أن يلتقي بالآخرين وهكذا لا يتعرض المرء للإحباطات الكثيرة لأنه يخاف من مواجهة الناس، أما في بلادنا فإن الوضع مختلف الفرد يشعر بضرورة الاقتراب من الناس وأن لا يمتنع عن الزيارات أو استقبال الآخرين لأن ذلك أمر أساسي في ثقافتنا وديننا الإسلامي، وهذا ما يزيد حدة الصراع الداخلي والشعور بالتوتر والقلق والمعاناة، وربما يؤدي التغيير السريع في أساليب الحياة والعمل إلى الشعور بالقلق والخوف وعدم القدرة على المواجهة، فأساليب التربية القديمة تتميز بحفظ المعلومات عن طريق الصم والتلقين إضافة إلى العقاب الشديد والحرمان والتوبيخ أمام الآخرين، وربما يلعب الخضوع لسنوات طويلة من الاستعمار دوراً في ظهور القلق الاجتماعي إضافة إلى انتشار القيم الزائفة مثل الاهتمام بالجمال عند اختيار الزوجة، مما يجعل الفتيات الأقل جمالاً عرضة لمشاعر النقص الشديدة والخجل عند مواجهة الناس، وتتميز الدول العربية الإسلامية بزواج الأقارب، وهذا يؤدي إلى ظهور العوامل الوراثية بشكل أكبر في الأبناء والبنات. (المالح، 1995، ص103-113).
وتأكيداً لما سبق فقد وجد حسان المالح في دراستاه عام (1987) التي أجريت في العيادات المختصة لمعالجة الأمراض النفسية في جدة ومركز الأبحاث في الرياض، وكان الهدف من هذه الدراسة التعرف على التفاوت والاختلاف في انتشار حالات الخجل والخوف الاجتماعي في المجتمعات المختلفة ومحاولة تفسيرها، حيث اعتمد الباحث لإجراء هذه الدراسات على القيام بإحصائية للمرضى والمراجعين لعيادات الأمراض النفسية ومركز الأبحاث، وقد أكدت هذه الدراسة أنه عدد حالات الخجل والخوف الاجتماعي عند المراجعين لتلك العيادات حوالي (13%) في المجتمعات الغربية وعندما قام الباحث بإجراء مقارنة بين أرقام دراسته مع أرقام دراسات كانت تجري في الولايات المتحدة الأمريكية توصل إلى أن: عدد حالات الخجل والخوف الاجتماعي أكبر من الدول الغربية وأكثر انتشاراً منها في المجتمعات العربية (المالح، 1995، ص52).
رابعاً: أشكال الخجل ومظاهره:
للخجل أشكال وهي:
* خجل مخالطة الآخرين: يأخذ الخجل في الأعم شكل نفور من الزملاء أو الأقارب وامتناع أو تجنب للدخول في محاورات أو حديث وتعمد الابتعاد عن أماكن تواجدهم وعادة يفضل الطفل الخجول أن يختلط بأطفال أصغر منه حيث لا يمثل مثل هؤلاء بالنسبة له أي إجهاد في التفاعل أو قيادتهم، وأحياناً يخالط أطفال يشبهونه في الخجل أو الانطواء، ويسهل على الطفل الخجول التعرف على من يشبهه في الخجل ويكون الحديث بينهم مقتضباً.
* خجل الحديث: يحبذ الطفل الخجول الالتزام بالصمت وعدم التحدث مع غيره، وتقتصر إجاباته على القبول أو الرفض أو إعلان عدم المعرفة للأمور التي يسأل فيها، ولا ينظر في الغالب إلى من يحدثه وربما أبدى الانشغال عندما يوجه له الكلام أو زائغ النظرات لا يحسن تنسيق ما يقول أو ربطه، بالرغم من أنه على علم بما يدور ويستطيع الرد إلا أن الغالب عليه هو التلعثم والضعف وهناك من الأطفال من يخجل أثناء الحديث عن بعض الموضوعات مثل الزواج.
