جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
كثير منا لا يجد هذا الرابط في عقله بين تطوير الزواج و تطوير الشخصية .. في حقيقة الأمر كلما أمكننا تحسين زواجنا يعني هذا أننا نعمل على تزكية أنفسنا و تطويرها " فكرا – شعورا – أخلاقا " ..
فنؤثر الآخر على أنفسنا ؛ و هذه تزكية ؛ نعطي الآخر من وقتنا و جهدنا و مالنا و هذه تزكية ؛ نتحرى الحق فيما نقول و نفعل مع الآخر و هذه تزكية ؛ نعتذر و نعود للصواب و هذه تزكية ..
و للحق فإن كل ما لفظته على أنه تزكية هو أيضا في حقيقة الأمر مهارة سواء عقلية أو مهارة إجتماعية أو مهارة وجدانية : فتحري الحق يحتاج عقل ناقد يتحرى الصواب ؛ يحتاج نزاهة و قلب عادل .. قدرتنا على العطاء مهارة وجدانية و خلق أصيل ؛ الحوار الإيجابي مهارة شخصية .. و هكذا كل ما نطلق عليه تزكية سنجد أنه في حقيقته أيضا مهارة و يتطلب مهارة و فعله ينمي قدرة و مهارة .
و أحسب أن هذه فكرة هامة جدا و رابط هام لابد أن نضعه في اعتبارنا .. فلا أدري لماذا ننظر لحياتنا كأجزاء لا رباط بينها ؛ أننا كل " واحد صحيح " و إذا نظرنا لأنفسنا على أننا واحد صحيح أمكننا الاستفادة جدا من كل ما يمر بمساحة من حياتنا لصالح المساحات الأخرى .
اعتبر الزواج مساحة لتدريب على أن تكون شخصا يرضي الله في علاقاته ؛ يتمتع بأخلاق جماعية .. و هو ما سيقوم بدوره بتطوير مساحات أخرى من حياتك فستجد أنك اكثر قدرة على التعامل مع الناس ؛ أكثر رضا عن نفسك ؛ أكثر ثقة في قدراتك على فهم البشر .. و الحقيقة أن العلاقات بين مساحات حياتنا تبادلية كما أشرت فكل مساحة تتطور تعود بالنفع على المساحات الأخرى.. فقط إن وعينا بذلك و فعلناه بقصد و نية.
فهذا الشريك ليس صنفا آخر من البشر يختلف عن هؤلاء الذين تسعى في حياتك لكسب ودهم و التفاعل معهم و الصبر عليهم .. فإن كنت تفعل ذلك في عملك و لا يمكنك في حياتك الشخصية فهناك عطب لابد و أن تبحث لتداويه ..و إن كنت تفصل شخصيتك مع الآخرين عن شخصيتك مع أهل بيتك فأيضا هناك عطب واضح يتجاهل فكرة : " خيركم خيركم لأهله .. " ؛ أو ربما عطب معذى بفكرة أن عملك لابد أن تحفظ علاقاتك به و إلا فقدت كبيرا ؛ و كأنك إن فقدت أهل بيتك لا بأس رغم أن أكبر خسائر العلاقات هي العلاقات الأسرية .. و من ينجح فيها ينجح فيما دونها من علاقات ..
فالنجاح في تجاربك لإنجاح علاقة الزواج ينمي لديك جميع ملكاتك الإجتماعية و الوجدانية و العقلية الأخرى فعلا فتجد نفسك أكثر قدرة على بناء علاقات مع آخرين و ايضا في مساحات أخرى في عملك و حياتك عموما ..
و لعلك تقل أن أصعب علاقة تبني هي علاقة الزواج ؛ اتفق معك و لهذا إن نجحت فيها قد تنجح فيما سواها . و هو ما ييسر لك نجاحات كبيرة في مساحات أخرى من حياتك حتى الحياة المهنية التي يظن الكثيرون خطأ أنها تختلف عن مساحات حياتنا الأخرى و هذا وهم زائف جدا ؛ فمهارات العمل – إن كانت مهارات حقيقية – نابعة من أخلاقك و معتقداتك و قيمك الداخلية فحتما ستجد نفس هذه المهارات و القدرات هي نفسها التي تيسر لك نجاحا في حياتك الأسرية .. فقط تعلم أن تنقل الخبرة و القدرة من مساحة لأخرى و لا تفصل بين مساحات حياتك فصلا يعيقك عن الاستفادةالكاملة من قدراتك لتطوير جميع مساحات حياتك .
خذ مثالا : فلتنظر لإنتاجيتك و نجاحك : إذا كنت ممن يمكنهم فهم طبيعة العلاقات و البناء في هذه العلاقات فأنت حتما من أنجح الناس و أكثرهم إنتاجية لعدد من الأسباب : لشبكة العلاقات التي تنمو من خلال قدرتك على بناء علاقات طيبة و هو مما تحتاجه فعلا لنجاحك . ؛ الراحة النفسة التي تجدها من وجود شبكة داعمة حولك ؛ التعلم الإجتماعي الذي تكتسبه من خلال الأشخاص الذين يمكنك بناء علاقات طيبة معهم ؛ الثقة بالنفس التي تأتيك لقدرتك على فهم الآخرين و تلبية احتياجاتهم و قربهم منك .. كل ما سبق نتاج القدرة على بناء علاقات جيدة و أولها علاقاتك الأسرية التي هي مجال التدريب الاصعب و الأوسع و الأولى ...
فابدأ التدريب ..
نيفين عبدالله
مدير مركز أجيال للاستشارات و التدريب الأسري
ساحة النقاش