* نظرات : لنصل آلان الى تتمة الموضوع أو القضية بأمل متابعتكم وموافاتنا بتعليقاتكم ومن ثم الوصول برؤية جماعية الى تجنب هذه الخطيئة والأخطاء الممهدة لتوفرها
----------------------------------------------
الوقاية :
إذا كانت الوقاية مهمة فى كل المشكلات والأمراض فإنها هنا تحظى بأهمية استثنائية , حيث أن وقوع زنا المحارم سوف يترك آثارا ربما يصعب تماما معالجتها , لذلك يصبح من الضرورى بمكان وضع الوسائل الوقائية التالية فى الإعتبار :
1 – الإهتمام بالمجموعات الهشة : مثل الأماكن المزدحمة والفقيرة والمحرومة , خاصة فى حالة وجود تكدس سكانى , أو أشخاص مضطربين نفسيا أو مدمنى خمر أو مخدرات . والإهتمام هنا يعنى اكتشاف عوامل الخطورة والعمل على معالجتها بشكل فعّال .
2- إشباع الإحتياجات : خاصة الإحتياجات الأساسية من مسكن ومأكل وملبس واحتياجات جنسية مشروعة , حيث أن المحرومون من إشباع احتياجاتهم ( خاصة الجنسية ) يشكلون مصادر خطر فى الأسرة والمجتمع , وهذا يجعلنا نأخذ خطوات جادة لتشجيع الزواج على كل المستويات بحيث نقلل – قدر الإمكان – عدد الرجال والنساء الذين يعيشون تحت ضغط الحرمان لسنوات طويلة كما هو الحال الآن . وطبقا للبيان الصادر عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء فإن حوالى تسعة ملايين مواطن تجاوزوا الخامسة والثلاثين دون أن يتزوجوا منهم حوالى ثلاثة ملايين ونصف المليون أنثى والباقى ذكور , فلنا أن نتصور مايمكن أن يحدث نتيجة لهذا الوضع غير الطبيعى حيث أنهم قضوا نيفا وعشرين عاما منذ أن دخلوا مرحلة البلوغ التى يبدأ فيها إحساس الإنسان بحاجة جديدة هى الجنس دون أن تتاح لهم الفرصة للحصول على الإشباع المشروع أى عن طريق الزواج ( دكتور / أحمد المجدوب 2003 , زنا المحارم , مكتبة مدبولى ص 171 ) . والمشكلة تتضاعف إذا عرفنا أن فى مصر خمسة ملايين شخص يعانون من البطالة , وهؤلاء العاطلون المحرومون من الزواج يتعرضون ليل نهار لمثيرات جنسية عنيفة فى البيت والشارع ووسائل الإعلام , وهم فى نفس الوقت يفتقدون الحاجز الأخلاقى الذى يمنعهم من تجاوز الحدود الدينية والأخلاقية .
3 – مراعاة الآداب العامة داخل الأسرة : مثل الإستئذان قبل الدخول , ومراعاة الخصوصيات فى الغرف المغلقة , والتفرقة بين الأولاد والبنات فى النوم , وعدم ظهور الأم أو البنات بملابس كاشفة أو خليعة تظهر مفاتن الجسد أمام المحارم , والتزام قدر معقول من التعامل المحترم بعيدا عن الإبتذال والتساهل . كما يجب تجنب المداعبات الجسدية بين الذكور والإناث فى الأسرة , وعدم نوم الأبناء أو البنات فى أحضان أمهاتم أو ابائهن خاصة بعد البلوغ .
وهذا يجعلنا نعود إلى الوصايا القرآنية فى قوله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم بعضكم على بعض كذلك يبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم * وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم .كذلك يبين الله لكم آياته والله عليم حكيم " ( النور 58 , 59)
وقوله تعالى : " قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن .... " ( النور 30 , 31 )
وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : علموا أولادكم الصلاة وهم أبناء سبع , واضربوهم عليها وهم أبناء عشر , فرقوا بينهم فى المضاجع "
4 – تقليل عوامل الإثارة : من تبرج فى البيوت أو الشوارع , ومن مواد إعلامية على الفضائيات أو قنوات أو مواقع إباحية تثير الغرائز وتخفض حاجز الحياء وتغتال حدود التحريم .
