الواقع أن صور العلاقة بين الدولة والمجتمع المدني تتعدد وهي:
1 -
التنسيق :
وتتعدد مجالات هذا التنسيق فى المجال القانوني حيث تضع الدولة القوانين المنظمة للمجتمع المدني ولتأسيس الجمعيات والمنظمات وإشهارها ولتحديد مصادر التمويل والميزانية وأحقية الحصول على مساعدات أجنبية من جهات خارجية وأسلوب الإدارة وعلاقتها ببعضها البعض وبالحكومة، وكذلك لتحديد أسلوب ممارسة النشاط وإجراء الانتخابات لاختيار القيادة. ولا شك أنها جميعاً تحدد مدى تمتع المجتمع المدني بالاستقلال عن الدولة وحدود تدخل الحكومة بالإشراف على شئونه .
وفى هذا المجال السياسى تسعى مؤسسات المجتمع المدني إلى التأثير في الحياة السياسية وما تتخذه الحكومة من قرارات وسياسات في الشئون العامة، ويتوقف تأثير كل منظمة على وزنها ودرجة التنسيق فيما بينها وما تعتمد عليه من وسائل مباشرة كالاتصال بالمسؤولين والمرشحين للانتخابات أو وسائل غير مباشرة بشن الحملات الإعلامية للتأثير على الرأي العام .
وفى المجال الاجتماعي، لاشك أن نجاح سياسات التعليم والصحة والبيئة والشباب والثقافة تتطلب تنسيقاً كبيراً بين الوزارات الحكومية المختصة من جانب والمؤسسات والهيئات الأهلية المهتمة بنفس المجالات من جانب آخر. ومن أمثلة ذلك، التنسيق بين منظمات حقوق الإنسان والنقابات المهنية والجهاز القضائي بشأن الحريات الديموقراطية وحقوق الإنسان، أو التنسيق بين جمعيات رجال الأعمال ووزارات الاقتصاد والتجارة والسياحة والهيئات الحكومية العاملة في مجالات الاستثمار ، والتنسيق بين جمعيات الرعاية الاجتماعية ووزارة الشئون الاجتماعية والمجالس القومية كالمجلس القومي للمرأة أو المجلس القومي للأمومة والطفولة، والتنسيق بين جمعيات الدفاع عن البيئة ووزارة البيئة... الخ حيث يتم التنسيق في شكل تبادل معلومات ومشورة وتعاون في أبحاث مشتركة مع محاولة تجنب ازدواج وتكرار الجهود .
2 -
التنافس والصدام :
وهو قد يحدث بالنسبة لمنظمات حقوق الإنسان التي قد تصطدم بالدولة بشأن تقييم بعض الممارسات، كما قد تلجأ بعض جماعات المصالح إلى تنظيم الاحتجاجات ضد السياسات الحكومية التي تضر أصحابها. ومن أمثلة ذلك مطالبة العمال بتحسين الأجور أو ظروف العمل .
3 -
اختراق الدولة للمجتمع المدني:
حيث تتولى الحكومة تعيين مجالس إدارة الجمعيات والمنظمات غير الحكومية بدلاً من انتخابهم، وتختار القيادات من بين الأشخاص الموالين لها خصوصا بالنسبة للمؤسسات ذات القواعد الجماهيرية والشعبية الواسعة،وهنا تظهر خطورة أن يتحول هؤلاء القادة إلى أعضاء في الحكومة يستفيدون منها ويمارسون سلطة على أعضاء الجماعة لصالح تنفيذ أهداف الدولة وأوامرها، كما قد تسعى الحكومة إلى إلحاق منظمات المجتمع المدني بالوزارات الحكومية واعتبارها مجرد امتداد لها دون السماح لها بالوجود المستقل مع التحكم الكامل في تأسيسها وتمويلها وحلها وهو ما يضمن صدور كافة القرارات مؤيدة للحكومة غير عابئة برأي الأعضاء. وأمام اختراق الحكومة للمجتمع المدني يصبح كيانا بلا معنى أو مضمون حيث يفقد استقلاله ويعجز عن الحركة والإبداع والمبادرة، بينما تصبح الحكومة هي المصدر الوحيد للمبادرات والتغيير بما يهدد سياسات التنمية بالفشل لأنها لم تحقق أحد الشروط الهامة لنجاحها من خلال تمكين الأفراد والجماعات وإشراكهم في عملية صنع سياسات التنمية. وهذا وضع غير طبيعى لأن علاقة الدولة بالمجتمع المدني ليست علاقة تنافس وصراع وإنما علاقة تعاون ومشاركة وتكامل ومع ذلك كثيراً ما نجد علاقة التنافس والصدام فى البلاد غير الديمقراطية وتلك التى تمر بمرحلة انتقال نحو الديمقراطية .
ومع ذلك لابد أن نناقش الآراء التي تقول أن علاقة الدولة بالمجتمع المدني هي علاقة منافسة، وأن قوة المجتمع المدني تأتي وتتحقق غالباً على حساب الدولة التي يؤدي ازدياد قوة المجتمع فيها إلى ضعفها. والحقيقة أن تلك الأفكار ثبت خطؤها في أغلب المجتمعات الديموقراطية التي استطاعت تحقيق قوة الدولة وقوة المجتمع المدني في الوقت نفسه على عكس المجتمعات غير الديموقراطية التي أدى ضعف المجتمع المدني فيها إلى إضعاف الدولة بدلاً من تقويتها ، فما هي علاقة المجتمع المدني بالديموقراطية ؟

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 142 مشاهدة
نشرت فى 3 أكتوبر 2011 بواسطة mowaten

ساحة النقاش

mowaten
يأتى الربيع العربى للثورات بمتطلبات ضرورية لعل من اهمها هو نشر التوعية السياسية بين المواطنين بوطننا العربى لارساء وتهيأة البيئة للعيش فى جو ديمقراطى طالما حلمنا به »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

284,161