سأخبرك بما لم تستطع عليه صبرا
[12/27/2012 4:49:21 PM] محمد حيدر محيلانوقد كتبت عن الفساد والمفسدين كثيرا وكنت اضن نفسي عالما بهما حتى وافاني الله بمن هو اعلم مني بهما وحقا (فوق كل ذي علم عليم) فَوَجَدَت عَبْدًا مِّنْ عِبَادِ الله آتَاهُ الله رَحْمَةً مِنْ عِندِه وَعَلَّمْهُ مِن لَّدُنَّه عِلْمًا,وبفعل مواقعه الوظيفية التي اشغلها أتيح له أن يطلع ويحيط بمالم يحط به غيره علما .
فقَلَت لَهُ بتواضع التلميذ المتلهف على اقتناص العلم وتلقف الحقيقة : (هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا) عن أخبار الفساد والمفسدين !! قال ومالك باخع نفسك على أثارهم - وان لم يصلحوا- أسفا ؟؟؟ ) ثم ( قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا)فأخبارهم كثيرة ومدهشة ( وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا) قلت له وأنا أتشوق لسماع أخبارهم (سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ صَابِرًا وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا) قَالَ (فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا) فقلت سمعا وطاعة , فانطلق بالحديث وجاء على خصخصة القطاع العام وإعادة هيكلة الدولة وكيف قام عدد قليل من المتنفذين في موقع القرار في الأردن ببيع ممتلكات الشعب من شركات ومؤسسات وثروات طبيعية ومقدرات وأراضي وبنى تحتية وقبضوا أثمانها سمسرة لحسابهم الخاص, وأنا أعض شفتيَ واقضم إصبعي تارة , وهو يتابع عن غسيل الأموال والمضاربات على الوطن واستباحت أهله وسرقت مدخرات الشعب في البورصات الوهمية وسوق عمان المالي والضمان الاجتماعي وإغراق البلد بالغذاء الفاسد والدواء المزيف واختراع المشاريع الوهمية لنهب المال العام وتفاقم المديونية لتقارب أل (17)مليار دولار وهي في ازدياد مضطرد,وأنا لم أزل أتأفف تارة وأُصفِر تارة أخرى وتجحظ عيناي وتطن أذناي وهو يششزرني بعينه مهددا أن لا يكمل الحديث , فأعود لصمتي وهدوئي المتكلف, ضابطا أعصابي تمثيلا حتى احصل على ما أحاط به خبرا ,حتى جاء على خصخصة شركة مناجم الفوسفات وقال : أُعطيت الشركة حقوق التعدين في مناجم ألرصيفه والحسا والشيدية والوادي الأبيض.
ويقدر الاحتياطي المثبت والمحتمل حتى عام( 2008 )لكافة المناجم ب(1459مليون طن)علما بأن السعر العالمي لطن الفوسفات لعام 2009 هو(280دينارا)وبذلك يكون المبلغ الاحتياطي بالدينار الأردني للشركة ما يقارب(40الف مليار دينار)حيث تمت خصخصتها وبيعت حصة الحكومة بمبلغ (88مليون دينار) وقد حققت الشركة ربحا مقداره (238 مليون دينار) خلال عام 2008 لسنة واحدة تعادل ما يقارب ثلاثة أضعاف المبلغ الذي بيعت به.
فوقفت صارخا الله اكبر منك لله يا ظالم.. يا ويلهم من الله ..... (قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ) قلت (َ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا( واعتذرت له فانطلق بحديثه وأما شركة البوتاس العربية: أعطيت حق الامتياز حصريا لاستخراج الأملاح والمواد الكيماوية في كامل منطقة البحر الميت وشاطئ البحر لمسافة (1كم) حيث بيعت حصة الحكومة للمستثمر الكندي بمبلغ ( (126مليون دينار) وقد وصلت أرباح الشركة عام( 2008 ) إلى (311.4) مليون, ثلاث أضعاف المبلغ الذي بيعت به. وبلغ سعر الطن الواحد من البوتاس ما يقارب (320دينار)عام 2008 . فقلت بالله عليك.. أولاد الــ .. فرمقني بعينه وكاد يقوم مغاضبا لولا أني وضعت إصبعي على فمي إيذانا بالأدب والإصغاء فاطرد قائلا : وأما شركة الإسمنت :لقد باعت الحكومة حصتها عام 1998إلى مجموعة لافارج الفرنسية حيث يوجد لها مصنعان إحداهما في الفحيص والآخر في الرشادية بمبلغ (70مليون ) دينارا ردني وقد حققت الشركة ربحا عام 2007/2008مقداره( 118 )مليون اضعاف ما بيعت به الشركة .