العلاج :
-
الإفصاح : إن أول وأهم خطوة فى علاج زنا المحارم هى تشجيع الضحية على الإفصاح وذلك من خلال علاقة علاجية مطمئنة ومدعمة من طبيب نفسى أو أخصائى نفسى أو اجتماعى . وقد وجد أن الإفصاح عن تلك تالعلاقة يؤدى فى أغلب الحالات إلى توقفها تماما لأن الشخص المعتدى يرتدع خوفا من الفضيحة أو العقاب , إضافة إلى ما يتيحه الإفصاح من إجراءات حماية للضحية على مستويات أسرية ومهنية وقانونية . وعلى الرغم من أهمية الإفصاح إلا أن هناك صعوبات تحول دون حدوثه أو تؤخره ومنها الخوف من العقاب أو الفضيحة , أو الإنكار على مستوى أفراد الأسرة , ولذلك يجب على المعالج أن يفتح الطريق وأن يساعد على هذه الخطوة دون أن يوحى للضحية بأشياء من تخيلاته أو توقعاته الشخصية , وربما يستدعى الأمر ( بل غالبا ما يستدعى ) تقديم اسئلة مباشرة ومتدرجة تكشف مدى العلاقة بين الضحية والمعتدى فى حالة وجود شبهات أو قرائن على ذلك . وتتفاقم المشاكل النفسية التى تصيب الضحية بسبب عدم قدرتها على البوح بهذا الأمر , فتكتم كل الأفكار والمشاعر بداخلها وتنكمش على نفسها , ومن هنا يكون العلاج بإعطاء الفرصة لها للحديث عن كل ما بداخلها مع تدعيمها ومساندتها وطمأنتها أثناء استعادة تلك الخبرات الصادمة ثم محاولة إعادة البناء النفسى من جديد بعد تجاوز هذه الأزمة .
-
الحماية للضحية : بمجرد إفصاح الضحية بموضوع زنا المحارم أو انتهاك العرض يصبح على المعالج تهيئة جو آمن لها لحمايتها من تكرار الإعتداءات الجنسية أو الجسدية أو النفسية , ويمكن أن يتم هذا بالتعاون مع بعض أفراد الأسرة الأسوياء , وإن لم يكن هذا متاحا فيكون من خلال الجهات الحكومية المتاحة . وقد يستدعى الأمر عزل الضحية فى مكان آمن ( دار رعاية أو مؤسسة صحية أو اجتماعية ) لحين بحث أحوال الأسرة ومعالجة ما بها من خلل ومراجعة قدرة الوالدين على حماية أبنائهما , وفى حالة استحالة تحقيق هذه الأهداف يحتاج الضحية لتهيئة مكان إقامة آمن لدى أحد الأقارب أو لدى أى مؤسسة حكومية أوخيرية . وفى حالات أخرى يعزل الجانى بعيدا عن الأسرة خاصة عند الخوف من تكرار اعتداءاته على أفراد آخرين داخل الأسرة , أو إذا كان مصابا بمرض يستدعى العلاج . وبعد الإطمئنان على سلامة وأمن الضحية علينا بذل الجهد فى محاولة معرفة ما إذا كان بعض أفراد الأسرة الآخرين قد تعرضوا لأى تحرشات أو ممارسات جنسية .
-
العلاج النفسى الفردى : ويقدم للضحية لمداواة المشاكل والجراح التى لحقت بها من جراء الإعتداءات الجنسية التى حدثت . ويبدأ العلاج بالتنفيس ثم الإستبصار ثم القرار بالتغيير ثم التنفيذ , وكل هذا يحدث فى وجود دعم من المعالج وفى وجود علاقة صحية تعيد فيها الضحية رؤيتها لنفسها ثم للآخرين ( خاصة الكبار ) من منظور أكثر صحة تعدل من خلاله رؤيتها المشوهة التى تشكلت إبان علاقتها بالمعتدى . والمعالج يحتاج لأن يساعد الضحية فى التعبير عن مشاعرها السلبية مثل الغضب وكراهية الذات والإكتئاب والشعور بالذنب وغيرها من المشاعر المتراكمة كخطوة للتخلص منها أو إعادة النظر فيها برؤية أكثر إيجابية . وكثير من الضحايا يصبحن غير قادرين على إقامة علاقات عاطفية أو جنسية سوية فيما بعد نظرا لإحاطة تلك الموضوعات بذكريات أليمة أو مشاعر متناقضة أو محرمة فيصلون فى النهاية إلى حالة من كراهية العلاقات الجنسية مما يؤدى إلى فشلهن المتكرر فى الزواج , وهذا كله يحتاج للمناقشة والتعامل معه أثناء الجلسات العلاجية . وربما يحتاج المعتدى أيضا إلى مثل هذا العلاج خاصة إذا كان لديه اضطراب نفسى أو اضطراب فى الشخصية أو احتياجات غير مشبعة أو كان ضحية للإغواء من جانب الضحية .
