غنيت لك ....... فلمن أغنى
تلك الأبصار الزائغة وتلك القلوب الضائعة في ملكوت وجُدت فيه, ما أبشع تلك النفوس المظلمة والقلوب المؤلمة كائن يسير بكل تلك التشوهات بلسان الملائكة وعيون الذئاب ومخالب النمور يتلون كالثعابين بين المنحدرات وتحت ظلال الغابات وفوق سفوح الرمال يتلوى من الألم إذا أصيب ويتوسل الصفح والغفران، ويتشفى ببشاعة المنتقم إذا أصاب هذا الفرز من البشر مخيف ومرعب ،إذا نزف دمائه سوداء كدماء الزواحف رائحة جلدة كرائحة الضفادع في البرك العفنة إنها كائنات لا تصفوا أبدا بها شئ معطل من مفردات القناعة والسماحة وبها كهوف مظلمة بجنبات قلبها لا ترضى بما هى فيه وناقمة على ما بحوزة غيرها تتجول بين جنبات الحياة ناقمة منتقمة غائرة فى الحقد والمرض كل هذا لا تراه هو مدفون في مكان ما بين أقفاص صدروها يندفع عند الضرورة ومتى طلبت الحاجة فيحرق كل ثمرة طيبة وكل شجرة مثمرة طالما إنها ليست في حماه انك تسير سنين وربما العمر كله بين هؤلاء ولا تلمح عليهم هذا البركان الذي يغلى بجوفهم وتكتشف بعد طول المسير انك كنت تجاور حمما تحمد الله إنها لم تطفوا فوقك أو تحرقك بوهجها تلك الضغائن فى النفوس ربما لا تعرف مبعثها أو موردها اللهم إلا خلل في النفوس تمكن وظلام في الصدور تربع وقلق من المجهول سيطر تلك النفوس الملوثة من الصعب اكتشافها بقدرات عادية أو سلوكيات مثالية ولكن البعض أدرك ذلك فجعل الحذر قاعدة وتجنب الناس سويهم ومسيئهم سواء، والعيش في خلوة الأنا المسالمة ،الأنا المستكينة التي لا ترعى في حما احد ولا ترتكز على أعمدة الرفقة إننا حقا أمام إنسان غامض وكائن عجيب به كل شئ ويعبث بكل شئ ويناور ويحاور بكل شئ إنسان خلقت معاناته داخل نفسه فأفرغها فى الكون وتكونت تناقضاته فتوه بها الخلق يكون صراعاته داخل نفسه ثم ينشرها لتنفرط حتى حدود الكون لذا كان ما كان من الأقدار وغيبيتها وغموضها الذي يفاجئ الإنسان ويأتيه من حيث لا يدرى ومن حيث لا يتوقع ليربكه ويفقده توازنه حتى يفيقه إلى حيث خلقته الأُولى إنسان دون تشوهات ثمة أشياء لا يمكن تفسيرها ولا يمكن الوقوف عند ظواهرها متى تحدث وكيف تحدث ولما تحدث هذا هو الغموض في أحداث تمر بالإنسان لما له من قدرات محدودة في كون أوسع منه وأرحب منه إن الأقدار هي غيب لا يمكن توقعه أو انتظاره أو تفاديه يعبث بالإنسان كيفما يشاء ومتى شاء بغيب محجوب أصلا عنه تلك بواعث النفس التي تروى للناس مفاصل الحياة وتوحي للإنسان بأنه كائن ليس ملك لنفسه وليس في مقدوره التحكم في مصائره هناك حيث نسمع ولا نرى رحاب أوسع تدور فيها الأحداث وتعبأ فيها الأقدار وتنسج فيها الأرزاق والأعمار لا نعلمها ولا نعرفها ومن يذهب إليها لا يعود لنا ليخبرنا بما يحدث أو بما يلاقى ولكن علينا إن نتأكد إنها موجودة وبقوة وكل من حولنا من تغيرات وأحداث يثبت أنها موجودة وان هذا الكائن الصغير المسمى الإنسان لا يساوى ثقب في سم الخياط من هذا المدى الراحل في المسافات والغائب في الأحداث والغائر في الحدود فالإنسان على اختلاف عقائده ومعتقداته يؤمن انه لا يمكن أن يكون من لاشي وانه حتما سيؤل لشئ ينتظره ويعد له ما لا يعلمه فيشتد الصراع على حقيقة هذا القادر وماهيته وصفاته وقدراته والتي تظل غير ملموسة وغير مرئية فالإيمان بالرسل هو دافع لقناعات راسخة بوجود هذا المتحكم والتي تتناقل صفاته هذا الكون فيبدأ الإنسان في تخيله لهذه القوى التي تسير أموره ولضيق عقله وافقه يكون له فكرة تجعله شاذا في تخيله فيصنع اله اضعف منه ويكفى انه هو من يصنعه ثم يكتشف أن هذا غير مقنع وغير مرضى لمن له الفضل عليه فيتجه لعبادة نفسه فهو اله اصطفاه اله فتتشعب الآلهة من اله الشمس إلى اله النار إلى اله الظلام وهذا أيضا ليس مرضى له فينقب عن شئ مقنع يرضى به تيهه وتوهانه في بحثه عن الحقيقة التي رهن نفسه لها وعاش من اجلها وهو ينتظر هذا الذي يركن في مكان ما في متسع ما في بقعة ما ينظر لمخلوقه فترسل الرسل التي تخبر بوجوده وهى قلما تراه إنما يوحى إليها من عظمته وتتعاقب الأزمنة وتتعاقب الأنبياء تخبر به لتتثبت عقيدة قضى فيها عمرا ودهرا للبحث عنها وهى حقيقة وجوده ولكن ما هي طبيعته ومشيئته ومسكنه ومكمنه تظل قائمة بصراعها ومن يذهب إليها لا يرجع ليخبرنا بهذا فتتصارع البشرية على هدف واحد وحقيقة واحدة ولكن بمفاهيم مختلفة وتلك هي طبيعة البشر في الاختلاف على ما اتفقوا عليه وهو أن الله هو الخالق وهو كل شئ ولكن كينونته تظل متناقضة بين الأديان والمعتقدات حتى بين المعتقد الواحد تجد الاختلاف فيما يليق أو لا يليق بوصفه جل جلاله