<!--
<!--<!--
يا راهب الدير هل مرت بك الإبل
قصائد عشق وأفئدة القلوب يتغنى بها راعى الإبل فابن الصحراء ينجب شعرا وينثر دررا، بطولات في الميدان وجولات في العشق مميتة هذا الكائن الصحراوي يلتهب قلبه عشقا تحط جوانحه حيث يرثوا قلبه يتنوع عنده العشق والهيام فيتلبس الجسد ويتلاشى حيث التجليات هو الإنسان أي كان وأينما كان تبحر روافد العشق عنده فتصيبه بالجنون والزندقة وتلقيه في خندق الأطفال أو المجانين يقذفه الصغار بالحجارة وتلهبه أغنيات الصبايا ويلقيه الكبار بالجنون يتنوع العشق عنده من عشقه لمحبوبته لعشقه لله ومن زمرة العشق الإلهى يأتي الحلاج قطب الصوفية ضاربا مثلا للعشق الإلهي النادر والعشق لرسول الله وآل بيته لدرجة انه يقذف بالجنون والزندقة والكفر فينشد شعرا أروع ما يكون يعجز الشعراء عن الإتيان بمثله يخبر بحقيقة العارفين التي غابت عن الكثير ومنهم رجال الدين أصحاب الفتاوى الجافة والنصوص الجامدة والقوالب الفقهية اليابسة والمتحطبة فعلاقة الحلاج بربه أوردته المهالك وحبه لله ورسوله وآل بيته أورثته الجنون يترجم الرجل معاناته شعرا يخرس الألسن ويبهر السامعين حتى تبلغ القلوب الحناجر فيعلن متحديا انتقاده ولومه على حالة الزهد ويرد على منتقديه( ولوامه )بإباحية شعرية لم يأتي بها العرب بعد وهى كنز من كنوز الصوفية في خصوصية العلاقة مع من يحبون فينشد قائلا
و الله ما طلعت شمس و لا غربت
.................. إلا و حبك مقرون بأنفاسي
و لا جلست إلى قوم أحدثهم
.................. إلا و أنت حديثي بين جلاسي
و لا ذكرتك محزونا ولا فرحا
.................. إلا و أنت بقلبي بين وسواسي
و لا هممت بشرب الماء من عطش
.................. إلا رأيت خيالا منك في الكاسِ
و لو قدرت على الإتيان جئتكم
.................. سعيا على الوجه أو مشيا على الراسِ
و يا فتى الحي إن غنيت لي طربا
.................. فغنني واسفا من قلبك القاسي
ما لي و للناس كم يلحونني سفها
.................. دينـــــــــــــي لنــــــــــــفسي و ديــــــــــــــــن النــــــــــــــــــــــــاس للـــــــــــــــــناسِ
هذا هو الحلاج ينشد شعرا يبلغ أعلى مراتب الإيمان إنها خصوصية بين الحبيب ومحبوبه ثم تفاجئنا ( رابعة العدوية) صاحبة العشق الإلهي وخصوصية العلاقة بين العبد وربه والتي يهاجمها كثيرا من العلماء على إفراطها في حب الذات العلية التي قد تبلغ درجة الشذوذ في العشق غير الممنطق فأدب الحوار مع الذات العلية يختلف عن غيره من الأحبة وهذا عند المتصوفة مذهب ومنهج وعند غيرهم جنون وزندقة قد يصل لحد الكفر وهذا هو حال العشاق والاعراض الصحية للعشق وهى نفور الجميع ونقمهم على العاشق وان دل هذا يدل على عدم التعمق في النفس البشرية وصعوبة فهمها وتحليلها فهذا التراث الغنى الذي أهملناه0 وتبرئنا منه فتهنا بعده وتغربنا وتاهت خطانا فنسينا ماضينا وعجزنا عن فهم حاضرنا إن أسوء ما يكون عليه المرء هو خجله من ماضيه أو نسيانه وانتعاله حاضرا غير مشرف مقتبس من شعوب ليس لها حضارة ولا تاريخ كانت ولا تزال المرأة وما تحدثه من اثر في حياة الإنسان ( وهذا هو النوع الثانى من العشق )هي من