**نموذج لتغلب الإرادة والعزم على الإعاقة واليتم**
عمت الفرحة أرجاء قرية كفر المقدام التابعة لمركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية، وتوافد الأهل والجيران والأصدقاء على منزل الطالبة سماء سمير أحمد علي الأولى مكفوفين على الجمهورية عقب إعلان نتيجة الثانوية العامة 2024، بمجموع درجات 392 درجة بنسبة نجاح 95.6٪، وسط فرحة عارمة بين أفراد أسرتها وأصدقائها بعد أن تعالت الزغاريد فرحًا وابتهاجًا بإبنتهم المتفوقة.
قالت سماء، الطالبة المتفوقة، أنها نشأت في أسرة بسيطة، وكان والدها يعمل موظفًا بالمجلس المحلي وتوفي إلى رحمة مولاه وهي في الخامسة من عمرها. والدتها ربة منزل، ولديها 3 شقيقات جميعهن متفوقات. الشقيقة الكبرى «سعاد» حاصلة على المركز الأول في الثانوية العامة على محافظة الدقهلية، والوسطى «سهر» حاصلة على ليسانس آداب قسم آثار، والصغرى «سارة» حاصلة على ليسانس حقوق. عكفت والدتها على تربيتهن عقب وفاة والدهن، وذلك من خلال عائد بسيط من محل بقالة، بجانب معاش والدها الذي ساهم في سد جزء كبير من متطلبات الحياة المعيشية، حتى تم الانتهاء من مراحل التعليم وحصلن على درجات علمية متميزة.
---
وأضافت سماء سمير أحمد علي الأولى مكفوفين على الجمهورية أنها من أبناء محافظة الدقهلية، وتبعد مدرسة المكفوفين بمدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية عشرات الكيلومترات عن مسكنها، وحتى تتغلب على بُعد تلك المسافة نقلت أسرتها محل الإقامة إلى إحدى قرى مركز الزقازيق لقربها من مدرسة المكفوفين خلال المرحلة الثانوية.
لفتت أن شقيقتها الكبرى «سعاد» حصلت على ليسانس آداب إنجليزي، وحاليًا باحثة في كلية التربية، وكانت داعمة لها بشكل كبير في استذكار الدروس طوال العام الدراسي، وهي بمثابة المثل الأعلى والقدوة المثلى لها. أكدت أن والدتها بذلت قصارى جهدها وأفنت حياتها من أجلها وشقيقاتها بعد وفاة والدها، وكانت بمثابة الأم والأب، كما أنها كانت تصطحبها من وإلى مدرستها وأماكن دروسها رغم المشقة والتعب، إلا أنها تعد أحد الأسباب الرئيسية في حصولي على مركز متقدم بين أوائل الجمهورية في الشهادة الثانوية هذا العام، كونها كانت تحرص على توفير الأجواء المناسبة لاستذكار الدروس، وكذلك توفير أوجه الدعم والرعاية الكاملة من كتب ودروس خصوصية وغيرها.
---
قالت سماء: إنها كانت تتوقع أن تكون ضمن قائمة الأوائل على مستوى الجمهورية حيث إنها بذلت جهدًا كبيرًا طوال فترة الدراسة وكانت تواظب على الحضور إلى المدرسة وتطبع الكتب بطريقة "برايل". قائلة: "كنت بذاكر في فترة الامتحانات نحو 11 ساعة يوميًّا."
أضافت أنها فور تلقيها مكالمة هاتفية من مكتب وزير التربية والتعليم بحصولها على المركز الأول بكت من الفرحة. أشارت إلى أنها حرصت على تنظيم وقتها من أجل تحصيل الدروس وقضاء بعض الوقت للترفيه بمساعدة والدتها التي تولت تربيتها ورعايتها بعد وفاة والدها. كانت تحرص على اصطحابها للمدرسة بالزقازيق وتنتظرها حتى انتهاء يومها الدراسي ثم تتوجه بها للموقف العمومي ومنه إلى بلدتها بمحافظة الدقهلية.
---
أشارت سماء إلى أنها تسعى للالتحاق بكلية «الألسن أسباني»، لأنها تعشق اللغة الإسبانية والترجمة بشكل عام، منذ التحاقها بالصف الأول الثانوي. إنها تتمنى أن تسافر إلى إسبانيا في منحة دراسية أو بعد التخرج، معللة ذلك بأن السفر له فوائد عديدة منها التعرف على ثقافات الشعوب الأخرى، والغوص في علوم ودراسات لن تجدها إلا في الخارج، فضلاً عن اكتساب المهارات والخبرات.
أوضحت والدة الطالبة سماء سمير أحمد علي الأولى مكفوفين على الجمهورية، أنها كانت تتوقع مع بناتها الأخريات حصول ابنتها «سماء» على مركز متقدم في نتيجة الثانوية العامة هذا العام، حتى تلقوا مكالمة هاتفية عقب أداء صلاة المغرب من مكتب وزير التربية والتعليم، يخبرهم بحصول «سماء» على المركز الأول على مستوى الجمهورية، وهو ما أدخل السرور عليهم، وسجدت لله شاكرة على هذه النتيجة. لافتة أنها تمكنت من تحقيق حلم زوجها المتوفي بتفوق بناتها جميعا في مراحل التعليم المختلفة، موضحة أن الفرحة تكتمل عندما تتمكن من زواجهن وإيصالهن إلى بر الأمان.
---
**لعلك تلحظ –عزيزي القارئ الكريم – كيف تلعب الأسرة وبخاصة الأم الدور الأكبر في تمكين ابنها وتفوقه عندما تكون الأم واعية برسالتها والأخوة مدعمون ومساندون لأخيهم أو أختهم صاحبة الإعاقة. وكيف يتغلب الإصرار والإرادة والعزم على ضيق العيش والإعاقة واليتم. ثم كيف يسهم تنظيم الوقت وتحديد الهدف في شحذ الهمة وتحقيق النجاح والتفوق. ألف مبروك لأسرنا ولأبنائنا الذين ذاقوا لذة التفوق والنجاح بعد السهر والعرق والكفاح .
.
ساحة النقاش