الإرشاد الزواجي والأسري من الفروع الجديدة في مجال الإرشاد والتوجيه النفسي، وقد تعاظمت الحاجة إليه هذه الأيام لأسباب عديدة، منها: - انشغال الوالدين والأسر عن تأهيل الأبناء للزواج وكيفية بناء البيت السعيد المستقر. - وانشغال الأبناء أنفسهم بوسائل الاتصال الحديثة والكمبيوتر والعمل والدراسة...الخ. وعدم إعطاء موضوع الزواج والأسرة ما هو جدير به من اهتمام. - ارتفاع نسب العنوسة في بعض المجتمعات رغم الوفرة المادية لدى العديد منها، وذلك لتكوين تصورات خاطئة حول الزواج أو رؤية تجارب سيئة في هذا المجال. - ارتفاع نسب الطلاق بطريقة مخيفة وبخاصة في السنوات الأولى من الزواج لعدم معرفة العروسين بمتطلبات الزواج ومسؤولياته وحقوق وواجبات كل طرف وغيرها من الأمور الضرورية لإقامة أي بيت واستمراره. - زيادة أعباء الحياة وارتفاع سقف الطموحات لدى بعض الشباب وعدم مناسبتها للإمكانات المتاحة. - زيادة المشكلات وتشعبها وتعقدها مع اتساع شبكة العلاقات ووسائل التواصل والسماوات المفتوحة. - تنوع وسائل الغواية والإغراء والتفنن في عرضها وسهولة التعاطي معها. - زيادة نسب الأبناء من ذوي الاحتياجات الخاصة بفعل كثرة الحروب والتلوث البيئي ونحو ذلك. كل ذلك وغيره خلق حاجة ماسة لدى الكثير من الأفراد والأسر والمجتمعات لضرورة التعامل والتجاوب مع الإرشاد الأسري بصوره وأشكاله المتعددة، من أجل: * تصحيح الكثير من المفاهيم الخاطئة حول الزواج والأسرة وتربية الأبناء ورعايتهم. * حل بعض المشكلات الطارئة وهي لا بد منها لكن لابد أيضاً أن تعالج علاجاً صحيحاً حتى لا تتفاقم وتؤدي إلى خراب البيت لا قدر الله. * بناء البيت على أسس سليمة تجعله مصدراً للاستقرار والسعادة والبهجة، وليس مصدراً للنكد والتعويق والتشتت وربما الضياع. * اكتشاف مواطن القوة لدى أفراد الأسرة والسعي إلى الاستفادة منها في تنمية مواردها. * تقديم العون والرعاية للأبناء من ذوي الاحتياجات الخاصة، والإرشاد الأسري والنفسي بالنسبة لهم شريان حياة. ومع تزايد الحاجة لهذا النوع من الإرشاد فإن التخصص فيه ما يزال نادرا، ولم تقم الكثير من الكليات المتصلة بهذا المجال بإعطاء المقررات الكافية للتأهل فيه، وما تزال الأعداد المتخرجة من الاخصائيين العاملين بحق لا تكفي حاجة الأسر والمجتمعات، وإذن فالعملات الأصيلة والموثقة به نادرة ولا بد من البحث عنها، وبسبب ذلك دخلت إلى الميدان كثرة من العملات الزائفة أو الدخيلة - والتي رغم نية بعضها الحسنة- فقد اعتمدت على تجاربها الشخصية وليس على العلم والتأهل والخبرة واتخذ منه البعض مجالاً للكسب والربح فقدم استشارات واتخذ قرارات خاطئة، وتفاقمت المشاكل ولم تحل وكانت الضحية هي الأسرة والأولاد، ومن صور ذلك: ا - بعض الآباء والأمهات الذين يريدون أن يصدروا تجربتهم في الزواج وإقامة الأسرة إلى أبنائهم رغم أنهم ليسوا خبراء ولم تكن تجربتهم في ذلك موفقة بالقدر الكافي ، ومع ذلك فإنهم بسبب تدخلهم السافر في كل صغيرة وكبيرة في حياة أبناءهم يكادون يخربون بيوتهم على رؤوسهم. ب - بعض رجال الدين الذين يتحدثون في كل شئ ويصدرون الفتاوي في كل مجال دون اطلاع أو خبرة كافيين مع أن نية الكثيرين منهم تبغي الاصلاح لكن الوسيلة ليست