* خجل الاجتماعات: وفي حالات نادرة يكتفي الطفل بالحديث مع أفراد الأسرة وبعض الزملاء في الحضانة أو المدرسة ويبتعد عن المشاركة في أي اجتماعات أو رحلات أو أنشطة رياضية.
* خجل المظهر: كأن يخجل الطفل عندما يرتدي ثوباً جديداً أو ارتداء لباس البحر أو الأكل في المطاعم العامة أو أكل بعض الأشياء البسيطة في الشارع أو حينما يقص شعره أو يغير طريقة تصفيفه، أو اللعب على مشهد من الكبار، أو عندما يأتي بحقيبة جديدة.
* خجل التفاعل مع الكبار: يخجل الطفل حينما يبدأ حواراً بينه وبين المدرسين، أو مدير المدرسة أو عندما يبتاع الطفل أشياء من البائعين، أو عندما يستقبل أصدقاء والده أو والدته أو عند إبلاغ بعض الأمور الكبار بناءً على طلب أحد الوالدين.
* خجل حضور الاحتفالات أو المناسبات: هناك من الأطفال من يخجل من حضور الأفراح أو أعياد الميلاد أو حفلات النجاح، ويكون تفضيل العزلة والابتعاد عن مواقع هذه المناسبات وعدم الانخراط فيها خير مبادرة بالنسبة له. (الشربيني، 2001، ص92).
وتختلف مظاهر الخجل من طفل لآخر حسب شدته، فالطفل الخجول جداً مسكين بائس يعاني من عدم القدرة على التعامل بارتياح مع أقرانه في المدرسة وفي المجتمع وهو يعيش منطوياً على نفسه منزوياً عن الآخرين وفي المناسبات والمواقف الاجتماعية يحاول الطفل الاختباء أو يتكلم بصوت منخفض وتظهر عنده أعراض الارتباك واحمرار الوجه والتلعثم، وإذا أجبر على المشاركة في المواقف الاجتماعية يصبح متوتراً، وربما يبكي ويصرخ ويرفض المشاركة ويصر على الاقتراب من الأهل والالتصاق بهم، وتستمر علاقة الطفل مع أهله بشكل طبيعي عادة، ولكن يغلب عليه السلوك الاعتمادي والطلبات الذاتية الكثيرة وأثناء الفحص النفسي لهذه الحالات نجد الطفل يصعب عليه أن يترك أمه أو أبيه ويجلس في غرفة الفحص منكمشاً ولا يقترب من الألعاب أو أوراق الرسم، وهو يفضل استعمال عدد قليل من الألوان في الرسم، ويرسم أشكالاً صغيرة وفي جانب صغير من الورقة عادة، وعندما يرسم بيتاً لا يضع له أبواب أو نوافذ. (باشا، 2005، ص98-99).
كما أنه بعد صعوبة يمكنه أن يتفاعل مع الفاحص وتكون كثير من اهتماماته في أمور الطعام وأدوات المطبخ إضافة إلى الرموز الأمومية والأطفال الرضع، وتظهر أيضاً لبعض الاتجاهات العنيفة والتحطيم والرسومات غير الواضحة. (المالح، 1995، ص65).
فقد وجد جودت عزت عبد الهادي وسعيد حسني في دراستهما التي أجرياها في عمان للتعرف على حالات الخجل عند الأطفال والمراهقين حيث وجد الباحثان أن الأطفال الخجولين عادة ما يكونون خائفين ولديهم ميلاً إلى تجنب الآخرين وليس لديهم ثقة بأنفسهم ومترددين ولا يستطيعون الاتصال بالآخرين وغير مبادرين أو متطوعين في المواقف الاجتماعية، ولديهم ميل للصمت ويخشون النظر في أعين متحدثيهم وقد لاحظ الباحثان أن فترات الخجل عند الأطفال ما بين (5-6) سنوات بحيث يكون لدى هؤلاء ميلاً إلى العزلة الاجتماعية، لذلك فهم نادراً ما يتلقون المديح الاجتماعي. (السبيعي، 2002، ص50-51).
