<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"جدول عادي"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->

علامات قبول الطاعة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وخاتم النبيين ورحمة الله للعالمين سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين...............أما بعد،،،،،

فإنه بعد كل طاعة وعبادة سواءً كانت حجًّا أو عمرة أو صيامًا أو صلاةً أو صدقةً، بعد أي عمل صالح يوفقنا الله إليه كلنا يردد هتاف علي رضي الله عنه فيقول: ((ليت شعري مَن المقبول فنهنيه، ومن المحروم فنعزيه)).

وبعد كل طاعة نردد أيضًا قول ابن مسعود رضي الله عنه: ((أيها المقبول هنيئًا لك، أيها المردود جبر الله مصيبتك)).

ولقد قال عليّ رضي الله عنه: ((لا تهتمّوا لقِلّة العمل، واهتمّوا للقَبول، ألم تسمعوا الله عز وجل يقول: ((إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ)). (سورة المائدة: من الآية رقم 27).

أخي الحبيب:

لا تكن مثل بعض المسلمين الذين ليسوا حريصين على قبول طاعاتهم، أو ليسوا مهتمين بذلك، فإن التوفيق للعمل الصالح نعمة كبرى، ولكنها لا تتم إلا بنعمة أخرى أعظم منها وهي نعمة القبول.

وإذا علم العبد أن كثيرًا من الأعمال تُرد على صاحبها لأسباب كثيرة، كان من أكثر ما يهمه معرفة أسباب القبول، فإذا وجدها في نفسه فليحمد الله، وليعمل على الثبات على الاستمرار عليها، وإن لم يجدها فليكن أول اهتمامه من الآن: العمل بها بجد وإخلاص لله تعالى.

فما هي أساب القبول أو ما هي علامات المقبولين:

1- عدم الرجوع إلى الذنب بعد الطاعة:

فإن الرجوع إلى الذنب علامة مقت وخسران, قال يحي بن معاذ: ((من استغفر بلسانه وقلبه على المعصية معقود, وعزمه أن يرجع إلى المعصية بعد الشهر ويعود, فصومه عليه مردود, وباب القبول في وجهه مسدود)).

إن كثيرا من الناس يتوب وهو دائم القول: إنني أعلم بأني سأعود.. لا تقل مثله.. ولكن قل: إن شاء الله لن أعود ((تحقيقًا لا تعليقًا)).. واستعن بالله واعزم على عدم العودة..

2- الوجل من عدم قبول العمل:

فالله غني عن طاعاتنا وعباداتنا، قال عز وجل: ((وَمَن يَشْكُرْ فَإنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ)) [سورة لقمان: من الآية رقم 12]، وقال تعالى: ((إن تَكْفُرُوا فَإنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ)) [سورة الزمر: من الآية رقم 7]، والمؤمن مع شدة إقباله على الطاعات، والتقرب إلى الله بأنواع القربات؛ إلا أنه مشفق على نفسه أشد الإشفاق، يخشى أن يُحرم من القبول، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية: ((وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُم إلى رَبِّهم رَاجِعُونَ)) [سورة المؤمنون: الآية رقم 60] أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون؟! قال: ((لا يا ابنة الصديق! ولكنهم الذين يصومون ويصلّون ويتصدقون، وهم يخافون ألا يُقبل منهم، أولئك الذين يسارعون في الخيرات)).

فعلى الرغم من حرصه على أداء هذه العبادات الجليلات فإنه لا يركن إلى جهده، ولا يُدل بها على ربه، بل يزدري أعماله، ويُظهر الافتقار التام لعفو الله ورحمته، ويمتلئ قلبه مهابة ووجلاً، يخشى أن تُرد أعماله عليه، والعياذ بالله، ويرفع أكف الضراعة ملتجئًا إلى الله يسأله أن يتقبل منه.

