<!--
<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Tableau Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-qformat:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin-top:0cm; mso-para-margin-right:0cm; mso-para-margin-bottom:10.0pt; mso-para-margin-left:0cm; line-height:115%; mso-pagination:widow-orphan; font-size:11.0pt; font-family:"Calibri","sans-serif"; mso-ascii-font-family:Calibri; mso-ascii-theme-font:minor-latin; mso-fareast-font-family:"Times New Roman"; mso-fareast-theme-font:minor-fareast; mso-hansi-font-family:Calibri; mso-hansi-theme-font:minor-latin; mso-bidi-font-family:Arial; mso-bidi-theme-font:minor-bidi;} </style> <![endif]-->
يوميات المرأة العاملة :
*إعداد فطور الصباح، الاعتناء بالأبناء لاسيما الأقل من سن الثاني عشر فهي مضطرة أن تمشط شعر البنت وتساعدها في اختيار اللّباس المناسب، وتحرس على نظافة الأولاد بتذكيرهم المستمر لضرورة تنظيف الأسنان والمحافظة على نظافة الهندام،...، فيكون صُبحها قبل الذهاب للعمل الحكومي أوالخاص، عمل على مستوى البيت من مراقبة، وتنظيف،...،.
*رحلة انتظار المواصلات، ورزالة هذا وذاك، ونظرات الآخر كأنّها جهاز السكانير على جسدها المتعب من مرارة الزمن، حتى تكره جسدها و تتمنى أن تقطع كل جزء منه قد يفتن رجل. قد تجد مكانا تجلس فيه في الحافلة، وقد يسبقها هو ويقول في قرارة نفسه ألستن تطالبن بالمساواة ؟ فهذا جزء منها.
*الوصول للعمل: نظرات رب العمل، المسؤول والزميل، كل نظرة مع صباح الخير لها تفسيراتها، وللمرأة أن لا تبين فهمها لها، وإلاّ تكون قد جنت على نفسها، فرب العمل أو المسؤول هي الوحيدة من تفهم نظراته بين التعزّل وبين المطالبة بالمزيد من العمل، وبين المحاسبة على وقت الدخول للعمل، وبين المطالبة بالمزيد من الاعتناء بالهندام والمكياج. وعن نظرات الزميل إليها الذي يقول في قرارة نفسه أتمناك اليوم نشيطة ودون مشاكل عائلية تلهيك عن العمل حتى تكملين عملي لأني اضطر بين الفينة والأخرى أن أخرج من غرفة المكتب كي أدخن، أو أجلب قهوة أم شايا. ناهيك عن نظرات المراجعين والمواطنين إن كان عملها يستدعي التعامل معهم طيلة اليوم. فتجدها تحاول أن ترضي هذا، ولا تثير مشكلة يأتي على إثرها المسؤول يسمعها ما لا ترضاه، ويزيدها الزميل معلقا: " المسؤول معه حق، واش بيك اليوم هكذا؟".
خلال العمل قد يحدث طارئ، مرض الولد واتصلت المدرسة، الاتصال يكون بالأم ليس بالقوّام، فتفكر في طريقة الاستئذان لأن استئذانها كثر، والحيرة تزيد قلقلها فالاتصال لن يكون بالزوج الذي سيلومها عوض أن يستأذن هو من العمل لساعات، لذلك ستضطر أن تتصل بواحدة من بني جنسها؛ أمها أو أختها، جارتها أم صديقتها،...، تحل محلها ريثما تكمل هي عملها.
*رحلة انتظار في زحمة المواصلات؛ رحلة ثانية، ونظرات أخرى تتمنى لو تلبس طاقية الاخفاء حتى لا يراها أحد ولا تر هي رجل قذر. تمارس عليها كل أنواع التعذيب وهي في الحافلة؛ تجد نفسها محاصرة وعند كل فرملة حادة يلتطم بجسدها ذاك، ويتحسس الآخر ولو لمسة صغيرة، وقد يكتفي الآخر بكلمة، ابتسامة، غمزة عين...
