<!--
<!--<!--
أنا مش ببكى منك ... أنا ببكى عليك
أنا مش خايف منك ... أنا خايف عليك
امسُك تاه بين زحمة الترهلات تبنى لنفسك قصر من لحم المقربين والحُرمات وترحل ذاكرتك الى حيث ثغور الأوجاع لم يكن لك حُلما تحلمه ولم تكن لك شواطئ للهيام امسُك جاء قريبا ولم يعد رحيلك يدمى الأوجاع بأي قسوة تدوس أقدامك الأرحام مكابد حقد ترعى فيها طموحاتك تتمدد على طاولة ليست من صنيعك وتغرد على قيثارة ليست بيمينك وتجعر بصوت يزعج التغريد لم تكن لك أحلام كنت احلم لك وانسج لك خيوط النجاة من نسيجها وأبنى قصور مجدك التي هدمتها يالك من كائن فاق كل التوقعات تتوسد الوداعة وبين عينيك مقاحى التماسيح ومخالب الضباع أتذكر يوما كنت فيه تترجل الزراعات تجمع العشب لحيوانات ضامرة وبين أعواد القصب تستجمع ذاكرتك المتساقطة كحبيبات العرق تتصبب من جبينك بين وهج الأعواد ولا يرهقك عويل الذئاب وشطئان أقنية الماء الضيقة تلتف حولك والغوص فى الطحالب لتستجمع سميكات أتذكر قضبان السكك واللعب بالمسامير والأحجار والصياح حينما تخطفك رياح القطارات المارة على القضبان ومزامير صوتها والتسلق بمؤخرتها والبحث في المخلفات عن بقايا كنوز أهملها الركاب وبطون تصرخ من وديان خاوية تملأ أحيانا بالماء وربما التسكع على موائد الجيران أو أجراس أفراح تدوي على مسافات وجنائز تنصُب عزائها على جثث الراحلين وبين عمال التراحيل ترفع أحمالك فتقطرك العربات الصدئة وتتوه بين قسوة المدن سنوات وترجع خالي الوفاض أتذكر الرحيل إلى مدن الساحرات والنساء عاريات وعلى المقاهي تتردد الأغنيات تحدق عينيك بالمارة ويرتجف قلبك من وقع المصابيح المضيئة وصخب الرواد وترجع إلى مثواك تنتظر مواسم يطفح فيها السمك من بقايا الماء فيتوجع من حبيباته الساخنة ويطفوا ويتقافز على حاشية الشواطئ وتنتظر انحسار ماء المصارف والترع فتغوص بين الطحالب تستجمع سميكات إغرورقت روحها من ضيق الأعماق وعند الغروب ترتحل ناصية الشوارع منتظرا مرور القطارات ممنيا نفسك بالرحيل الى مدن الساحرات تروى الحكايات أنك كنت سيد الجبال تغرس أنيابك في الجرحى من ضحاياك ولا تسكب دمعا لنزيف الدماء وربما انك دابة تعيش على فتات الأسياد وانك حمولة زائدة في ركب المسافرات هكذا تتناقض فيك الروايات وها قد جاء يوم الحصاد حصاد زرع أمهلته حتى خلبت أشواكه كنت احمل عنك الأيام وإلهيك فوق جراحي وأعينك على الأقدار وأنت تسبح بين ضفاف جفوني وهدير الدمع والمقاحى وتسدل دفؤك من ستائر رموشي حتى بلغ القلب المصاب وأنا الذي حملتك على أكتافي تهرسني الدوامات وبأقدام حافية تغازلها مخاطي الأشواك وقد أرداني قدري بين واديك تستهوينى لعنة الأقدار وذئاب تعوى من فوق سنون الجبال وتثير أنيابها ويهطل رحيق لعابها لوليمة تائهة بين محراب الرمال لقد بلغ صوتي مداه استبح عطف القلوب قلوب كان لي فيها ملك وسلطان يطرق الرعب عندي نافذات أوصدت من هدير البكاء ونساء لملمت أطفالها الملقاة على الحواري وألقتها خلف الجدران ومن على المقاهي تسرب الرواد وخلت الشوارع والحارات والنتوءات إلا من عوى الذئاب وأنت قابع خلف جدرانك تصم أذانك وتستهوى المرح مع الصغار من فجر ذاك اليوم سأكتب تاريخي تاريخ يطفح بالذات والأنا والإيثار سأسرد تاريخ عشته ورعا بمحراب المثل والتضحيات ستكون فيه بقايا من ذاكرة أسدلت وتاريخ عصى عن التصفح لأكتب تاريخ فيه الدماء عصائر الشتاء والدموع ماء ورد للاغتسال والآهات مرتع لهو للصغار