خامساً: الاضطرابات المتعلقة بالخجل عند الأطفال:
أن النمو الطبيعي للطفل يتميز بمروره بعدد من المراحل، وهذه المراحل لها صفاتها المميزة من حيث تطور القدرات الجسمية والعقلية والسلوكية.
ويمر الطفل بمرحلة الخوف من الأشخاص الغرباء منذ الشهر السادس وحتى السنتين ونصف من العمر، وهذه مرحلة طبيعية وهذا الخجل هو حالة طبيعية في كثير من الأحيان ولا سيما في حالة لطفلة البنت، ويساعد المجتمع على ذلك حيث أنه يتوقع من الأنثى أن تكون أكثر سلبية وتحفظاً من الذكر، كما يتوقع من الذكر أن يكون أكثر انطلاقاً وجرأة واعتماداً على النفس وأكثر عدوانية أيضاً، وعندما يكون الخجل على درجة شديدة ومستمراً لستة أشهر على الأقل يمكن عندها أن نسميه اضطراباً نفسياً، ويسمى عند الأطفال بالاضطراب الاجتنابي (الهروبي) وهو أحد أنواع اضطرابات القلق عند الأطفال (اضطراب قلق الانفصال واضطراب القلق المفرط).
والاضطراب الاجتنابي الهروبي عند الأطفال يترافق عادة مع أعراض القلق العام والتوتر والمخاوف المتنوعة.
وتشكو شخصية الطفل من ضعف الثقة بالنفس وعدم القدرة على تحقيق الشخصية والدفاع عن النفس وبعض الحالات تستمر لفترات طويلة وبعضها الآخر يتحسن، وعندما يكون هذا الاضطراب شديداً ومتعمماً ومستمراً يمكن أن نطلق عليه اسم اضطراب الشخصية الاجتنابية الهروبية مما يعني أن الاضطراب سيأخذ شكلاً مزمناً وشديداً، وهناك كثير من الحالات التي تتحسن تلقائياً مثل اضطرابات القلق في مرحلة الطفولة. (المالح، 1995، ص61-65).
سادساً: المضاعفات المرافقة للخوف الاجتماعي (الخجل):
تترافق حالات الخوف الاجتماعي بعدد من المضاعفات، وقد بينت بعض الدراسات أن حالات الاكتئاب النفسي قد تصل إلى 50% في المرضى الذين يعانون من الخوف الاجتماعي، حيث أن الإحباطات المتكررة الناتجة عن الخوف لا سيما في مجال العمل أو العلاقات الاجتماعية تجعل الإنسان فريسة لمشاعر اليأس من النجاح.
وقد تبين أن الأشخاص الذين يدمنون على الكحول والأدوية المهدئة المنومة يوجد بينهم من يعاني من حالات الخوف الاجتماعي وهم يستعملون الكحول أو الحبوب المهدئة كي يستطيعوا مواجهة المواقف الاجتماعية العادية التي تسبب لهم الخوف والارتباك، وبعد فترة من الاستعمال يصبح عندهم حالة تعود وإدمان على هذه المواد الكيميائية.
وتترافق حالات الخوف الاجتماعي أيضاً باضطراب الشخصية ولا سيما الشخصية الاجتنابية الهروبية وأيضاً تكثر صفات الشخصية الاعتمادية والشخصية الوسواسية، وتتطور بعض الحالات الأخرى إلى درجة شديدة تؤدي إلى انحباس الإنسان في منزله وامتناعه عن القيام بأي نشاط اجتماعي، ويعرف ذلك باسم الاحتباس أو التقييد في البيت. (المالح، 1995، ص114-117).
