نظرات

موقع اجتماعي سياسي و تربوي ونفسي يهتم بالطفل وتربيته وقصصه

 

 

لست متشائما " بل أكره التتشاؤم  ولاأحب الكتابة بقلم مكتئب .. ولكننى شديد الواقعية ، باحث عن الممكن فى زمن المستحيل ، لاهث خلف الأمل ولو كان سرابا" ، أحب أن أنظر دوما" إلى النصف الممتلىء من الكوب ، أرفض اليأس وأ سعى لإنتزاع زهرالتفاؤل من قبضة الحلم المقهور.

لدى قناعاتى التى قد تصطدم مع قناعات أخرى كثيرة  ... ومنها ما أراه من أمل ضعيف فى هذا الجيل من شباب الأمة الذى انتهت صلاحيته ....؟؟؟!!! وأرى أن الرهان عليه فى السباق نحو المستقبل هو رهان على فرس خاسر ..؟؟!! ويقينى الراسخ الآن هو أن بؤرة الإهتمام يجب أن تسلط على الشريحة العمرية التى تبدأ

با لسنوات الأولى من العمر وتنتهى عند مشارف سن البلوغ ، ويقينى هذا يأتى من قول الشاعر

    إن الغصون إذا قومتها اعتدلت..... ولايلين ولو لينته الخشب

لأن الطفولة هى الزمن الأخضر الذى يسهل فيه تشكيل الغصون قبل أن يشتد عودها ...فإذا إستقام العود إستقام الظل ( وهيهات أن يستقيم الظل إذا كان العود أعوج ..؟؟؟!! ) لأن الطفولة هى الحقبة الزمنية التى تتشكل فيها ملامح الشخصية وسماتها ..هى مشتل الإنسان وفهرس حياته .... وهى التربة الخصبة التى تحتضن البراعم الغضة لتنثر رياحينها وزهورها فيما بعد فى رياض المستقبل.

                    

لذلك أرى أن نوجه جل إهتمامنا نحو هذا الهدف إذا كنا نريد أن نصنع المستقبل لهذه الوطن المنكوب، وقد يخالفنى الرأى من يرى تحويل الدفة نحو عنصر الشباب أحد المكونات الرئيسية فى هيكل الأمة لإعادة تهيئته وبرمجته وتشكيله بدلا" من الإنتظار الطويل لترعرع جيل الطفولة ، فأسارع متسائلا" : ومتى كان عمر الأمم يقاس بالسنين ..؟؟ إذ ليس من المهم أن تصل الى ماتريد " أسرع" .... ولكن المهم أن تبقى هناك "أطول"..!! فمهما كان الإنتظار طويلا" .. ومهما كان الصبر مرا" ، والمهمة شاقة فإن الثمرة فى النهاية لها حلاوتها . والمستقبل "ينتظر" من عنده القدرة على الانتظار ..!!   

                                   

وتعالوا لنبدأ من السطر الأول واللبنة الأولى : البيت والأسرة ، فمنذ نعومة أظفار أطفالنا يجب أن يرضعوا هرمونات العزة والكرامة ، وأن يفطموا على معانى الولاء والإنتماء ، وأن يتنفسوا ملء الرئتين قيم الإخلاص والوفاء وإنكار الذات، وأن يشب عودهم وقد ترسب فى ذهنهم  أنهم خير أمة أخرجت للناس ومايعنى ذلك من إدراكهم لمعنى الخيرية والدور المنوط بهم فى المستقبل،وأنهم لم يخلقوا فى هذه الحياة عبثا"( "أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا"وإنكم إلينا لاترجعون" – المؤمنون - 115 ) وأنهم خلفاء الله سبحانه وتعالى  فى هذه الأرض التى أستعمرهم فيها للعبادة والعمل ( "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" – الذاريات – 56 ) أى أنهم يتحركون فى هذه الحياة لغاية وهدف كما صنفهم أمير الشعراء الراحل أحمد شوقى حين قال :         

    الناس جار فى الحياة لغاية        ومضلل يجرى بغير عنان

                   

والهدف الأسمى هو العبادة الحقة والعبودية التامة من أجل الدعوة وإعلاء كلمة لاإله إلا الله وعمارة الأرض ، أى أن الولاء الأول لله وحده رب الأرباب ومسبب الأسباب ، ثم يأتى بعد ذلك الولاء للوطن والعروبة . 

إذن علينا أن نعدهم هذا الإعداد المكثف ، وأن نهيأهم لصنع الأحداث وألا يجعلوا الأحداث تصنعهم ، أى أن تكون حركتهم فعلا" وليست ردود أفعال ،وأن نتأكد من إدراكهم الواعى لمفهوم وأبجديات الجهاد فى سبيل الله فلا نتركهم نهبا" للأفكار المضللة التى انتشرت فى الساحة واحتلت أذهان الشباب بإسم الدين .  

