الفضل فوق العدل و مراعاة المرونة وعدم الجور:
عندما نتأمل الواقع نلحظ ثلاثة مستويات في تعامل الأزواج مع بعضهم البعض:
ا) مستوى الظلم : وفيه يحدث الجور على بعض الحقوق والانتقاص منها ، أوالتقصير في أداء معظم الواجبات ، وهذا قليلٌ لكنه يحدث أحياناً ، وهو يتنافى مع أبسط المبادئ الأخلاقية والعلاقات الإنسانية التي قام عليها الزواج ، كما لا يرضاه الضمير الحي وهو محرم شرعاً وقانوناً ، ففي الحديث القدسي: (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا...)( أخرجه مسلم 2577).
ب) مستوى العدل: وفيه يؤدي كل شريك واجباته ويأخذ حقوقه قدر الإمكان ، وهو مستوى الاعتدال الذي لا يجب أن تنزل العلاقة بين الزوجين إلى أقل منه.
ج) مستوى الفضل والإكرام: وهو ما نُفضّـل أن نسلكَه في تعاملنا مع بعضنا البعض كزوجين وكأسرتين ، فعندما نتحدث ونطلب واجباً أو حقاً للزوج أو الزوجة فلا نتعامل مع بعضنا بالمسطرة أو بالسنتيمترـ كما يقولون – فنحن لسنا في هيئة مساحة ، أوفى دار قضاء ، وإنما في عش المودة والرحمة ، وفي بيت المحبة والتسامح ، وإذا أعطينا أكثر سنأخذ زيادة عن حقوقنا ، فنحن زوجان وحبيبان ولسنا ضدين أو خصمين .
وعند التعامل مع بعضنا نمشي على سطر ونترك سطراً بل أسطر ؛ لأننا نعيش حياةً ممتدة مع بعضنا فيها احتكاكات ومواقف وتعاملات كثيرة ومتنوعة ومتشعبة ، حتى حين أتنازل فأنا أفعل ذلك مع شريك حياتي وقطعةً من نفسي كما يخبرنا القرآن الكريم ( يأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها ...) (النساء :1)
وبالحب تذوب الحقوق كما تذوب النفوس والقلوب وفي المثل السائر ( حبيبك يبلع لك الزلط ) .
وكلما توطدت العلاقة الزوجية وامتدت العشرة كلما كانت خدمة الشريك لصاحبه وحبيبه تجلب له السعادة والمتعة ، ونحن نرى الأم أو الأب قد يخرج اللقمة من فمه ويعطيها لزوجه أو ابنه وهو يشعر بالسعادة والرضا .
لأجل ذلك كله علينا أن يرتفع تعاملنا مع قضية الواجبات والحقوق إلى هذه المستويات السامية ، وأن نراعي هذه المبادئ الحاكمة مع معرفتنا بواجباتنا وحقوقنا وعدم إنكارنا لها بل والتفاني في أدائها.
ساحة النقاش