وباختصار فان هذه الثروة الوطنية للشركات الثلاث بيعت بمبلغ ((284(مليون) دينار وحققت أرباحا خلال سنة واحدة مبلغ (667.400) مليون دينار. فتمتمت لاعنا في بطني ... وأفاض وأمنية وما أدراك ما أمنية باعت الحكومة الترخيص الخاص بشركة أمنية ب(4 ملايين)دينار. وقد باعها صاحب الترخيص بعد اقل من عام إلى مستثمر آخر بمبلغ (415مليون)دينار أي إن هذه الصفقة قد حرمت خزينة الدولة مبلغ((411مليون) دينار لا يعرف احد أين ذهب هذا المبلغ وان الملف مازال مغلقا.. قلت لَّقَدْ جِاؤواَ شَيْئًا نُّكْرًا ....َ وأين مكافحة الفساد والمخابرات والأمن شو هي سايبة يا رجل قال( أَلَمْ أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْرًا) قلت (َ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْرًا) ثم أكمل قائلا: أما شركة الكهرباء الوطنية بيعت بمبلغ (52مليون)دينار لشركة دبي كابيتال مع إن ممتلكات هذه الشركة من مبان ومعدات تقدر بأكثر من مليار دينار .
وأما منطقة ميناء العقبة فقد بيعت بمبلغ (500مليون)دينار لشركة المعبر الدولية للاستثمار علما بأن ثمن ارض الميناء الحقيقية تزيد عن (4 مليارات) دينار كما بيعت ارض الشاطئ الجنوبي لمشروع تالابيه بسعر لا يتجاوز (5000)دينار للدونم الواحد علما بان قيمة الدونم الحقيقية (مليون دينار) أما شركة الاتصالات : بيعت إلى شركة فرانس تيليكوم بمبلغ(508مليون دولار) علما بان مرابح الشركة السنوية تتعدى أضعاف قيمة مابيعت به ,وأما الملكية الأردنية : فتحولت إلى شركه استثماريه قابضة وتم فصل نشاط الطيران عن النشاطات المساندة بعد أن تمت خصخصتها حيث بيعت مجمعات صيانة محركات الطائرات وتموين الطائرات ومركز التدريب والأسواق الحرة وأكاديمية الطيران لشركات أجنبيه بمبلغ (122مليون دولار) كما أن مطار الملكة علياء الدولي وكافة مرافقه تديره شركة فرنسية علما بان السعر الحقيقي لهذه البيوع يزيد عن ( 600 مليون دينار) كما تم بيع كامل حصة الملكية من شركة عاليه للضيافة وفندق عاليه ورويال تورز الى مستثمرين أجانب حيث بيعت بثمن بخس.
وهناك قضايا بيوع أخرى وبأسعار زهيدة وغير حقيقية مثل : سلطة المياه وفندق الأردن وحمامات ماعين وحصص الحكومة من الاسهم في كل من بنك الاسكان و بنك القاهره عمان و بنك الصادرات والتمويل و بنك الإنماء الصناعي و مصنع رب البندورة في الأغوار والكازينو و الالبان الأردنية و البتراء للنقل و الاجواخ الاردنية و الدباغة الأردنية و الخزف الاردنية و العربية الدولية للفنادق و مصانع الورق والكرتون و المؤسسة الصحفية الاردنية , كما تم إجراء عمليات تأجير لكل من مؤسسة سكة حديد العقبة لمدة 25 عاما ومؤسسة النقل العام وسلطة المياه الاردنية .
ويظهر مما تقدم بأن الحكومات قد باعت وأجرَت كافة مقدرات المؤسسات والقطاعات الإستراتيجية في الأردن من دون سداد المديونية ـ بل مع زيادتها ـ ولصالح زمرة معينة تمكنت من تكوين ثروات فاحشة.قَلتَ : لَوْ شِائت الحكومات لاتَّخَذْت َ عَلَيْهِ أَجْرًا مضاعفا وسددوا المديونية ولكن هل يعلم جلالة الملك ؟؟؟ ما أضنه يعلم عن كل هذا .... فطالما نبه وحذر من الفساد والمفسدين واعتبره خطا احمرا...... (قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا) ... أَمَّا الفوسفات والبوتاس فَكَانَتْا لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِيها لقوت عيالهمِ فَأَرَادتُّ أَلحكومة أن تِبيَعهَا لأنه َكَانَ وَرَاءهُا متنفذون يَأْخُذُون كُلَّ شركة غَصْبًا ففضلت أن تدخر المبالغ وتستثمرها لأبنائهم بالمستقبل.
وَأَمَّا شركة الاسمنت فموظفوها َكَان أَبَائَهمُ مُؤْمِنَييْنِ فَخَشِيت الحكومة أَن يُرْهِقَهُوهمَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا ففضلت الحكومة بيعها وتسريحهم, وَأَرَدْات أَن يُبْدِلَهُمَ رَبُّهُمَ خَيْرًا مِّنْها شركة وأكثر أجرا .وَأَمَّا أمنية وشركة الكهرباء فَبيعت لِغُلامَيْنِ فقيرين فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تحتهما كَنزٌ وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَت الحكومةَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا ويستثمروها رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ الحكومات عَنْ أَمْرِها, حيث باقي المؤسسات كل لها مايبرر بيعها, ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا.
فانطلقت من عند الرجل نادما على تسرعي حيث كان في جعبته الكثير .. وأنا شاكيا ومستودعا الأردن لله الذي لا تضيع ودائعه.
ساحة النقاش