-
الوالدين : يتم تقييم حالة الوالدين نفسيا واجتماعيا بواسطة فريق متخصص وذلك للوقوف على مدى قدرتهم على القيام بمهامهم الوالدية , وفى حالة وجود خلل فى هذا الأمر يتم إخضاعهم لبرنامج تأهيلى حتى يكونوا قادرين على القيام بواجباتهم نحو أطفالهم , وفى حالة تعذر الوصول إلى هذا الهدف يقوم طرف ثالث بدور الرعاية للأطفال حتى لا يكونوا ضحايا لاضطرابات والديهم .
-
العلاج الأسرى : بما أن زنا المحارم يؤدى إلى اضطراب الأدوار والعلاقات داخل الأسرة لذلك يستوجب الأمر إعادة جو الأمان والطمأنينة وإعادة ترسيم الحدود وترتيب الأدوار والعلاقات مع مداواة الجراح التى نشأت جراء تلك العلاقة المحرمة , وهذا يستدعى جلسات علاج عائلى متكررة يساعد فيها المعالج أفراد الأسرة على التعبير عن أفكارهم ومشاعرهم وصراعاتهم وصعوباتهم , ثم يساعدهم على محاولة إعادة التكيف مرة أخرى على مستويات أفضل . وربما يحتاج المعالج لأن يقوم بدور الأنا الأعلى (الضمير ) لهذه الأسرة خاصة إذا كانت القيم مهتزة أو غامضة أو ضعيفة لدى هذه الأسرة , ويستمر هذا الدور إلى أن ينمو الجهاز القيمى داخل الأسرة من خلال توحدهم مع المعالج وقيمه , ويكون المعالج هنا رمزا للأبوة الصالحة أو الأمومة الرشيدة إلى أن يتعافى أحد أفراد الأسرة ويأخذ هذا الدور من المعالج ليحمى بقية الأسرة من السقوط .
-
العلاج الدوائى : ويقدم للحالات المصابة باضطرابات نفسية كالقلق أو الإكتئاب أو الإدمان أو الفصام أو الهوس . وهذا العلاج يمكن أن يوجه نحو الضحية أو نحو المعتدى حسب حاجة كل منهما .
-
النظر فى احتياجات أفراد الأسرة وكيفية إشباعها بطرق صحيحة : فوجود أفراد فى الأسرة يعانون من حرمان جنسى لفترات طويلة وليست لديهم علاقات أو نشاطات كافية تستوعب طاقتهم يعتبر عامل خطورة يمكن أن يؤدى إلى مشكلات جنسية داخل الأسرة , ومن هنا يأتى التشجيع على الزواج لأفراد الأسرة غير المتزوجين , أو إصلاح العلاقة بين الزوجين المبتعدين عن بعضهما لسنوات ( حيث لوحظ زيادة احتامالات تورط الزوج المحروم جنسيا من زوجته فى علاقات زنا المحارم ) , أو فتح آفاق لعلاقات اجتماعية ناجحة وممتدة خارج نطاق الأسرة , أو توجيه الطاقة نحو نجاحات عملية أو هوايات مشبعة .
ويجب الإنتباه إلى أن الإحتياجات غير المشبعة تستوفى من أى احتياجات متاحة , فمثلا الأشخاص المحرومون من الشعور بالأمان أو الحب أو فاقدى التقدير الإجتماعى أو الفاشلين فى تحقيق ذواتهم يمكن أن يعوضوا كل ذلك أو بعضه بالإنغماس فى إشباع جنسى محرم , لذلك يجب مراجعة إشباع الإحتياجات المختلفة وطرق إشباعها ودرجة ذلك الإشباع ونوعيته , وفى هذا الصدد نلفت النظر إلى هرم الإحتياجات للعالم النفسى " أبراهام ماسلو " والذى يبدأ من أسفل إلى أعلى كالتالى : 1) الإحتياجات البيولوجية ( المأكل والملبس والمسكن والجنس )
, 2 ) الإحتياج للأمان ,
3 ) الإحتياج للإنتماء ,
4 ) الإحتياج للحب
, 5)الإحتياج للتقدير الإجتماعى
, 6 ) الإحتياج لتحقيق الذات ,
7 ) الإحتياج للتواصل الروحى .
ساحة النقاش