*عمل البيت: قد تمرُّ على المدرسة أو المربية أو والدتها لتأخذ أبناءها للبيت وطول الطريق وطول الوقت وهم يقصون عليها حكايات النهار، بين شكوى وكذبة، وهي تضطر لسماعهم لأن السماع يجعلها تعرف أبناءها أكثر وتقدم النصيحة في أوانها، ولذلك كله يستدعي حضور تركيزها الذي لا بد أن لا يغيب لا في فترة العمل ولا أثناء التربية.
إعداد القهوة، والأكل، وقد تضطر أيضا لشراء بعض المشتريات الهامة لإعداد الأكل قبل الدخول للبيت، غسيل الأواني، تنظيف، مراجعة الدروس للأولاد، وتسمع صراخ القوّام "اسكتوا علينا، خلينا نشوفوا التلفزة..."، وهي تعمل دون توقف إلى أن تنهي العمل كآلة لا تتوقف إلى أن تفصل عن الكهرباء. وبعد الأكل عليها أن تحضر كأس الشاي والفواكه وهي مبتسمة، وعليها أن لا تتلفظ بشكوى واحدة، لأن القوّام لا يستطيع حتى سماع الشكوى ويفضل متابعة فيلم السهرة، كما يريدها أن تكون في أحسن حال وصحة دائمين حتى لما يريد استدعاءها لمملكته لن ترفض وتتلكأ.
لا يهنئ بال المرأة حتى وهي تستعد للنوم قد تتذكر أمرا فتسارع لعمله قبل النوم، بل تفكر فيما ستطبخه الغد، وبالتالي ما يجب أن تحضر معها من خضر ومستلزمات غذائية عند خروجها من العمل، وتفكر في حال أولادها وحاجاتهم، لأنهم يلجئون لها لمّا يحتاجون لبسًا أم أدوات مدرسية أم يشتهون أكلة أم لعبة، لأنّ القوّام ينهروهم مرة فلا يطلبون أخرى.
تراها تصرف على بيتها فتشتري من راتبها الفرش والأواني وكثير من الأجهزة الكهرومنزلية، التي قد يدخل القوّام فيجدها في البيت، هي لم تفكر أن تسعده قدر ما تخوفت من زمجرته حتى إن لم يدفع ثمنها فإنه يشكو ثقله وصعوبة ايصاله للبيت، لذلك تجدها تتفق مع قوّامون آخرون بعد دفع أجرة الايصال. ومع ذلك يعيب عليها أنها لم تشتر الجهاز من النوع الجيد، أو أن سعره مرتفع، ولو تمت استشارته لما حصلت على نوعية افضل بقيمة مالية أقل، ويقول : "هو حال الراس اليابس لي عندك".
في زيارة عائلية لبيتهما تأتي والدة القوّام، فترى من كل خير على طاولة الأكل، وتزور عيناها الفرش والأثاث...، وهي تردد عبارات في صدرها انه تعب ابني، تعززي انت فيه انا كبرت تعبت وأنت تجدين على الجاهز... دون ان تفكر هنيهة بأن تلك الزوجة عاملة وقلبها على بيتها.
هي حياة امرأة في ظروف أسرة عادية، لأن حياة امرأة في ظروف صعبة فإنّ زوجها غير عامل أو عامل مؤقت، فالمصاريف جميعها تقع على كاهلها، وقد تجدها تعيل بعض من أفراد أسرته، مع ذلك الرضى عنها يبقى حاله غير مستقر، وقد تجد نفسها يوما مطلقة بعد أن يعتدل حاله، وتبقى هي دون مأوى يأويها ويسترها ، ومـا يمكن أن يتهمها به إلاّ أنـها
" ناقصة عقل ". وخلاصتنا التي لا جدال حولها أنه القوّام وأنها الناقصة عقل.