مذكرات بلطجي ( أولاد حسان )
........................................
من كتاب الصعيد المهمش ( لأبن هنومة الغفير/عن السقة محروس / من فصل سيرة أولاد حسان / لإبن هنومة الداية / يروى الغفير ابن هنومة / قال /قالت الأم لما سألوها أن تنجب أخا لحسان / قالت بهية أم حسان / هذا يكفى والوعاء الذي حواه وأشارت إلى بطنها الممتلئة لا يحوى غيره /وقد كانت أول امرأة ترد على زوجها في إنجاب الذكور وزوجها يصبر عليها / فأنجبت حسان الذي هزت سيرته بر مصر كله / فصدقت نبوءة هنومه حينما أشرفت على الموت ظلت تناديه وتمنت أن تراه ولكنه كان هناك بين غيطان القصب يسامر الذئاب
........................................
هذا الجيل الثائر على نفسه وهذا الجيل الثائر على وطنه وهذا الجيل الثائر على أنظمته ما بين الثائر والبلطجي خيط رفيع وهو عدم الرضا على المجتمع والنظام ولكنهم متطابقان في الجنوح اللا إرادي على المألوف وتجاوز القوانين المنظمة لحياة البشر فمن الصعب عزل الجينات الإجرامية والثورية لدى البعض في مجتمع يعج بالفوضى والثورة على المألوف فالثائر محبط والبلطجي محبط ولكن أحدهما ضل الطريق وكلاهما له رواده ومريديه في مجتمع افرد فيه النظام صفحات لعقيدة الذل والقهر والتهميش فأحدهما ثار للإصلاح والتغير والآخر ثار للهدم والتخريب فكانت ظاهرة البلطجة مبهرة وجاذبة لأشخاص ضاق أفقهم للتغيير ونشطت داخلهم الخلايا الإجرامية فهب منتفضا لينتقم ويتلذذ بالانتقام وهذا واضحا في الحالات الاستثنائية للبلطجة لتجد كثيرا منهم ينتمون لعائلات متوازنة غير مطربة ولم تعهد السلوك الإجرامي المفرط فهي حالة استثنائية وفريدة من نوعها بين سنابل العائلة فتجمع حولها نفر من جيل نشأ بلا هوية ولا انتماء لفرد ظنوا انه فارس في زمن تقلصت فيه الفروسية والبطولة فتلك الطبائع البديلة وجدت بيئتها المناسبة في زمن التناسي لطاقات الشباب التي تشبعت نقما وحنقا على المجتمع قبل النظام وهذا ما يسمى بالبلطجة الثورية وهو الانتقام من النظام والرعية فهدم كل ما هو منسوب للنظام وان كانت الغاية منه خدمة الرعية فتغيب فيه ملامح الوطنية ومقدرات الوطن لتنشأ لها تشريع يحل لها السلب والنهب والتخريب فنجد أنفسنا أمام حالة ثورية متناقضة وحالة الإمساك بكل ما هو محرم من اجل الإنقاذ من الغرق هي تلك الصناعة التي استغرقت ثلاثون عاما هي تفرز الآن ثمارها التي يجنيها المجتمع من الصعب في الوقت الراهن السيطرة على مفهومها لأن مفاهيمها قد انهارت وهى الاحتكام للقبضة الأمنية والأمنية فقط أو الاحتكام للشارع والشارع فقط فلما انهارت المنظومة القهرية والأمنية بقى الاحتكام للشارع في كلا الحالات غيب القانون وبمعنى أدق ثقافة القانون والذي غيب بإرادة أمنية فلما انهارت المنظومة الأمنية غاب القانون الذي أصبح بفعل التهميش وقد شاخت فاعليته وقبوله بين الناس فعاد كالغريب لا يعرف أحدا ولا يعرفه احد لأنه غريب عن مفاهيم المواطن التي تشكلت عبر عشرات السنين فكان من الطبيعي بعد الثورة هو اعتناق السلاح لا الفكر ونحمد الله أن تلك الخلايا الإجرامية المتناثرة بين ربوع الوطن لم تتلاحم