صالحة ويأخذ المسترشد الرأي منه على أنه فتوى ويعمل به فتنتج عنه أخطاء جسيمة وبخاصة في مجال الطلاق والميراث والرضاع ونحوها. ج - بعض الجهلاء أو قليلوا العلم الذين يعتبرون أي مشكلة بين الرجل وزوجته هي سحر وربط وكيد من آخرين ليفرقوا بينهما فيذهبون إلى بعض ممن يمتهمون هذا الأمر ليلقوا بتقصيرهم وجهلهم على شماعة الجن والشياطين، ويأتي الرجل وزوجته إلى المرشد النفسي أو الأسري بعد أن شبعا ضرباً وابتلعا كميات هائلة من الأعشاب ولم تحل المشكلة بل تفاقمت ، وليست المشكلة بطبيعة الحال في الرقى والأعشاب وإنما فيهم هم لأنهم وضعوا الشئ في غير موضعه ولجأوا إلى طرق خاطئة وأرادوا أن يثبتوا لأنفسهم ولمن حولهم أن العيب ليس فيهم وإنما بسبب قوى خارجة عنهم افتراءاً وظلماً. د - بعض الأطباء النفسيين الذين اعتقدوا خطأ أن تخصصهم في الطب النفسي أو في الأمراض العصبية والنفسية يخول لهم أن يتصدوا لكل المشكلات الزوجية والأسرية ومشاكل تربية الأبناء مع أنه من الطبيعي أن يرتبط الطب النفسي والعصبي بالأمراض العصبية والعقلية والنفسية فقط لأنه طب يرتبط بالمرض والعلاج ، لكن ما دخل الطبيب النفسي والعصبي بالمشكلات التي تنتج عن أسباب أسرية واجتماعية أو مشكلات حول تربية الأبناء؟ ه - بعض المراكز أو الجمعيات التي تصدى أصحابها للإرشاد الأسري مع أن المؤهلات العلمية الحاصلون عليها بعيدة عن هذا المجال ولم يتأهلوا له واعتمدوا على رغبتهم الحسنة وتجاربهم الشخصية وهذا وحده لا يكفي لتوجيه أسرة تتعرض لمواقف ومشكلات متنوعة ومختلفة في مواقف مختلفة أيضاً ، أليس من الأفضل أن نعطي العيش لخبازه كما يقول المثل العامي ومن سيكون الضحية ويتحمل النتيجة. هذه بعض أمثلة للعملات الدخيلة على مجال الإرشاد الأسري رغم أن نية بعضها قد تكون حسنة –كما سبق الإشارة- لكن النية وحدها لا تكفي ولا بد من العلم والخبرة والطريقة الصحيحة أيضاً ، فمن الحب ما قتل. ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هو: إذن فما هي مواصفات المركز أو الجمعية أو المرشد الأسري الصحيحة التي علي أن أراعيها وأن أتجه أليها؟ أهم هذه المواصفات ما يلي: 1- أن تكون الشهادة أو المؤهل العلمي الذي حصل عليه في هذا المجال ، ومرخص له فيه. 2- أن يكون له أبحاث ودراسات وسمعة حسنة في هذا المجال. 3- ألا يكون الأمر بالنسبة له هو مجرد تحصيل المال والرغبة في الربح فقط. 4-أن يكون أمينا على أسرار من يسأله ويسترشد به متقناً لعمله متفوقا فيه. 5- أن يكون مشهوراً بالسيرة الطيبة وحسن الخلق بصفة عامة مراعياً للقواعد المهنية والأخلاقية المرتبطة بهذا المجال. ألا قد أبلغ الناصح: أرجو الله ذلك ، ولأسرنا وبيوتنا كل السعادة والتوفيق. بقلم: د. أحمد مصطفى شلبي Email : [email protected]
د.أحمد مصطفى شلبي
• حصل علي الماجستير من قسم الصحة النفسية بكلية التربية جامعة عين شمس في مجال الإرشاد الأسري والنمو الإنساني ثم على دكتوراه الفلسفة في التربية تخصص صحة نفسية في مجال الإرشاد و التوجيه النفسي و تعديل السلوك . • عمل محاضراً بكلية التربية النوعية و المعهد العالي للخدمة الاجتماعية . »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
362,644
ساحة النقاش