سابعاً: آثار الخجل السلبية على التحصيل الدراسي للتلميذ:
الطفل الخجول غالباً ما يتعرض لمتاعب كثيرة عند دخوله المدرسة تبدأ بالتأتأة وتردده في طرح الأسئلة داخل الفصل وإقامة حوار مع زملائه والمدرسين، فينظر إليه الآخرون على أنه غبي، فالطفل الخجول يشعر دوماً بالنقص والدونية ويتسم سلوكه بالجمود والخمول في وسطه المدرسي والبيئي عموماً، وبذلك ينمو محدود الخبرات غير قادر على التكيف السوي مع نفسه أو مع الآخرين. (الجبلي، 2005، ص14).
وكما ذكرنا سابقاً (في الأسباب) كثيراً ما يكون التأخر الدراسي من المسببات القوية للشعور بالنقص وضعف الثقة بالنفس وبالتالي الخجل ولكن ليس معنى ذلك إطلاقاً أن كل تلميذ خجول متأخر دراسياً، فكثير من أوائل الطلبة يعانون من الخجل، وليس معنى التأخر الدراسي دائماً نقصاً في معتدل ذكاء الطفل فكم من طفل ذكي يتأخر دراسياً ليس لنقص في قدراته العقلية ولكن لأنه يعاني من القلق النفسي والانزعاج لأقل الأسباب والشعور بالتعاسة والألم. (جرجس، 1996، ص61).
وطالما أن مؤشر نجاح الفرد أو فشله في الأعمال والمهام هو التحصيل الدراسي للفرد ويلعب الدور الهام والرئيسي في تحديد مستقبله، فتحصيل التلميذ الدراسي هو الذي يحدد الفرع العلمي الذي سيدخله أو المهنة التي سيزاولها في المستقبل وأحياناً ترتبط مكانة التلميذ الاجتماعية بتحصيله الدراسي، فالتلميذ المتفوق يكون دائماً محبوب من قبل مدرسيه وأهله والناس الآخرين ولذلك يجب الاهتمام بالتلميذ وحمايته لرفع مستوى تحصيله، ولكن هناك بعض المشاكل والاضطرابات النفسية التي يعاني منها التلميذ قد تؤثر على تحصيله الدراسي.
والخجل إحدى هذه الاضطرابات التي قد تعيق تقدم التلميذ في المدرسة وبالتالي يتدنى مستوى تحصيله عن مستوى تحصيل زملائه ويتراجع عنهم، ومن المشاكل التي يسببها الخجل للتلميذ أثناء دراسته:
1- التأخر في القراءة: فقد ثبت أن القليل من حالات التخلف الهامة في القراءة ترجع في الأصل إلى الخجل وفقدان الثقة بالنفس، فكثير من التلاميذ الذين لا يستطيعون القراءة في المدرسة يستطيعونها على يد باحث رقيق وماهر. ففي دراسة أجراها أحد علماء النفس على تلاميذ خجولين أثبتت فيها أنه عالج طفل خجول وساعده ليبلغ في القراءة المستوى الذي وصل إليه رفاقه، ولكن عندما أعاد التلميذ إلى المدرسة ارتد عاجزاً عن القراءة ثانية مما أكد للباحث أن القدرة على القراءة ليست مجرد وظيفة آلية تكون أو لا تكون، أو أن الفرد يستطيع ممارستها بصرف النظر عن الظرف الذي يحيط به، لذلك اعتبر أنه أولى بالمسألة أن يكون سرها فيما يقوم بنفس التلميذ من انفعالات وجدانية وبخاصة الخجل والخوف لا أن يكون مرجعها نقص آلي وطبيعي ولذلك يجب التعامل مع التلاميذ الخجولين برفق ولين أثناء تعلم القراءة حتى نخلق الثقة بأنفسهم وقدراتهم. (المالح، 1995، ص322).
2- مشكلة الغياب وعدم الانتظام في المدرسة: يعد الغياب المتكرر عرض من أعراض المشاكل التي ترتبط بشخصية التلميذ الخجول وعلاقاته الأسرية والمدرسية وكذلك نجد أنها إحدى مسببات التخلف الدراسي، فعدم انتظام التلميذ في المدرسة وكثرة غيابه عامل يحدد مستقبله، فخجل التلميذ وارتباكه وعدم تكيفه وانسجامه مع أقرانه سبب رئيسي في غيابه المتكرر. (مصطفى، 2003، ص22).