أو تتقابل لتدور رحى حرب أهلية لا قبل لنا بها وبفضل عدم توحد عقيدة الانتقام ونشوط الخلايا الإجرامية عند البعض في قتال الذات مما سهل المرور شبه الهادئ والآمن للثورة وما بعد الثورة والمحك في المنظومة الوطنية هو عدم وجود رؤيا واضحة عند النخب في إدارة مرحلة ما بعد الثور وفك أغلال الخوف والرعب الأمني في علاج تلك الظاهرة في ظل الطاحونة السياسية المشخصنة للنخب والتي تتصارع على هلاك نفسها وأحزاب مفرغة من رؤى فعلية وواقعية للعبور من حالة التوتر والاحتقان النفسي لهؤلاء بل تم استثمارهم وتوجيههم لصناعة مستقبل سياسي ملوث لبعض النخب بغض النظر عن مصلحة الوطن ولأن تلك النخب والأحزاب تمتلك رؤيا كلامية فعالة في صناعة الأحداث تم استدراج هؤلاء إلى أثقال ثقافتهم الإجرامية وإنزالها للواقع العملي في تدمير الوطن فالأمر إذن يستوجب جراحة دقيقة وفاعلة لشعب يرغب في العودة إلى التوازن الوطني وهو الانتماء إلى الأنا ومن ثم الانتماء للوطن فلا جدوى من الانتماء للوطن إن لم يكن هناك إشباع لانتماءات الأنا والذات التي ظمئت من شح الإشباع الشخصي والأسرى إن ظاهرة البلطجة ونظرا لتداخل المفاهيم الثورية والإجرامية لا تجد نفورا عن قطاع من الشعب بل تجد في البلطجة نموذجا ورمزا تم افتقاده وهذا مرجعه إلى عجزنا في عزل المفاهيم وفصلها ما بين البلطجة ومفهومها الأسود وبين الثورية ومعانيها السامية فالبلطجة صناعة نظام لذا وجب أن يكون العلاج من النظام مما يستوجب عليه ري تلك العقول بالأعمال الواقعية لا بالخدع الوهمية من أمال طال انتظارها ولا زال يطول وبذلك يمكن عزل الجينات الثورية عن الجينات الإجرامية لذا نحن بحاجة إلى مشروع نهضة صادمة ومفاجئة وليس مشروع نهضة روائي وترويجي لشعب عانى من التيه ثلاثون عاما هنا فقط يمكن الحديث عن شعب سبعة آلاف سنة حضارة لأعمال خلدته وميزته وأبهرت العالم من حوله
........................................
هذا الجيل الثائر على نفسه وهذا الجيل الثائر على وطنه وهذا الجيل الثائر على أنظمته ما بين الثائر والبلطجي خيط رفيع وهو عدم الرضا على المجتمع والنظام ولكنهم متطابقان في الجنوح اللا إرادي على المألوف وتجاوز القوانين المنظمة لحياة البشر فمن الصعب عزل الجينات الإجرامية والثورية لدى البعض في مجتمع يعج بالفوضى والثورة على المألوف فالثائر محبط والبلطجي محبط ولكن أحدهما ضل الطريق وكلاهما له رواده ومريديه في مجتمع افرد فيه النظام صفحات لعقيدة الذل والقهر والتهميش فأحدهما ثار للإصلاح والتغير والآخر ثار للهدم والتخريب فكانت ظاهرة البلطجة مبهرة وجاذبة لأشخاص ضاق أفقهم للتغيير ونشطت داخلهم الخلايا الإجرامية فهب منتفضا لينتقم ويتلذذ بالانتقام وهذا واضحا في الحالات الاستثنائية للبلطجة لتجد كثيرا منهم ينتمون لعائلات متوازنة غير مطربة ولم تعهد السلوك الإجرامي المفرط فهي حالة استثنائية وفريدة من نوعها بين سنابل العائلة فتجمع حولها نفر من جيل نشأ بلا هوية ولا انتماء لفرد ظنوا انه فارس في زمن تقلصت فيه الفروسية والبطولة فتلك الطبائع البديلة وجدت بيئتها المناسبة في زمن التناسي لطاقات