روعة الإحساس

كنا نسير للأمام أو هكذا كنا نظن فنظرنا نكتشف ما قطعناه وجدنا أنفسنا نسير للخلف وفقدنا ما إحتويناه

<!--

<!--<!--

منذ أن عرفته وأنا لم أعهد منه هذا الحنين ...... ولكن هذا الصباح الابتسامة لم تفارق ثغره .... يتقافز كالفراشة،يعيد تشكيل الفرحة التي غابت عنه كثيرا ،يتحسس زوايا الحجرة يزيل خيوط العنكبوت العالقة بها ....... أدهشني حينما تقدم وعرض عليَ المساعدة ....تهاوت ساعات النهار كما تهاوت فرحته المفاجأة . صوت خافت من خلف الباب يأتي ،جرجرت جسدي وفتحت الباب .....وجه عهدناه من قبل ...تصافحنا وجلس الضيف وعلى وجهه إيحاءات مبهمة .....أنحدر بصاحبي ناحية الباب تتراقص شفاهنا بحديث يود أن يجعله سرا ...لم يسرقا من الوقت كثيرا ثم عادا ...انخرط صاحبي من بيجامته القرمزية ثم حواه لباسه الأبيض.استشف قلقي ..ابتسم ابتسامة دافئة وصافحني وكأنه يودعني وتدحرج على السلالم يرافقه الضيف واندفعا إلى الطريق المعبد .

لم يكتفي بمصافحتي أخذ يلوح بيده لاويا عنقه تجاه النافذة التي أطل منها ...بادلته الطقوس حتى ذاب بين أكتاف المارة ،ظللت منكفئ على النافذة ..بدأت الشوارع تفقد روادها إلا من القطط والكلاب الضالة وهي تمزق صناديق القمامة بحثا عن الفتات....تمر في أفواج وكأنهم حراس الليل الموحش.. أغلقت كل النوافذ ،....صراخ طفل انفلت من أحد المنازل نجحت الأم في أن تخرسه ،ضمته إلى صدرها ودفست حلمة ثديها في فمه فابتلعه ثم ابتلعه سكون الليل ...يمر أحد حراس الليل وهو يحدق نافذتي المضيئة انتصب تحتها قالت عيونه كثيرا ولكن لسانه لم يقل شيئا انزلقت سيقانه على الممر حتى وصل إلى صاحبه انحنى إليه  ودس في أذنه كلمات لم أسمعها ولكنى قد أكون فهمتها ،نظر الاثنان (ناحيتي) وابتسما ثم انصرفا....... لقد غاب كثيرا وتأخر عن موعده .......صوت المذياع يبعث الأمان في زوايا الحجرة كان عبد الحليم يتهادى ......يا مالكا قلبي ......دفعت بيدي لتخرس هذا الصندوق السحري فتدحرجت أصابعي صوب زر الموجات فارتطمت به  وحركته كان عبد الحليم أيضا ....حاول تفتكرني ......أخيرا نجحت في أن اخرس المذياع شخصت ببصري صحن السماء

بومه داكنة تخترق أغشية الفضاء حطت على أحد المآذن ثم عاودت النحيب،من بعيد شيء ما يتماوج في الظلام مجموعة من الهياكل المتحركة يرتدون زيا وكأنه اقتطع من أقمشة الليل الأسود لم ألمح إلا وجوههم وأجسادهم مختلطة بظلام الممر .... تسلقت سيقانهم السوداء منحيات السلم ..... انتصب اثنان على الباب أحدهما منتفخ البطن يقطن على وجهه شارب كث ،توارت باقي الأجساد داخل الحجرة يحملانه القياه على المنضدة ،ثم تدحرجوا وتسلقوا حافلتهم العارية التي كانت تنتظرهم على رأس الشارع .... دفعة من الدخان تقيأت بها الحافلة قبل الانطلاق ، دفعت بنفسي إلى حيث الجسد الممدد ،سرسوب من الدماء سال من جبهة صاحبي ،دماء دافئة تنضح من بين أسنانه .... بقع خضراء وحمراء مغروسة في وجهه الأصفر ،جلبابه الممزق يسرد تفاصيل ما حدث .

حفر الدم في الوسادة أخدود أحمر ....دفنت يدي في جيبي وأخرجت منديل أبيض لأنتزع الدم من جبهته وشفتيه نظرت إلى وجهه فرأيت أن هناك شئ انتزع منه ولن يعود للأبد.

 

mohamedzeinsap

كتبنا وكنا نظن أننا نكتب وقرأت ما كتبنا أكتب تعليقك ربما يكون نافلة القول التى تقيمنا إنتقد أو بارك أفكارنا لربما أنرت لنا ضروبا كانت مظلمة عنا أو ربما أصلحت شأننا أو دفعتنا لإصلاح شأن الآخرين

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 383 مشاهدة
نشرت فى 4 يناير 2013 بواسطة mohamedzeinsap

محمد زين العابدين

mohamedzeinsap
نحن نتناول إحساسك ومشاعرك وغربتك نكتب لك ..... وتكتب لنا فى السياسة والادب والشعر والقصة والسيرة والدين نحن هنا من أجلك و...... ومن أجلنا لكى نقاوم حتى نعيش بأنفاسنا المحتضرة وآمالنا المنكسرة وآحلامنا البعيدة نحن المتغربين بين أوطانهم والهائمون فى ديارهم »

عدد زيارات الموقع

131,405

تسجيل الدخول

ابحث

ذاكرة تغفل..... ولكن لا تنسى




في قريتنا الشئ الوحيد الذي نتساوى فيه مع البشر هو أن الشمس تشرق علينا من الشرق وتغرب علينا من الغرب نتلقى أخبار من حولنا من ثرثرة المارين بنا في رحلاتهم المجهولة نرتمي بين حضن الجبل يزاحمنا الرعاة والبدو الأطفال عندنا حفاة يلعبون والرجال عند العصارى يلقون جثثهم أمام البيوت على (حُصر ) صُنعت من الحلف وهو نبات قاسى وجاف والنساء ( يبركن بجوارهم ( يغزلن الصوف أو يغسلن أوعيتهم البدائية حتى كبرنا واكتشفنا بأن الدنيا لم تعد كما كانت .... ولم يعد الدفء هو ذاك الوطن.......... كلنا غرباء نرحل داخل أنفسنا ونغوص في الأعماق نبحث عن شئ إفتقدناه ولا نعرفه فنرجع بلا شئ .. قريتنا ياسادة لا عنوان لها و لا خريطة ولا ملامح وكائناتها لا تُسمع أحد نحن يا سادة خارج حدودالحياة في بطن الجبل حيث لا هوية ولا انتماء معاناتنا كنوز يتاجر بها الأغراب وأحلامنا تجارة تستهوى عشاق الرق وآدميتنا مفردات لا حروف ولا كلمات لها ولا أسطرتُكتب عليها ولا أقلام تخطها نحن يا سادة نعشق المطر ولا نعرف معنى الوطن نهرب إلى الفضاء لضيق الحدود وكثرة السدود والإهمال... معاناتنا كنز للهواة وأمراضنا نحن موطنها لا تبارحنا إلا إلى القبور ... وفقرنا حكر احتكرناه ونأبى تصديره نحن أخطاء الماضي وخطيئة الحاضر ووكائنات غير مرغوب فيها...طلاب المجد نحن سلالمهم وطلاب الشهرة نحن لغتهم ... نحن يا سادة سلعة قابلة للإتجار بها ولاقيمة لها .. نحن مواطنون بلا وطن