لم ولن تتغير نظرة الإنسان العربي للحمار كرمزا للغباء والتخلف العقلي طالما تفشى هذا الرمز في المتأخرين ؛ بينما لم يرد في ثقافاتنا القديمة ما يثبت تهمة الغباء التي ألصقت بالحمير ؛ حتى في أرقى دول العالم كأمريكا مثلا اختار الديمقراطيون الحمار يكون رمزا للحزب الديمقراطي الأمريكي ولم يختاروا الحصان الذكي الأصيل ....
قد يسأل البعض : إذا كيف أصبح الحمار رمزا للغباء لدى المتأخرين من العرب )( هنا لابد من الرجوع إلى الآية الكريمة التي أنصفت الحمير)( مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله والله لا يهدي القوم الظالمين ( 5 ) ) إن البعض من الناس أخطئوا بتفسير الآية التي توضح تشبيه اليهود بالحمير ولا يفهمون ؛ إلا أن الآية واضحة كوضوح الشمس في رابعة النهار تثبت وجود التوراة لديهم ولكنهم لا يستفيدون من العبر التي فيها ولا حتى في حكم من الأحكام ؛ مثلهم كمثل الحمير تحمل الأسفار على ظهورها ولم تستفيد منها شيئا سوى نقل الحطب والماء والحرث من غير تطبيق المنقول كمنهاج حياة وتأذي لا يفهم لغة غير لغة الكرباج ؛ عكس الخيول الاجتماعية القادرة على التعبير عن مجال واسع من المشاعر كالحب والكراهية تمكنها من التعرف على رغبات الإنسان من خلال صوته وطريقة كلامه ....
رغم ما توصلنا من استنتاجات أثبتت لنا أن هناك فارق واسعا بين الحمار والأصيل إلا أن كل ذلك لم يعجب عطوفة الحمار الذي لديه طموح بلا حدود وطموحه يتمحور حول الاقتران بمهرة أصيلة لتحسين نسله ثم للتخلص من تهمة الغباء التي ألصقت به )( فذات يوم انعقد المجلس القومي للحمير وقاموا بتعديل دستورهم ليتيح لعميد بني جحش البدء بتطبيق لأمر على نفسه والمعروف عنه إعجابه بإحدى الفرسات وقرر التصرف حسب " سوادي " الحيوانات وبدأ التخطيط لتشكيل جاهة معتبرة من باقي فصائل الحيوانات من فيلة وأسود وثعالب وغزلان للتوسط لدى ولي أمر الفرسة فتوجهت الجاهة الموقرة يقودها فخامة الأسد وتم طلب يد المهرة وبفضل
الضغوط التي مورست من أفراد الجاهة تمت الموافقة على عقد القران حيث حضر فضيلة " القرد " وأجرى مراسم العقد بينما ووزعت حلل البرسيم وأصناف الأكل على المعازيم وعنفصت الكرار وعوت الكلاب والثعالب ورابعت الحمير مع الخيول مشكلة ماراثونا رائعا إلا أن الفرسات الأصيلات بدت على وجوههن ملامح السخط والغضب والاشمئزاز ورغم ذلك زفت المهرة العروس والدموع تنهل من عينيها مخلفة منظرا حزينا بائسا دلالة على الإهانة التي لحقت بها مودعة أحبتها وهي في الطريق إلى زريبة تلك الغبي البغيض ليستقبلها بنهقاته وشخراته ؛ ولقد تم الزواج وقد صبرت على ما لحقها من ضيم ونكد واضطهاد فضلا عما عانته من مشاكل الحمل تنتظر قدوم مولودها الذي سيغير من نسل الحمير حسب توقعات أغبياء بني جحش ولكنها كانت على يقين بأن طموحاتهم وأحلامهم ما هي إلا اضغاف أحلام وستثبت لهم عند ولادتها أنهم سيضلون حميرا رغم محاولة تحسين نسلهم ؛ ولقد حانت ساعة الولادة وبدأت عليها ملامح التعب والإعياء مبعثةأنآتها من
داخل الزريبة بينما عشرات الحمير مشرعة أذانها بانتظار سماع نهيق المهر الجديد وعلى جاهزية تامة لإطلاق نهقات الفرح والسرور وما هي إلا دقائق حيث تمت عملية الولادة ليطلق المولود نهقا ته الرائعة فأطلق الحضور حينها النهقات وداعبت اضلاف الكرار الهواء وبرطعت الجحشان فرحا ضنا منها أن المهر المولود سيغير من واقع الحمير الكثير إلا أنها طلبت منهم الهدوء لتبشيرهم فشخصت أذانهم وترترت براطمهم وقالت لهم : فلتفهموا يا معشر الحمير؛ لن يتغير على مجتمعكم أيها الأغبياء شيئاً فقد ولدت لكم من هو أسوأ منكم منظرا وأقبح من أقبحكم خلقة وأكثر غباء )( لقد ولدت لكم - بغلا .........
ساحة النقاش