الشباب التي تشبعت نقما وحنقا على المجتمع قبل النظام وهذا ما يسمى بالبلطجة الثورية وهو الانتقام من النظام والرعية فهدم كل ما هو منسوب للنظام وان كانت الغاية منه خدمة الرعية فتغيب فيه ملامح الوطنية ومقدرات الوطن لتنشأ لها تشريع يحل لها السلب والنهب والتخريب فنجد أنفسنا أمام حالة ثورية متناقضة وحالة الإمساك بكل ما هو محرم من اجل الإنقاذ من الغرق هي تلك الصناعة التي استغرقت ثلاثون عاما هي تفرز الآن ثمارها التي يجنيها المجتمع من الصعب في الوقت الراهن السيطرة على مفهومها لأن مفاهيمها قد انهارت وهى الاحتكام للقبضة الأمنية والأمنية فقط أو الاحتكام للشارع والشارع فقط فلما انهارت المنظومة القهرية والأمنية بقى الاحتكام للشارع في كلا الحالات غيب القانون وبمعنى أدق ثقافة القانون والذي غيب بإرادة أمنية فلما انهارت المنظومة الأمنية غاب القانون الذي أصبح بفعل التهميش وقد شاخت فاعليته وقبوله بين الناس فعاد كالغريب لا يعرف أحدا ولا يعرفه احد لأنه غريب عن مفاهيم المواطن التي تشكلت عبر عشرات السنين فكان من الطبيعي بعد الثورة هو اعتناق السلاح لا الفكر ونحمد الله أن تلك الخلايا الإجرامية المتناثرة بين ربوع الوطن لم تتلاحم أو تتقابل لتدور رحى حرب أهلية لا قبل لنا بها وبفضل عدم توحد عقيدة الانتقام ونشوط الخلايا الإجرامية عند البعض في قتال الذات مما سهل المرور شبه الهادئ والآمن للثورة وما بعد الثورة والمحك في المنظومة الوطنية هو عدم وجود رؤيا واضحة عند النخب في إدارة مرحلة ما بعد الثور وفك أغلال الخوف والرعب الأمني في علاج تلك الظاهرة في ظل الطاحونة السياسية المشخصنة للنخب والتي تتصارع على هلاك نفسها وأحزاب مفرغة من رؤى فعلية وواقعية للعبور من حالة التوتر والاحتقان النفسي لهؤلاء بل تم استثمارهم وتوجيههم لصناعة مستقبل سياسي ملوث لبعض النخب بغض النظر عن مصلحة الوطن ولأن تلك النخب والأحزاب تمتلك رؤيا كلامية فعالة في صناعة الأحداث تم استدراج هؤلاء إلى أثقال ثقافتهم الإجرامية وإنزالها للواقع العملي في تدمير الوطن فالأمر إذن يستوجب جراحة دقيقة وفاعلة لشعب يرغب في العودة إلى التوازن الوطني وهو الانتماء إلى الأنا ومن ثم الانتماء للوطن فلا جدوى من الانتماء للوطن إن لم يكن هناك إشباع لانتماءات الأنا والذات التي ظمئت من شح الإشباع الشخصي والأسرى إن ظاهرة البلطجة ونظرا لتداخل المفاهيم الثورية والإجرامية لا تجد نفورا عن قطاع من الشعب بل تجد في البلطجة نموذجا ورمزا تم افتقاده وهذا مرجعه إلى عجزنا في عزل المفاهيم وفصلها ما بين البلطجة ومفهومها الأسود وبين الثورية ومعانيها السامية فالبلطجة صناعة نظام لذا وجب أن يكون العلاج من النظام مما يستوجب عليه ري تلك العقول بالأعمال الواقعية لا بالخدع الوهمية من أمال طال انتظارها ولا زال يطول وبذلك يمكن عزل الجينات الثورية عن الجينات الإجرامية لذا نحن بحاجة إلى مشروع نهضة صادمة ومفاجئة وليس مشروع نهضة روائي وترويجي لشعب عانى من التيه ثلاثون عاما هنا فقط يمكن الحديث عن شعب سبعة آلاف سنة حضارة لأعمال خلدته وميزته وأبهرت العالم من حوله