3- التوفيق إلى أعمال صالحة بعدها:

((إن علامة قبول الطاعة: الطاعة بعد الطاعة)) فمن علامات قبول الطاعة أن يوفق العبد لطاعة بعدها، وإن من علامات قبول الحسنة: فعل الحسنة بعدها، فإن الحسنة تقول: أختي أختي، وهذا من رحمة الله تعالى وفضله؛ أنه يكرم عبده إذا فعل حسنة وأخلص فيها لله أنه يفتح له بابًا إلى حسنة أخرى؛ ليزيده منه قربًا.

فالعمل الصالح شجرة طيبة تحتاج إلى سقاية ورعاية حتى تنمو وتثبت وتؤتي ثمارها، وإن أهم قضية نحتاجها أن نتعاهد أعمالنا الصالحة التي كنا نعملها، فنحافظ عليها، ونزيد عليها شيئًا فشيئًا، وهذه هي الاستقامة والهداية.

4- استصغار العمل وعدم العجب والغرور به :

إن العبد المؤمن مهما عمل وقدَّم من أعمالٍ صالحة, فإن عمله كله لا يؤدي شكر نعمة من النعم التي في جسده من سمع أو بصر أو نطق أو غيرها، ولا يقوم بشيء من حق الله تبارك وتعالى، فإن حقه فوق الوصف، ولذلك كان من صفات المخلصين أنهم يستصغرون أعمالهم مهما عظمت، ولا يرونها شيئًا، حتى لا يُعجبوا بها، ولا يصيبهم الغرور فيحبط أجرهم، ويَكْسِلوا عن الأعمال الصالحة.

ومما يعين على استصغار العمل: معرفة الله تعالى ورؤية نعمه وتذكر الذنوب والتقصير، ولنتأمل كيف أن الله تعالى يوصي نبيه بذلك بعد أن أمره بأمور عظام فقال تعالى: ((يا أيها المدثر * قم فأنذر * وربك فكبر * وثيابك فطهر * والرجز فاهجر * ولا تمنن تستكثر)) (سورة المدثر: الآيات 1-6)، فمن معاني الآية ما قاله الحسن البصري: لا تمنن بعملك على ربك تستكثره.

قال الإمام ابن القيم: «كلما شهدت حقيقة الربوبية وحقيقة العبودية وعرفت الله وعرفت النفس وتبيَّن لك أنَّ ما معك من البضاعة لا يصلح للملك الحق ولو جئت بعمل الثقلين؛ خشيت عاقبته، وإنما يقبله بكرمه وجوده وتفضله، ويثيبك عليه أيضًا بكرمه وجوده وتفضله" (مدارج السالكين: 2/ 439).  

5- حب الطاعة وكره المعصية:

من علامات القبول أن يحبب الله في قلبك الطاعة, فتحبها وتأنس بها وتطمئن إليها، قال تعالى: ((الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)) (سورة الرعد: الآية رقم 28).

ومن علامات القبول أن تكره المعصية والقرب منها وتدعو الله أن يُبعدك عنها قائلاً:
((اللهم حبب إليَّ الإيمان وزينه في قلبي، وكرَّه إليَّ الكفر والفسوق والعصيان، واجعلني من الراشدين)).

6- الرجاء وكثرة الدعاء:

إن الخوف من الله لا يكفي، إذ لابد من نظيره وهو الرجاء، لأن الخوف بلا رجاء يسبب القنوط واليأس، والرجاء بلا خوف يسبب الأمن من مكر الله، وكلها أمور مذمومة تقدح في عقيدة الإنسان وعبادته.

ورجاء قبول العمل مع الخوف من رده يورث الإنسان تواضعًا وخشوعًا لله تعالى، فيزيد إيمانه.

وعندما يتحقق الرجاء فإن الإنسان يرفع يديه سائلاً الله قبول عمله، فإنه وحده القادر على ذلك، وهذا ما فعله أبونا إبراهيم خليل الرحمن وإسماعيل عليهما السلام كما حكي الله عنهم في بنائهم الكعبة فقال تعالى: ((وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم)) (سورة البقرة: الآية رقم 127).

