جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
أكره الثورة الصناعية
السبب الرئيسي أنها جعلتنا جميعا نماذج مكررة لنفس الشخص ؛ نفس الملابس ؛ نفس الأكل ؛ نفس البيوت ؛ نفس .... نفس تفاصيل الحياة ..
و أكث ما أكره أن نمسخ فنصير " جملة " من المتشابهين ؛ و إن لم نختر نحن هذا التشابه أو ذاك الاختلاف ..
الثورة الصناعية هي المسئول الأساسي عن الإنتاج بالجملة فتشرب في بيتك في نفس الكوب الذي تشرب فيه سيدة في أقصى بقاع الأرض ؛ و ترتدي نفس الجينز و إن لم تحبه – فلم تأخذ فرصة كافية لتختاره أو تختار غيره – هكذا العالم كله يرتدي الجينز فكيف تشذ ؟!
الثورة الصناعية هي التي جعلت العالم كله يتجه لثقافة " الكم " : كم تنتج يوميا ؛ كم تمتلك ؛ كم تبيع ؛ كم تشتري ؛ ........ ؟؟؟
كم هي الأساس حتى التي تصنف على أساسه الدول كدول متقدمة أو متخلفة ؛ فهي متقدمة في معدلات النمو " الإقتصادي " أو متخلفة عن معدلات النمو " الإقتصادي " .. و لا بأس إن كان هذه المقياس يقيس في طياته نوعية الحياة و نوعية البشر الذين يعيشونها حيث فهمي للأمر أن الإنسان و نوعيته و بالتالي نوعية الحياة التي يحياها هي المقصد و المرمى من وجودنا نفسه . فكيف تتحول الأمور لكم دون كيف ؟ !
غير خاف على أحد ما فعلته أيضا هذه الحمقاء " الصناعية " من تسابق محمود على زيادة المبيعات ؛ فلم نعد تنتج المصانع ما يحتاج إليه البشر بالكم الذي يحتاجه البشر ؛ بل صارت المسألة حتمية زيادة الإنتاج و بالتالي زيادة المبيعات بل شكل و ووسيلة و طريقة و الناتج الطبيعي زيادة الاستهلاك الجنوني .. فلم نعد ننتج لأننا نحتاج بل ننتج لنروج و ن
و ربما نتعرف على إفرازات " حتمية الترويج " بما نعرفه جميعا من فكرة " الموضة " و التي لابد و أن تتغير من الصيف إلى الشتاء ؛ و من الربيع للخريف و من العام الحالي للعام التالي و هكذا ؛ فلابد أن اشعر الناس بصغر النفس إن لم يجاروا الموضة فهم صعاليك لا يعرفون شيئا عن الجمال البغيض أن أغلب ما يطلق عليه موضة غالباما يجافي الجمال الذي نعرف !
بالطبع إشعار الناس بصغر النفس لعدم مجاراة الموضة و إيهام الناس بأنهم يعيشون الفردوس و يتمتعون بنوعية راقية من الجينات التي تقدر الجمال ليس صدفة و لا هو حادث بالمصادفة ؛ إنما لكل لبيب أن يفهم كيف أروج لمنتجات أصنعها ليل نهار إن لم أقنع الناس بالطرق السلمية و غير السمية باقتناء ما أنتج ؟ !
و من الإرهاصات الطبيعية لحتمية الإنتاج أيضا أن أصنع ما يسمى " براند " " ماركة " ؛ فهناك " براند للأحذية و غيره للتي شيرت ؛ و غيره للملابس الداخلية و هكذا .. و بالطبع من يتخلف هن البراند فهو متخلف . ! و لا يحتمل الشباب فكرة أنه متخلف و لذا فلابد أن يقتني كل شىء "براند " .. و عن الأوساط الأقل قدرة مادية حدث و لا حرج فلا يجوز أن نتركهم نهبا للشعور بالتخلف ؛ لذا لابد أن يكون لهممصانع تتخصص في " ضرب البراند " و انتعاش الكثير من صناعات " تحل السلم " لعمل " كوبي " أي نسخة طبق الأصل .. و صرت لا تميز أصل من فصل و صار البشر جميعهم بنفس الشكل و نفس الطموح في اقتناء براند أو " هاي كوبي " من براند !
و انعكس هذا على حياة الأفراد مزيدا من البؤس لأنهم لا يملكون ؛ رغم أنهم لا يحتاجون المنتج نفسه و إنما يحتاجون مجاراة مالكي المنتج .و كم آفة أفرزتها هذه الظاهرة . فتسابق محمود على الامتلاك و تسابق محمود على جني مال و ممتلكات و تناسي مذهل بغيض لمعنى الحياة الحقيقي و تفاصيل السعادة فيها !
و التشبث بالقيم الحقيقة للإنسان و التي هي بطبيعتها قيم ما قبل الثورة الصناعية – صار أمر يصعب على الكثيرين . بل حتى الإنتباه لما ننجرف إليه - من بعد عن حياة حقيقية و قيم حقيقية و علاقات حقيقية – صار أمر يصعب على كثيرين أيضا ..
ترى هل تسعى معي للعودة لما قبل الثورة الصناعية ؟
نيفين عبدالله
مدير مركز أجيال للاستشارات و التدريب الأسري
ساحة النقاش