<!--
<!--<!--
كل شئ فى الحياة يصبح – تدريجيا – روتينا مميتا ، فتصبح الحياة لا معنى لها ، سجنا ، لا يستطيع أحد الهروب من أسواره ... النوم روتين ، فهو أمر ليس باختيارك ، و لكنه فرض على الإنسان ، ربما للهروب من الواقع ، ربما لإراحة الدماغ من صداع مزمن يطرق فيها ، ربما للإستيقاظ مبكرا لتأدية روتين آخر ، تتعدد الأسباب و لكنه فى النهاية روتين .. الأكل روتين ، حتى و إن كنت تأكل ما تحب ،ولكنه مفروض عليك اعتياده .. الحديث إلى الناس روتين ، فهو ربما ليس باختيارك الحديث إليهم ، و لكنه عادة و مفروض عليك حتى لا تتهم بالتوحد .. حتى أن أحيانا ما تكون العبادة والصلاة أيضا تصبح روتينا ، فربما هذا المصلى ، لا يدرى ماذا يتلى من آيات ، أو هذا المتعبد لا ينتبه لما يقوله فى مظاهر تعبده .. الروتين يسيطر على حياتنا ، حتى إن الموت أصبح روتينا !! فنجد السيدات المسنات منهم و من قاربوا على الشيخوخة ، يدخلون العزاء من هنا ، ثم يبدأون ب فرقعة القبلات ، و إلقاء السلامات ، و طلب القهوة – أحيانا ما تكون سكرها زيادة – و الغداء من هنا !! ربما هم يتبعون مبدأ "ياما دقت ع الراس طبول " ، و لكن ما يمكن أن نتوصل إليه ، هو أن هذه الطبول ما هى إلا ... روتين :)
وعلى نطاق أوسع ، نجد أن اتخاذ القرارات ، روتين ، فيقع صاحب الأمر فى الأخطاء لعدم رهبته من إتخاذه ، فقد اعتاد عليه.. و من ثم فتولد المعارضة ، إلى أن تصبح روتينا هى الأخرى ، والأصوات التى تعلو للإعتراض على هذه الأخطاء ، تصبح ضوضاء عبثية فاترة ، لا يكترث لها أحد ، إلى أن تصيرهى الأخرى روتينا . ومن هنا تأتى الثورات ، لتكسر هذا الفتور و البرود فى الأداء وتفسر للعالم ثرثرة المعارضين هذه ، فيحدث التغيير ... فقط بسبب كسر الروتين !!
قصرالكلام ... لما نترك الروتين يصدع حياتنا ؟ لماذا نفعل كل شئ لأننا يجب أن نفعله ، و لايوجد هدف معين لأى من هذه الأشياء ؟ قد يكون النوم لازما لاستقبال يوم جديد حافل بالأحداث المهمة ، قد يكون الأكل لازما لإتمام هذه الأحداث المهمة ، وليس فقط لتلبية نداء المعدة ، و قد يكون التحدث إلى الناس لنشر فكرة أو فهم موضوع أو قضية هامة قد تؤثر إيجابيا أو سلبيا ، و قد يكون الموت ، بمثابة تذكرة للناس بأن الحياة قد تنتهى فى لحظة ، لذا يجب أن يضيف –من هو على قيد الحياة- لسرته الذاتية ما قد نفع به الإنسانية ، ليست فقط الإضافى لحسابه فى المصارف البنكية ، وليس الموت وسيلة لالتقاء سيدتين قد فارقت بينهما الحياة بسبب العيال والشغل:) كما أن صاحب المسئولية الذى يتخذ القرارات ، يجب أن يشعر برهبة الطالب قبل امتحان الفيزياء فى الثانوية العامة ، و يجب أن ينتظر النتيجة من رعيته ، و يجب أن يكون الإعتراض موضوعى ، و على من يعارضوه أن يسمع وجهات النظر. .
ولكن، كل هذه الإقتراحات ، ما هى إلا فروض نظرية لا تطبق على البشرية ، مثل قانون الغازات المثالية ، لأنه أصلا لا يوجد غازات مثاليا .. بنفس الطريقة ، لا نستطيع كسر الروتين ، لأنه ببساطة ، روتين أن يكون هناك ... روتينا :)