7- التيسير للطاعة والإبعاد عن المعصية :

سبحان الله!! إذا قبل الله منك الطاعة يسَّر لك أخرى لم تكن في الحسبان, بل وأبعدك عن معاصيه ولو اقتربت منها، قال تعالى: ((فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى)) (سورة الليل: الآيات 5-10).

8- حب الصالحين وبغض أهل المعاصي :

من علامات قبول الطاعة أن يُحبب الله إلى قلبك الصالحين أهل الطاعة ويبغِّض إلى قلبك الفاسدين أهل المعاصي، و لقد روى الإمام أحمد عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن أوثق عرى الإيمان أن تحب في الله وتبغض في الله)).

أخي الحبيب:

قل لي مَن تحب، مَن تجالس، مَن تود، أقل لك من أنت, ولله در عطاء الله السكندري حين قال: ((إذا أردت أن تعرف مقامك عند الله فانظر أين أقامك)).

والواجب أن يكون حبنا وبغضنا، وعطاؤنا ومنعنا، وفعلنا وتركنا لله سبحانه وتعالى لا شريك له، ممتثلين قوله صلى الله عليه وسلم: ((من أحب لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع الله، فقد استكمل الإيمان)) (رواه أحمد).

9- كثرة الاستغفار:

المتأمل في كثير من العبادات والطاعات مطلوبٌ أن يختمها العبد بالاستغفار، فإنه مهما حرص الإنسان على تكميل عمله فإنه لابد من النقص والتقصير، فبعد أن يؤدي العبد مناسك الحج قال تعالى: ((ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)) (البقرة: الآية رقم 199).

وبعد الصلاة علَّمنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نستغفر الله ثلاثًا، وأهل القيام بعد قيامهم وابتهالهم يختمون ذلك بالاستغفار في الأسحار، قال تعالى: ((وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)) (سورة الذاريات: الآية رقم 18).

وأوصى الله نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله: ((فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ)) (سورة محمد: من الآية رقم 19)، وأمره أيضًا أن يختم حياته العامرة بعبادة الله والجهاد في سبيله بالاستغفار فقال: ((إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا)) (سورة النصر: الآيات 1-3)، فكان يقول صلى الله عليه وسلم في ركوعه وسجوده: ((سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي)) رواه البخاري.

10- المداومة على الأعمال الصالحة:

كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم المداومة على الأعمال الصالحة، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عمل عملاً أثبته)) (رواه مسلم).

وأحب الأعمال إلى الله وإلى رسوله أدومها وإن قلَّت، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل)). (متفق عليه).

وبشرى لمن داوم على عمل صالح، ثم انقطع عنه بسبب مرض أو سفر أو نوم كتب له أجر ذلك العمل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا مرض العبد أو سافر كُتب له مثل ما كان يعمل مقيمًا صحيحًا)) (رواه البخاري)، و هذا في حق من كان يعمل طاعة فحصل له ما يمنعه منها وكانت نيته أن يداوم عليها.

وقال صلى الله عليه وسلم: ((ما من امرئ تكون له صلاة بليل فغلبه عليها نوم إلا كتب الله له أجر صلاته، وكان نومه صدقة عليه)). (أخرجه النسائي).

أسأل الله تعالى أن يجعلني وإياكم وجميع إخواننا المسلمين من المقبولين الذين تقبل الله صيامهم وقيامهم وحجهم وجميع طاعاتهم وكانوا من عتقائه من النار......اللهم آمين.

د/ محمد علي دبور

كلية دار العلوم – جامعة القاهرة

وعضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

[email protected]

المصدر: مقال شخصي
  • Currently 40/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
12 تصويتات / 466 مشاهدة

ساحة النقاش

asmaaeldsouky

جزاك الله خيرا على هذا المقال الثرى ولكن للاسف كثيرا من المسلمين لا يعرفون حتى معنى الطاعة فهم فى حاجة لكثير من الفقهاء والعلماء امثال سيادتكم لتبسيط فهم معنى الطاعات والعبادات وفقنا الله واياكم . باحثة سياسية وداعية اسلامية.

عدد زيارات الموقع

80,514