                    

وحتى تكتمل أعمدة البناء يجب أن تتضافر جهود أخرى مع جهد البيت والأسرة ، ويتمثل ذلك فى المسجد ، والمدرسة ، والنادى ، ولايجب أن نغفل دور النخبة المخلصة من المفكرين والكتاب الذين أخلصوا لدينهم ووطنهم وتجردوا تماما " من الذاتية والنفعية ليعطوا خلاصة جهدهم ورحيق فكرهم نحوا إعداد هذا الفصيل الواعد الذى سيحمل الراية فيما بعد ، ويجب ألا تتقاعص النخبة عن إستمالة أقطاب المعارضة الوطنية الصادقة إلى صفوفهم ومن ثم الضغط المكثف على السلطة التشريعية والتنفيذية فى البلاد فى محاور متعددة يأتى فى صدارتها  نسف ذلك الإعتقاد السائد أن استئصال الدين وتجفيف منابعه كفيل بنبذ العنف ، وتحييد المعارضة ودفعها للسير فى ركاب القطيع ، ثم السعى الحثيث لإستبدال هذا الفكر المغلوط  بالمنطق العاقل أن ترشيد الدين وتوظيف تعاليمه لخير الجميع هو السبيل الصحيح.

                    

وثانى محاور الضغط يجب أن يأتى فى إتجاه إعادة هيكلة القطاع التعليمى ووأد عملية التعجيز المنهجية المتبعة حاليا"والتى تطمس الفكر وروح الإبداع عند الأطفال وتخلق جيلا" رخوا" منزوع الإرادة ، ويجب أن تتواكب مع هذا النهج مبادرات البحث الجاد عن هدف أو مشروع قومى يلتف حوله الجميع - كما أشارت إلي ذلك د. حنان راشد فى مقالها " هل تلد الأزمة الهمة "- وأن نبدأ فى تهيئة البراعم الغضة لهذا الأمر العظيم منذ نعومة أظفارهم وتطعيمهم بمفاهيم الجماعية وتحصينهم ضد الأنانية والذاتية ، وإقناعهم بأنه  ليس من الممكن أن يكونوا جميعا" "عظماء" ... ولكن من الضرورى أن " يرتبطوا " بهدف عظيم .

وثالث المحاور يكمن فى فض أختام الأفواه المكممة، وكسر طوق الإستبداد الفكرى ، وفتح مسام الحرية فى جسد الأمة من أجل الصحوة الكبرى التى لن تتحقق لأمة تصر على محو الطفولة من ذاكرتها ..!!

                           

أعود فأكرر ... إذا أخلصنا العمل ، وأحسنا إعداد وتهيئة النشأ الصغير ، فسوف نحيى الأمل فى فرضية صناعة المستقبل وخلق جيل جديد يحلق بجناحين، ويفكر بجسارة، ويركب الصعب، ويحذف من قاموسه كلمة مستحيل ويرنو للأفق البعيد.

نحتاج إلى  شىء من الأمل .. وكثير من العمل ...حتى ولو لم يكن هناك 10% من "الأمل" فيجب أن تحققه ب100% من "العمل"

نحتاج إلى شىء من الثقة .. وكثير من الصبر ، لأن التأثير سوف يكون بطيئا" ، ولكنه فى النهاية أكيد المفعول

Slow ….but Sure !  والله سبحانه وتعالى يقول فى سورة الأنعام " وآتوا حقه يوم حصاده "- آية 141 -

هذه قناعاتى وهى قابلة للجدل ..؟! فالرأى المخالف يشحذ العقل اكثر من الرأى الموافق .

       اللهم اجعلنا ممن : إذا "عقلوا" ..... " عرفوا"

    وإذا " عرفوا" .. " عملوا" . وإذا " عملوا" .. أخلصوا"

                       

المصدر: بقلم الاستاذ الدكتور / نعمان البرديسي
  • Currently 113/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
37 تصويتات / 1033 مشاهدة
نشرت فى 13 مايو 2010 بواسطة nazrat

ساحة النقاش

karika-azzamadvertising
<h2>الاستاذ محمد يختار الموضوعات الجريئه فى مقالاته الهدافه</h2> <h2>والمفيدة للجميع 000 ونريد المزيد حتى تكون كنانة اكبر جامعة&nbsp; للمواقع المعرفية الهدافة واريد راى الاستاذ محمد مسعد على مقال لماذا كنانة اونلاين على موقعنا</h2> <h2>مشكور على الجهد الكبير</h2>
hazemabdrad
<p>السلام عليكم ورحمة الله وبركات</p> <p>جزاك الله خيرا</p> <p>واتمنى ان تعطينا الكثير من هذه</p> <p>الموضوعات الجميلة</p> <p>و كنت اتمنى</p> <p>من</p> <p>د/ محمد البرديسي</p> <p>ان ينشئ موقع خاص بنظرات</p> <p>ينافس جوجل وغيرة من المواقع</p> <p>والسلام عليكم ورحمة الله وبركاتة</p>

محمدمسعدالبرديسي

nazrat
( نظرات ) موقع إجتماعي يشغله هم المجتمع سياسيا وتربويا بداية من الاسرة الى الارحام من جد وعم وخال الى آخره , الاهتمام السياسي أساسه الدين النصيحة و يهتم بالثقافةبألوانها ويعد الجانب النفسي والاهتمام به محور هام في الموقع كذلك الاهتمام بالطفل ثقافة وصحة »

ماذا تود البحث عنه ؟

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

643,023

مصر بخير

                         
* الشكر واجب للسيد العقيد هشام سمير  بجوازات التحرير , متميز في معاملة الجمهور على أي شاكلة ..

* تحية للمهندس المصري محمد محمد عبدالنبي بشركة المياه