نظرات

موقع اجتماعي سياسي و تربوي ونفسي يهتم بالطفل وتربيته وقصصه

                                     

                                   

استيقظت ذات صباح بحمد الله مستبشرة فرحة، وبعد أن أديت طقوسي الصباحية اليومية، وما كدت أخرج من منزلي لأبدأ في أداء التزاماتي ومهامي المقررة، إذا بي أفاجأ بعلبة معدنية تلقى من نافذة السيارة التي تسبقني، وبصورة غير مقصودة يوجهها تيار الهواء لتصيب عجوزا هرمة تجاهد مع عصاتها في محاولة يائسة لتسلق أحد الأرصفة التي يبلغ ارتفاعها ثلث المتر أو ربما يزيد، وبالطبع كانت النتيجة الحتمية هي اختلال توازن العجوز وسقوطها متألمة متوجعة على جانب الرصيف. تعاطفت مع العجوز التي بدأت في محاولة لملمة كرامتها المبعثرة، معاودة في صبر محاولة تسلق الرصيف المرتفع، بينما توجهت أنا إلى سائق السيارة مذكرة سيادته، وبمنتهى الأدب، بأن الشارع ملك للجميع وأن النظافة من الإيمان، منبهة إياه بأقصى ما استطعت من لطف إلى وجود حاوية قريبة للقمامة، فلم يكن منه أكرمه الله إلا أن ذهب وتركني ولم أكن قد أكملت كلامي.

       

النظافة من الإيمان، عبارة نرددها كثيرا ونسمعها أكثر، ولو تمعنا في ألفاظها ومعانيها لوجدنا اقترانا واضحا بين النظافة والإيمان في ربط شديد يجعل النظافة ركنا من أركان الإيمان، أو شرطا لا يكتمل بدونه الإيمان، وهي عبارة تستند إلى أسس دينية راسخة، إذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق". وتأكيداً لهذا المعنى، نجد أن الدين يأمرنا بالنظافة قبل الدخول في الصلاة خمس مرات على الأقل في اليوم والليلة، ويحرص على أن نأخذ زينتنا عند الذهاب إلى المسجد، حتى لا يؤذي أحدنا غيره برائحة كريهة أو ملابس غير نظيفة، فيكون بذلك سبباً في تنفير الناس من الذهاب إلى المساجد، وإذن ومن باب أولى علينا أن نهتم بنظافة منازلنا وشوارعنا  والبيئة المحيطة بنا.

       

ومن الملاحظ أن أكوام القمامة أصبحت سمة ظاهرة في شوارعنا لم يسلم منها حي شعبي أو منطقة راقية. وإذا كنا من حقنا أن نتساءل عن دور المحليات وشركات النظافة، وإذا كنا نطالب بمعرفة مصير المبالغ التي تحصل شهريا على فواتير الكهرباء لحساب منظومة النظافة، فإننا وعلى الجانب الآخر يجب أن نعترف بأن منهجنا العام وسلوكياتنا الشخصية والجماعية في التعامل مع قضية النظافة تحتاج إلى تعديل. فأينما ذهبت وحيثما ارتحلت، ستفاجئك نفس السلوكيات السلبية، لا فرق فيها بين متعلم وجاهل، أو غني وفقير.

       

ماذا حل بشوارعنا؟، سؤال نردده كثيرا، خاصة عندما نشاهد أفلامنا القديمة (الأبيض وأسود)، لماذا أصبحت الشوارع مشوهة فلا تجد رصيفا مناسبا تمشي عليه، ولا تجد حديقة عامة نظيفة، إلا فيما ندر، لتتمتع بها أنت وأسرتك؟، لماذا أصبح القبح يغلف حياتنا؟، ولماذا تراجع الذوق العام في مبانينا، بل وفي تصرفاتنا وكلامنا؟. متى نكف عن البكاء على الأطلال ونبدأ في العمل سويا لنعيد لبلدنا وجهها الجميل الذي شوهناه بأنفسنا؟. إن ذلك لن يكلفنا سوى القليل من الجهد، فلو ضبط كل منا سلوكه، ستتحول النظافة والذوق إلى سلوك جماعي، فنحن لسنا أقل من الدول التي كنا حتى وقت قريب رائدا ونموذجا وقدوة لها. وما زلت أكرر وأقول، أننا يجب أن نجد في السعي لأن نكون الأفضل، لأن شعبنا الطيب الصابر يملك ويستطيع ويستحق أن يكون الأفضل.

المصدر: بقلم: دكتورة/ حنان إسماعيل راشد
  • Currently 141/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
49 تصويتات / 842 مشاهدة
نشرت فى 26 إبريل 2010 بواسطة nazrat

ساحة النقاش

noaman
<p>أرى ياسيدتى أن مثل هذا التصرف الطائش الذى أقدم عليه هذا الرجل لاينم عن جهل بآداب الطريق التى أوصى بها رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فحسب ، ولكنه فى رأيى قد يكون محصلة لعوامل أخرى كثيرة .... مثل القصور فى التربية بالمنزل منذ الصغر .... أو بسبب الجهل والأمية ... أو الأنانية المفرطة وعلو ( الأ نا ) وتبلد المشاعر والأحاسيس وإنكار الآخر .! أو التعبير التلقائى عن حالة يأس ، وإحباط ، ورفض لواقع سياسى واجتماعى متردى يعيشه مكرها ويعجز عن تغييره...... أو ربما كان هذا الرجل من تلك الفئة التى تظن أن الملبس الأنيق ، والسيارة الفارهة من علامات التحضر ، وهذا فى الحقيقة وهم كاذب لأن التحضر ليس بالمظاهر والأقوال ... ولكن بالسلوك والأفعال . هذه العوامل مجتمعة تبرز الخلل الإجتماعى الذى يعيشه مجتمعنا هذه الأيام ، وتفسر هذه السقطة السلوكية التى وقعت على قارعة الطريق. دكتور \ نعمان البرديسى 4\ 5\ 2010</p>

محمدمسعدالبرديسي

nazrat
( نظرات ) موقع إجتماعي يشغله هم المجتمع سياسيا وتربويا بداية من الاسرة الى الارحام من جد وعم وخال الى آخره , الاهتمام السياسي أساسه الدين النصيحة و يهتم بالثقافةبألوانها ويعد الجانب النفسي والاهتمام به محور هام في الموقع كذلك الاهتمام بالطفل ثقافة وصحة »

ماذا تود البحث عنه ؟

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

645,618

مصر بخير

                         
* الشكر واجب للسيد العقيد هشام سمير  بجوازات التحرير , متميز في معاملة الجمهور على أي شاكلة ..

* تحية للمهندس المصري محمد محمد عبدالنبي بشركة المياه