بقلم - نظمي القواسمة “ : زمن الأزمات والتحولات الاجتماعية
إنه الزمن التي تختلط فيه أقدار الناس ؛ زمن يعلو فيه شأن الصغير ويٌحط فيه من قدر الكبير ويغدو فيه الجاهل يحمل المبخرة والعالم يصبح قواد ؛ زمن يموت فيه أصحاب المواهب زمن يومي للجهلاء ليقفزوا للأعالي ويوطي من شان أصحاب النخوة ؛ لقد أصبحنا ننظر لعلاقاتنا بين بعضنا كعلاقات السيارات ببعظها وصار لزاماً علينا ترك مسافة أمان فيما بيننا لتفادي صراعات وتجاذبان ومناكفات قد تأتينا من حيث ندري ولا ندري أو ربما نكتشف أنفسنا على أننا كنا أسأنا التقدير باحقر الناس على وجه لأرض حتى يسخرون منا أمام الجميع ليدعوهم يتراقصون برؤوسهم طرباً وسخرية علينا؛ هؤلاء لن يتركوننا وشأننا بل وينقلون إخبارنا وكل شيء عنا بيمنا نحن نثق بهم بفرط شديد فيطعنونا في ظهورنا ويبيعونا إذا ما اكتشفوا جديد ..!!
أناس كثيرون لا يعرفون شيئاً عن ما تسمى الأناقة فقط يعرفون أن الأناقة هي في الملبس والإضافات بينما لا يفهمون عن أناقة اللسان من شيء ؛ وأناقة اللسان هي عبارة عن ترجمة للأفكار؛ ولياقة اللسان ليست برفع وانخفاض مستوى volyim لمستويات "دب دب " بل برفع مستوى الكلمات وحسن اختيارها ولكل مصطلح تضاد كما لكل قاعدة شواذ .!!
هم يعتقدون بأننا بلغنا مبلغا عال من الغباء ولا يعلمون بأننا إذا ما اكتشفنا بأن مدة صلاحية حبنا في دواخلهم قد فسدت وانتهت صلاحياتها في قلوبهم كما سلوا احترامنا من نفوسهم كما تستل الملاقط الشعيرات الدقيقة من ذقونهم وهؤلاء لا يجوز لنضيع ولو دقيقة واحدة من وقتنا معهم ؛ فمن المروءة أن نستأذنهم لنحتفظ بما تبقى لنا من كبرياءنا وماء وجوهنا ونغادرهم بلا رجعة..!! وذكرني بذلك قول الغمام الشافعي (ر) -
إذا المرء حار أمرك في معنيين)( ولم تدر حيث الخطأ والصواب ..
فخالف هواك فإن … .الهوى )( يقود .. المرء إلى .. ما يعاب ..!!
قد نحتاج في حياتنا لإسعاد أنفسنا لأن السعادة أسمى ما في الحياة وكلنا يبحث عنها ولكن من الصعب وجودها أو الكشف عن قمقمها فربما هي من تطرق بابنا يوماً والسعادة ليست بالثروة الطائلة بل ربما تأتي على شكل جليس عاقل يستفاد منه أو صديق وفي يشاركنا الهموم أو شريكة صالحة تملأ دنيانا سعادة وهناء ..
فالسعادة هدف ومن يريد تحقيق هدفه فلا يربط حياته بأشخاص بل بأهداف لأنه إذا ما أراد ربط حياته بأشخاص سيجد نفسه يسعد بشقاه في غابة وبين ذئاب بشرية وستجبره غفلته وسوء تقديره واختياره للقول ..غفوت بأمان وحولي رفاقي واستقضت فلم أجد حولي سوى الذئاب ولا اعلم هل أكل الذئب رفاقي أم أن رفاقي تحولوا إلى ذئاب ..
ليست الكوارث هي التي تتسبب بها الحروب والطبيعة فبعض البشر أيضاً هم بحد ذاتهم كوارث فمنهم من تضعه في عينيك فيعميك وبعضهم تضعه تحت قدميك فيعليك ؛ فإذا ما كنت تعرف أن الحوادث كثيرة فعليك إن تعرف وتوقع أن يكون صديقك الذي أخلصت له ووقرته بعض حوادث الأيام ..!! ومثل هذا يجب صرف النظر عنه وإذا ما قمت بطرده وغادر فلا أسف عليه كما قيل لا تأسف على نجمة ضاعت منك فالسماء مليئة بالنجوم فإن لم تكن أحداهن من نصيبك فمن يدري ربما يكون نصيبك القمر…!!
فما أكثر الظلمة وما أتفه المستمرين بظلمهم وهؤلاء نهايتهم محتومة عكس ضحاياهم الذين يستمرون في المدافعة وغالباً ما تكون نتيجة مدافعتهم هي انتصارهم المحتوم ..!! لم نعد اليوم نعيش عصر البطولات ولا الغزوات وبالتالي فلا يجوز البحث عن أخطاء الناس لتستخدم كوسيلة لهزيمتهم وانكسارهم من أجل الفوز بالنصر عليهم فنحن اليوم بحاجة حقيقية للبطل الصلد وهو الذي يتسلح بضمير حي وسلوك راق وطبع متزن لا يميل حيث تميل الرياح ولا تذيبه الماء ولا تنال منه النيران ولا يتمرغ بالتراب كالحمير فأي إنسان يرى بأنه المصدر الوحيد للرأي الصواب هو منتم لتلك الفصيل ..!!
فعندما يتعرى الشخص عن ضميره كتعري لأفاعي ويطغى على الآخرين ويستعر منهم فالحذر منه واجب وقيل في مثل هذه الحالة " احذر أن تسلم لغيرك زمانك فيصبح كل من كان ورائك أمامك..!! فالحقير لا يكفيه دمارك بل يتطلع لبناء سعادته على إطلالك ويرش الملح على جراحك ولا يهمه هلاكك ..!!
لم تلدنا أمهاتنا بهذه الأوزان لقد خلق الإنسان اعمي يتحسس ثدي أمه لقد خلق ناقص وتنقصه أشياء كثيرة والدليل فهو دائماً يطمح للكمال كلما تسارعت خطاه ودارت عجلته في معترك الحياة فلا يولد البشر أغبياء كما يقال بل يولدوا جهلة ومن ثم يجعلهم التعليم أناس أغبياء والتعليم لا ينحسر بالتعليم الدراسي بل الأسري والمجتمعي والديني ..!!
فالإنسان عبارة عن ماكينة بشرية صنعها رب العالمين لا من منشأ صيني ومن الضروري إن تعلم أيها الوضيع الجاهل بان الله عز وجل خلق من أمثالك مالا تستطيع حصر عددهم فلا تفتخر بأناقة شكلك لأنك لست أنت من صنعتها ولا تفتخر بحسبك ونسبك لانك لم تكن من اخترتهما فإذا ما أردت ألافتخار فافتخر بأدبك وأخلاقك وقيمك ونظافة فرجك ويديك وسلوكك الحسن وسيرتك العطرة.
معظم مشاكلنا فردية كانت أم جماعية مصدرها سوء التقدير ثم التهور والتسرع بالحكم على من لا نعرف طباعهم ونفسياتهم وهذا غالباً ما يقودنا إلى ما نحن بغنى عنه
ساحة النقاش