<!--
<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-qformat:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin-top:0cm; mso-para-margin-right:0cm; mso-para-margin-bottom:10.0pt; mso-para-margin-left:0cm; line-height:115%; mso-pagination:widow-orphan; font-size:11.0pt; font-family:"Calibri","sans-serif"; mso-ascii-font-family:Calibri; mso-ascii-theme-font:minor-latin; mso-fareast-font-family:"Times New Roman"; mso-fareast-theme-font:minor-fareast; mso-hansi-font-family:Calibri; mso-hansi-theme-font:minor-latin; mso-bidi-font-family:Arial; mso-bidi-theme-font:minor-bidi;} </style> <![endif]-->
فى البداية ، كنا فى حالة غيبوبة مزمنة ، طالت مدتها، و لم نكن حتى لنفكر هل من فجر لهذا الظلام الدامس؟ هل من صدمة لهذا التخدير الدائم ؟ ظلم ،تعذيب ، فوضى ، خراب ...
إلى أن جاء هذا اليوم، يوم الثلاثاء ، الخامس و العشرين من يناير 2011 ، لم أكن على دراية كاملة بما سيحدث، أو لم أكن أهتم، سمعت كلام – و ظننته اشاعات- أن هناك مظاهرات فى ميدان التحرير لها بضعة مطالب، حتى لم أكن أعرف ما هى المطالب و لم أكن أريد أن أعرف ، مظاهرات تتكرر كثيرا و تمر مرور الكرام دون الإلتفات إليها – من قبل الشعب - و لكن عرفت بعد ذلك أن هناك فئة أخرى من المجتمع تلتفت إلى هؤلاء المتظاهرين ..
إلى أن جاء يوم الجمعة من نفس الأسبوع ، اسيقظت على أخبار غريبة من نوعها فى مصر، قتل، رصاص مطاطى ، قنابل مسيلة للدموع ، سحل ، شهداء .. أول مرة أسمع هذه الكلمات فى مصر ، مرصوصة جنبا إلى جنب ، الآن بدأت أصدق أن هناك شئ ما يحدث فى البلد ، ووجب على الاستيقاظ..
بدأت فى قراءة الصحف اليومية لمتابعة الأحداث و معرفة ما يحدث من البداية ، ما أجده راسخ فى ذهنى الآن هو بعض الكلمات التى ترددت كثيرا : عيش ، حرية ، خالد سعيد ، 6 ابريل ، عدالة اجتماعية ، تعليم ، ديموقراطية ، تسليم السلطة ... و غيرهم الآلاف من الكلمات ، و إن كنت لا أعرف أى معنى إلا كلمة "عيش" ..
بعد يوم الجمعة وما حدث فيه من سقوط قتلى و شهداء ، بدأت أشعر أن لكل منا – المصريين- دور فى إصلاح هذا البلد ، شعرت أن عقلى ينضج بعد فترة ركود طويلة و صدأ فى خلابا المخ لا نهاية له ، حتى إنى فكرت أن أنضم لإخوانى فى التحرير و أهتف ضد النظام ،خاصة وأن الهتافات بدأت تعلو ، والمطالب أخذت فى التصاعد ، فهم الآن يهتفون : ارحل !! ، هذه الكلمة التى أخذت ترج الميادين فى مصر ، رجت قلوب كل المصريين و أخذت تحمسهم على التفكير فى سياسة بلدهم ، و بدأت الأغانى الوطنية تتردد فى الإذاعات والتليفزيون ( مما أثار اندهاشى ، فلم يكن هناك وقت للإستماع إلى الأغانى العذبة ) ، ويبدو أن الناس قد ملت من هذه الأغانى ، فما هو إلا يومين ثلاثة ، وانطلقت أغانى الشباب فى الظهور ، ما أذهلنى أنهم أطلقوها بهذه السرعة ..و لكن بعد تفكير عميق و طويل ،قررت ألا أشارك فى هذه المظاهرات ، فالمحاولة لن تنجح ، و من يضيع هو الفقير اللى زى حالاتى ، بلاها مظاهرات ..
إلى أن تنحى الرئيس فى يوم .. لحظة أفتش عن التاريخ ..11-2-2011 ، الحقيقة ، ندمت أننى لم أتظاهر مع إخوانى فى التحرير ، فهم الآن يشعرون أنهم جزء من الإنتصار العظيم ، وأنا ... لا يهم ، إذا سألنى أحدهم ، سأدعى أننى نزلت إلى التحرير و رفعت الحذاء مع من رفعوا ، وهتفت "ارحل" .
بعد ال18 يوما ، قررت أن أتابع ما يحدث فى السياسة ، ربما أشتهر من اللعبة ، و أكسب ما يعيننى على العيش ، ولكنى لم أفهم شئ قط ! لم يسمع أحد الآخر ، ومن ينادى بالديمقراطية لا ينفذها ، فكل طرف من الأطراف لا يسمع ولا يريد أن يسمع إلا كلمته ورأيه ..
كنت أذهب إلى قهوة البورصة ، لأشترك مع النشطاء فى الحوار ، لعلنى أنجح فى الدفاع عن أبسط حقوقى فى الحياة الكريمة ، أو .. المعقولة ..
كنت أسمعهم يرددون كلاما لا عهد لى به ، حتى إنى لا أتذكره لأنى لم أكن أفهم معناه ، ماذا يهمنى أنا من الدستور أو الإنتخابات أو هذا الكلام ؟ لما لم أسمع أحدا و لو بالخطأ ، يتحدث عن العامل أو الفقير من القلب ! دون تركيب جمل معسولة منسقة لا تفهم إلا من خبير استراتيجى ؟! قررت أن أتحدث عن نفسى وأطالب بحقى ، فقمت و تكلمت بحرية و ثورية غير معهودة :
"هو ليه محدش بيبصلنا ؟؟ أنا ميهمنيش اللى انتوا بتقولوه ده ! ميهمنيش و مفهموش .. أنا أفهم كلمة واحدة بس من كل اللى انتوا ناديتوا بيه فى المظاهرات بتاعتكوا ..العيش !! هو أنا أما أجوع أنا وولادى ؟ هناكل الدستور بتاعكوا ؟ حطونا فبالكوا شوية بدل مانتوا بتقولوا كلام لا هيزود ولاهينقص .."
الجميع رمق لى بنظرة اشمئزاز ، ثم أداروا وجوههم عنى واستأنفوا حديثهم الغريب هذا ..
حينها تيقنت أن لا مكان لى بين هؤلاء الناس ، يجب أن أعود إلى بيتى ، أنتظر فرج الله ...