<!--<!--<!--
اراد خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يولى عمرو بن العاص ولاية مصر فسأله يا عمرو ماذا لو جاءك سارقا فقال عمرو بن العاص رضي الله عنه أقطع يده يا أمير المؤمنين فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولو جاءني جائعا قطعت يدك هي إذن هموم المواطن البسيط وحقوقه التي من اجلها أنشئت منظومة الحكم والإدارة وهى أيضا مسئولية حماية الفقراء من أصحاب النفوذ ومن جشع ونهم الأغنياء وان كان الغنى مشروعا وهى مصر أيضا محط أنظار العرب والعجم قال فيها عمرو بن العاص حينما سئل عن إصراره في السعي لحكم مصر قال إن ولاية مصر تساوى الخلافة الإسلامية .. مصر التي لا يأمن مكرها ظالم ولا يحرم من حبها عادل ومنصف هي ليست حكومة وحكاما ولكنها شعب ورعية ترقب الأمور وتصبر على حاكمها الظالم حتى إذا بلغ ظلمه المدى هب الشعب وانتفض وأتى الحاكم من حيث لا يدرى فقد قال فيها رسول الله إذا فتح الله عليكم مصر فخذوا منها جندا كثيفا فهم خير أجناد الأرض وهذا لأن شعبها لا يستكين ولا يستسلم لظالم ولا يمكر بعادل فحكمها هو حلم راود القاصي والداني أتى لها الغزاة من جميع الأنحاء والأقطار ليسطروا في تاريخهم أنهم حكموها يوما واعتلوا عرشها ليلا .. شعب تسيره الأقدار يخاف من ربه ويؤدى فرضه ويخضع لحكمه ولكن رغم الدروس التي لقنت على مر التاريخ إلا أن كل من أتى وحكمها لا يتعظ ولا يعتبر بالماضي لم يسجل التاريخ يوما في يوميات العرب أن شعبا ثار على حاكمه وسجنه هو وذويه إلا شعب مصر ولم يسجل التاريخ أن شعبا خلع حاكما بصدوره العارية دون تدخل خارجي لا بالفعل أو القول إلا شعب مصر والحق يقال في ذمة هذا الشعب أن الإخوان أو السلفيين أو أي تيار سياسي كان من كان لم يخطط لثورة مصر أو يحلم بها أو راودته نفسه أن يخرج ويطالب بخلع النظام ولكن الشعب فعلها ووفق فيها وجني ثمرتها الإخوان المسلمين وكأن الله يريد أن يأتينا بالعبر لأناس ظلموا في ظل هذا النظام فمكنهم الله من رقابه ( وسكنتم مساكن الذين ظلموا أنفسهم ) وحكم الإخوان ظنا منهم أنهم قادرون عليها وهب المعارضين في النخر في جسد الإخوان لإزالتهم ظنا منهم أنهم قادرون عليها وبدأ الصراع النخبوي والحزبي والنقد من اجل النقد والهدم من اجل الهدم لا بناء يحمله هؤلاء ولا هؤلاء فلا زلنا ننتظر من الإخوان مشروع نهضتهم وننتظر من معارضيهم مشروع حداثتهم والكل يصرخ داخل الغرف والاستوديوهات ممنيا الشعب بالرخاء وممزقا ثوب معارضيه إنها الرغبة في الحكم والسعي للسلطة إن مصر التي وعيها عبد الناصر والذي انزلق من أعلى إلى أسفل من حياة الجنرالات إلى حياة البسطاء فبدأ بإصلاح الفلاح وإنشاء القطاع العام والذي هو مأوى للفقراء والبسطاء وافرد عقد مجانية التعليم عبد الناصر رغم ماله وما عليه رغم نكسته التي يتشفى فيها معارضوه هو في قلوب الفقراء الذين لا يعرفون معنى الأيدلوجيات أو الأجندات الحزبية فحلمه حلم شعب ولم يكن حلم نخب وأحزاب هي نفسها مصر التي انزلق فيها مرسى من أسفل إلى أعلى من سجين ومطارد إلى رئيس وحاكم على كل من ظلموه وطاردوه فوجد نفسه مدفوعا من حزبه بدخول الانتخابات فمن قائمة الانتظار حيث الشاطر مرشحا إلى قائمة الصدارة حيث عرش مصر فوجد نفسه محاط بتبعات حزبه وأحلامه وطموحاته فجميع قراراته على اقل تقدير يجب أن ترضى مجلس شورى جماعته هذا إن لم يتم التنسيق معهم وهذا ليس عيب لجماعة دفعت به وحشدت له وأهلته للنجاح كما وجد نفسه محاط بمراكز قوى لا يستهان بها ومعارضة يشد بعضها بعضا خوفا من الإسلام الإخوان كما وجد نفسه محاطا بتركة من الفساد والفشل الإداري وتعفن غالبية الهيئات والمصالح ربما اكتشف أن سجنه قبل توليه الحكم أهون عليه من سجنه بين هؤلاء فالكل يريد أن ينتفع حزب حاكم أو معارضه وظل الشعب الذي بذل دماءه وأرواحه من أجل حلمه