3- التخلف في الحساب: إن الأسباب الانفعالية ليست أقل شأناً من ضروب الضعف العقلية الفطرية في تخلف التلاميذ في الحساب وربما كان هذا أبين في الحساب من سواه، فبعض رجال البحث يشككون في القدرات العقلية من قيمة ويميلون للقول بأن التخلف في الحساب بغض النظر عن الحالات التي تأتي من نقص الذكاء العام يرجع في الواقع إلى جمود في الفهم سببه الخجل أو عدم الثقة بالنفس أو كلاهما، فالتميذ الخجول يهرب من الألعاب ومن القيام بالنشاطات وهو يحاول قدر الإمكان الانسحاب من الأشغال اليدوية والهندسية التي تساعده على تعلم الحساب بسرعة.
4- كره المدرسة ورفضها: قد يؤدي الخجل بالتلميذ إلى كره المدرسة ورفضها لأنها تمثل مصدر للخوف فهو لا يحب رؤية معلميه أو رفاقه أثناء الحصة الدراسية لأنه لا يستطيع المشاركة في الدرس ولا يستطيع المناقشة بالطريقة التي يتحدث بها رفاقه.
كل هذه الأسباب تؤدي إلى ضعف في التحصيل العلمي لدى التلميذ وانخفاض مستوى تعلمه مقارنة مع رفاقه وبالتالي ينعكس سلباً على المجتمع الذي يعيش فيه فيصبح عالة على ذلك المجتمع. (بوتر، 1973، ص125).
ثامناً: الوقاية من الخجل:
هناك العديد من الملاحظات العامة التي تساعد على الوقاية من حالات الخوف الاجتماعي يمكن استنتاجها من خلال معرفة الأسباب العامة والعوامل المؤثرة في نشوء هذه الحالات.
1- أهمية القيم الاجتماعية والأخلاقية التي تتعلق بكيفية تعامل الناس مع بعضهم البعض، يقول الله تعالى في كتابه العزيز: (لا يسخر قومٌ من قومٍ عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساءٌ من نساءً عسى أن يكن خيراً منهن) /سورة الحجرات، آية 11/ وفي الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم).
2- الاهتمام بجيل الشباب في مرحلة المراهقة بشكل خاص وتفهم ما يجري فيها من تطور في شخصية المراهق وقدراته والتعرف على قلقه واندفاعاته وآرائه وصراعاته، وضرورة تشجيعه على اكتساب المهارات اللازمة التي تساعده على ضبط النفس وتقوية الإرادة والعزيمة إضافة إلى التحصيل العلمي والعملي المتوازن وتنمية الهوايات المتنوعة والقدرات الاجتماعية.
3- الاهتمام بالأشخاص المعرضين للانطواء والقلق والشعور بالنقص، مثل المصابين بأمراض جسدية أو عاهات أو اضطرابات النطق، والتركيز على إعطائهم فرصاً أكبر في تحقيق شخصيتهم وتنمية قدراتهم الشخصية والاجتماعية.
4- ضرورة التأكيد على مواجهة المواقف الاجتماعية بدلاً عن تجنبها أو الابتعاد عنها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:, (المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير (أو أعظم أجراً) من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم)
نشرت فى 26 مارس 2013
بواسطة saaddahleb-keb
موقع: ثانوية سعد دحلب قصر البخاري *المدية*
سعد دحلب (1919 قصر الشلالة - 2000 عين نعجة، الجزائر[1]) من الشخصيات البارزة في الحكومة الجزائرية المؤقتة وأحد المسؤولين في الثورة التحريرية ضد الاستعمار الفرنسي للجزائر وفي الحكومة الجزائرية في السنوات الأولى للاستقلال.محتويات [أخف] نشأته ولد بقصر الشلالة (ولاية تيارت حاليا) سنة 1919، زاول دراسته في مسقط رأسه، بعدها انتقل »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
60,783
ساحة النقاش