أدبيات العرب وموروثة ولم يكن غافلا عن احد إن الصحراء بقسوتها وجفائها على أبناءها نسجت أجمل قصص العشق والغرام الطاهر وإذا بها تفاجئنا بكائن صحراوي نادر الوجود يتعامل مع إلهه الذي يعتقد وفطرته النقية بورع يفوق الخيال وفى نفس الوقت يطلق لنفسه العنان في التغني بمحبوبته فينسج شعرا يحاكى به الدهر وتغرد به القبائل ونتوارثه نحن لنقف مبهورين أمام هذا الإنسان الفريد من نوعه وتضيف الأسطورة الشعبية شهية غائرة في تتبع سير الأولين يحكى لنا التراث العربي عن عنترة الذي استلهم كل بطولاته وقوته الخارقة من محبوبته عبلة ليكشف لنا أن الحب ما هو إلا قصة كفاح وربما مجد وتاريخ وتظل بنت الصحراء ( عبلة ) أسيرة تلك الانتصارات تصمد وتجاهر بحبها وتراهن على قدرة حبيبها على اختراق الصعاب ويهيم المحبوب في الصحراء شعرا وقوة فيغزو ارض النعمان ويقتلع مهرها من أنياب الأسود هكذا تخبرنا القصة التي أضافت لها الموروثات الشعبية عشق على عشقها وعند هذا الحد لم يضمر التاريخ العربي بمثل هذه القصص ومكانة المرأة في قلب الرجل ما نكاد ننتهي حتى يخبرنا بقصة قيس وليلى وكيف كان يهيم على وجهه في الصحراء يتغنى بها ويروى الرواة عن قيس انه كان يطبق على الجمر بين يديه فلا يشعر بلسعة الجمر وهى تخترق كفوفه لأن ما في قلبه اشد وهجا واشتعالا ويروى أيضا أنهم أخذوه للحج فبدلا أن يقول لبيك اللهم لبيك كان يقول ليلى ليلى وقد مات بحبها وحرمانه منها وقد قيل أن زوجها أرسل له وعرض عليه أن يطلقها فأبى وماتت ليلى كمدا عليه ومات هو على قبرها هذه هي المرأة في عقلية الرجل العربي فهي المداد لمشاعره والسيف لانتصاراته والذل في حبها ولم يغفل القرآن الكريم جوانب من حياة الأولين فيروى لنا قصة زواج سيدنا موسى بالرقى القرآني الذي اعجز البشر ( يا أبت استأجره لنا ) هي إذن مقدمة اختيار ( بنت شعيب عليه السلام لسيدنا موسى ولم يغفل القرآن الكريم جنون العشق عند النساء وكيف يصير بلاءا إن لم تتمكن المرأة من إرضاء قلبها يخبرنا القرآن الكريم كيف أن جنون العشق قد يخالف الفطرة البشرية إن تمكن من صاحبه فيروى قصة سيدنا يوسف عليه السلام مع ( زليخة ) امرأة العزيز والتي تحول يوسف من ابن إلى معشوق في القلب والوجدان ( وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ ) هي إذن قسوة العشق وانفلات المشاعر حينما تسير بلا ضابط لهذا الضيف (التي هو في بيتها ) ورغم هول الواقعة وصداها لم تجد خجلا فيما وقعت فيه وهى امرأة العزيز ( فقررت أن تشرب أهل المدينة ونساء القصر ( هذا الداء الذي نخر قلبها ومشاعرها وكأنها تعرض عليهن البلاء الذي ابتليت به ( وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ ا ) فهوا إذن بلاء لمن لا يعذر العاشق ( قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسَتَعْصَمَ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ ) هذه هي المرأة عندنا نحن العرب وهذا هو القلب العربي والمشاعر العربية قلوب توجعت من العشق كما تتوجع الآن من الهموم وهذه هي العلاقة السامية والطاهرة التي نتغنى بها لأننا افتقدناها وذهبنا نبتكر طرق للحب لا رقى فيه ولا مشاعر