(الانتخابات بعيدا عن التعصب العشيري)
بقلم : محمد حيدر محيلان
أتألم واحزن وأنا أراقب ما يجري على ساحة منطقة غرب اربد واخص بلدتي سوم التي تتميز بتفوق أبنائها العلمي وتزاحم المثقفين والرائدين والقادة وأصحاب الكفاءات القادرة والمميزة على العمل والعطاء بكافة المجالات . وهي (سوم) التي ترفد المجتمع بمختلف المؤهلين من كل فن وعلم وصنعة … فمالها تضن على المجالس البلدية والبرلمانية بالقادة المميزين والأشخاص الممتلئين علما وثقافة وجدارة وقوة، من أصحاب الهمم العالية والنفوس الراقية الذين يحيون الأمم وينهضون بها إلى القمم، فكم من رجل ذي همة أحيا امة وارتقى بالمنصب العام ورفع من قيمة الكرسي … وكم من رجل اندفع للمنصب العام ليرفعَه الكرسيُ فسقط هو والكرسي وأصبح منصبه لعنة عليه وإساءة له وأمسى مسبة ومذمة لكل طامح للانتفاع بجاه المنصب، وكان وبالا عليه ومنقصة وملمزة، وليس مرفعة ومشهرة. فأن فاقد الشيء لا يعطيه والعظيم يرتقي بكل من حوله وبالكرسي وبكل شيء يتصل به، ولكن الوضيع الشأن الذي يلتمس المنصب العام ليكسب جاها ومنفعة مادية أو معنوية، فيعود لحاله كما كان قبل المنصب وهم كثر وتعرفون منهم الكثير، عدى من التصقت به منقصة أو مذمة جراء فساده أو دناءة نفسه فعاد أنقص مما كان قبل المنصب وأذل، وكسب عداء الجميع من يعرفه ومن لم يعرفه من قبل. والذي يؤلم أكثر تفرق الجمع وتشتت العشيرة الواحدة وعدم الاتفاق على إجماع أو فرز مرشح كفؤ يلتئم عليه شمل العشائر فيعكس وحدة العشائر التي تصبح بعد ذلك مهيبة مرهوبة الجانب. وان اجتمعت العشائر وأفرزت احد المرشحين انقلبنا على الاتفاق وفسخنا الائتلاف ومزقنا الاتفاق ونكثنا العهد وحللنا العقد ومضى كل جانب لمصلحته، وغايته، مغلبا (الأنا) على (النحن)، وفي هذا النهج مأثمة وموجدة تورث الإحن وتخلق المحن وتفرق الإخوة وتعدم المروءات وتميت الثقة بين الناس. فإذا كان هم الواحد منا خدمة البلد والأهل والمنطقة مقدما مصلحة الأمة على مصلحة الفرد والمرشح، فأنه لا يعنيه من أجمعت عليه البلد ومن وقع عليه التكليف والامتحان والاختبار ليحمل أمانة المسؤولية وعبء المسألة في الدنيا والسؤال في الآخرة… فاذا فشل في التجربة في حمل الأمانة التي أبت السموات والأرض والجبال أن تحملها وأشفقت منها وحملها الإنسان الجهول الظلوم، (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا) 72 الأحزاب، فعندها سوف يلام ويسأل عما قصر واخفق من قبل الناخبين والأهالي ويكون نجاحه سقوط، وعمله تفريط ومضيعة للوقت وتعطيل عن إعطاء الأمر لأهله، والمسؤولية لأصحابها والقوس لباريها والفرس للفارس. فيا أهل سوم الطيبين : أعطوا القوس باريها والفرس فارسها والأمر لصاحبه ولا تتعصبوا لعشيرة ولا لرأي، (ودعوا العصبية فأنها منتنة) وأن اجتمع القوم على واحد، فأجمعوا عليه ولا تتفرقوا وتنازعوا فتضعفوا وتهونوا (وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ (. فلتكْرموا وتجودوا، وانتم أهل الكرم والجود، وتكون سابقة لصاحبها، وان تنازل المرشح لأخيه هي مكرمة يثاب عليها وتكبره البلد وأهلها وهو نجاح وفوز وتفوق أهم من نجاح المرشح الآخر في البلدية، لأنه انتصار على النفس وتعاظمها وأنانيتها ومثلا عاليا في التسامح والإيثار، يُحسب له أمام الجميع، وهو علو للنفس أي علو ومشيخة وجاه أعظم من الفوز في الانتخابات، يؤرخه له أهل البلد، ويكسب صيتا يفوق النجاح في الانتخابات ويقدم في الانتخابات المقبلة ويكون له مقاما ومجدا ومكانة يُجله لها الصغير والكبير. ولمن يتنطح لحمل المسؤولية والأمانة أقول: نريدك أن تبني على ما بَنى الآخرون، إذا كان صحيحا، وإصلاح الخطأ منه إن وجد، لان المشاركة في الحراك الانتخابي تعبير عن الإرادة والرغبة في العمل وتأكيد لقدرة المرشح على العطاء غير المحدود، وان فلسفة الحكم المحلي تقوم على ملامسة حاجات الناس والاستماع لأرائهم، فدور المجلس البلدي لا يصح أن يقف عند نظافة الشوارع، وإنما التخطيط لمستقبل المنطقة وتنميتها، وتفعيل لمشاركة الأهالي من خلال تقسيم المنطقة وتنظيم وتفعيل لجان الأحياء، وانجاز التنظيم في كافة المناطق الداخلية في البلدية والتي خارج التنظيم وتعزيز البنية التحتية فيها. وندعوه المجلس البلدي المنتظر الخروج من المنظور التقليدي في العمل البلدي والسعي بالعمل الريادي بما يتوافق مع التطور العالمي في أمور بناء وتنظيم المدن، مع الأخذ بالاعتبار الزيادة السكانية وما تحتاجه المنطقة من أمور أساسية للعيش الآمن، ووضع البرامج والآليات لتنفيذ الأهداف أولا بأول، ثم الاهتمام بموضوع الشباب وترسيخ مبدأ (الفراغ مفسدة وفي الانشغال مجهدة ومسعدة). والاهم من ذلك وضع وتفعيل قاعدة التشاركية في اتخاذ القرار بحيث لا يكون فقط صادرا عن رئيس البلدية وإنما من لجان تشكل لهذه الغاية من أهل الحل والعقد والخبرات والرأي السديد، وان يكون خاضعا للمحاسبة من قبل الجميع والمواطنين الذين انتخبوه. أرجو قبول رأيي ومقالتي هذه على (محمل النصح والغيرة) على سوم وأهلها وليس ضد احد أو دعاية لأحد، مع دعائي للجميع بالتوفيق .
ساحة النقاش