بالعدالة والحرية يعانى من كوابيس تهدد حلمه فالإنسان البسيط العادي لم يشعر بأي تحسن في حياته ولم يلمس مفاجئات مدوية كالتي عاشها من عاصر عبد الناصر كتوزيع الأراضي وإقامة المصانع والشركات أو بناء السد العالي أو تأميم القناة أو إنشاء المنظمات العالمية كعدم الانحياز هذا الشعب الذي لم يلحظ أي تغير إلا الذي يسمعه من الفضائيات من صراع المتحاورين بالتلفاز فلا زالت تطحنه أزمة البنزين والبوتاجاز ورغيف الخبز والتعليم هو يرى صغار رموز الفساد متمركزة في مواقعها والمحسوبية والرشاوى والاختلاس لم يتوقف وهذا الغول المتمركز فى الهيئات والمصالح وهو على استعداد لابتلاع الثورة لما يعج فيه من بيروقراطية وفساد وتجاهل للقوانين والإفلات من العقاب هو يرى انه في ثبات عميق وان ما حدث لم يكن بثورة إنما هو حكم نُزع من طائفة وآوى إلى أخرى فلا الذي هُرب من أموال عاد ولا هو شعر بتحسن بعض توقف تهريب الأموال فوجد حكومة تقليدية تسوق الأعذار قبل تقديم الحلول وتطلق الشعارات قبل تنفيذ برامجها ووجد رئيسها وهو المفروض انه رئيس الثورة يهادن ويتحسس الخطى عين على الكرسي وعين على معارضيه فلا هو قادر على هدم الفساد بكامله ولا قادر على الخطى الجريئة الثابتة نحو شعبه فوجد الشعب نفسه أمام حكومة تقليدية لم تأتى بجديد حتى مشروع النهضة المبشر به في الرؤى الصالحة لم تحن بشائره بعد ربما يكون له العذر فيما يطلع عليه من خبايا النظام ولا يطلعنا عليه وربما لو جاءوا معارضيه في سدة الحكم لن يفعلوا أكثر مما فعل ولهذا نقول ليس مطلوبا ممن طلب الحكم أكثر من هذا ولكن من يطالب بحق هو من أتاه الحكم وهو كارها له وزاهدا فيه فان مصر يأتيها حكامها من حيث لا ندرى إن مصر اكبر منك يا سيادة الرئيس واكبر من معارضيك لأنها هي الأبقى دائما تحكم على من حكموها تخلد من تشاء منهم وتعطى الدروس لبعضهم وتعز بعضهم وتذل بعضهم ولنا في التاريخ العبر فلا أنت ولا غيرك بمأمن من شعب يحكى عنه أنه أبدا ما تاهت منه ضالته في القصاص من حكامه الظالمين وأبدا ما خذل حكامه العادلين انك يا سيدي تحكم شعب ولا تحكم حزبا انك تحكم قوم ظلمهم من كان قبلك وأنصفتهم أقدار الله فأنت بين رحى التاريخ ومعاناة شعب مكنك الله منه فلا تمكن الظلم منهم واعتليت عرشهم فلا تجعلهم يعتلون نعال الظالمين انزل إلى شعبك لا تكلف إلا نفسك فكل من حولك عرف طريقه للحياة وعرف كيف يدبر أموره أما البسطاء من هذا الشعب فأرواحهم معلقة بحاكميهم يزود عنهم تعسف الطغاة ويتدبر معهم سبل الحياة والعيش فلا طريق لهم إلا اثنان إما العدل والإنصاف لهم وإما الثورة والهياج فلا يملكون شئ يبقون عليه إلا ما ييسره لهم الحكام فاحذر شعبا مكر بسابقك واحذر ربك فينزلك منزلة نزلها سابقك بعد أن ظن أن لن نقدر عليه فغرته الحياة الدنيا وغره بالله الغرور فمصر ليست مرهونة بحكامها ولكن مرهونة بشعبها فالحاكم راحل والشعب باقي فاجعل يوم رحيلك عن عرشها تتحاكاه الشعوب والأمم ويتغنى به شعبك وأود أن أذكرك بشئ إن الإخوان المسلمين بلغوا ما صبوا إليه وهذا هو العد التنازلي لانهيار الإمبراطوريات وهو بلوغ المجد ثم يبدأ العد التنازلي للتحلل والتآكل واعتقد أن كثيرا يلمس ذلك وهذه سنة الله الذي ضرب للناس الأمثال فهم بشر يخطئون ويصيبون يختلفون فيما بينهم ثم يبدأ الانشقاق ثم انصهارهم بين الشعوب فنحن الآن ننظر إلى رئيس مصر ولا ننظر لأبن حزب فرضيا لن يبقى إلى أن تقوم الساعة ويرث الله الأرض ومن عليها لأنهم بشر وخطاءون ولم يأتوا بالبينة المنجية ولكنها اجتهادات فكرية تلقى معارضيها ومؤيديها والأقدار جعلتك حاكم هذه البلاد وأنت منهم فالحكم عليهم سيكون من خلالك فأمامك مصر بطولها وعرضها شعبها غنيها وفقيرها أعرج إليهم وعش معاناتهم وأنجز حلولهم وهذا ما يريده منك التاريخ ليخلدك وما يريده منك شعبك ليقدرك ويعظمك