لامؤاخذة . . . لسه بذاكر
الهاجس المسيطر على الأخوة من التيارات الليبرالية واليسارية والقومية هو سيطرة الإخوان المسلمين على البرلمان القادم وأن نتائج الانتخابات القادمة تصب فى صالحهم ،ومن الواضح أن نتائج الاستفتاء على التعديلات الدستورية قد رسخت من هذه القناعة ولذلك انطلقت الحملات المحمومة من جانبهم لتأجيل الانتخابات تحت ذرائع وحجج مختلفة مثل الوضع الأمنى وضرورة وضع الدستور أولا ،والخوف ألا يأتى البرلمان القادم معبرا عن كافة القوى الموجودة على الساحة، والخوف من سيطرة الإخوان الأكثر تنظيما واستعدادا
ولكن من أكثر الحجج الذى تساق فى هذا الصدد هو الحاجة لإتاحة الفرصة لشباب الثورة لعمل أحزابهم والحاجة لمزيد من الوقت للاستعداد ، والغريب أن بعض الأحزاب القديمة التى تطلق على نفسها الكبيرة ترفع نفس المطالب
وبعضها مر على تأسيسه عشرات السنين وكانت تتمتع بالشرعية القانونية ولها جرائدها ومقراتها التى ارتضت أن تحتجز نفسها فيها دون أن تحاول فك القيود المفروضة عليها من جانب أمن الدولة والتى كانت تشتكى منها وإذا أخذنا حزب الوفد على سبيل المثال الذى يطالب بتأجيل الانتخابات فقد سلطت الأضواء عليه طوال العام الماضى منذ انتخاب السيد البدوى رئيسا له وانضمام عدد كبير من الشخصيات العامة له وسط شوا إعلامى واسع ودخل الحزب الانتخابات وقاد حملة انتخابية وإعلانية كبيرة وحدث ماحدث فى الانتخابات ووقف الحزب موقفا مشرفا بالانسحاب من جولة الإعادة
وبعد الثورة اتيحت للحزب الفرصة للعمل بحرية مثله مثل باقى القوى دون أى قيود ،وأطلق الحزب قناة فضائية ،وأعلن الحزب انضمام عشرات الآلآف اليه واحتفى الحزب باستطلاع للرأى اعتبر حزب الوفد الحزب الأول فى مصر كما يملك الحزب عددا كبيرا من المقرات ولايعانى مشكلات مالية بالاضافة الى تاريخ وطنى كبير يؤازره فما المبرر المنطقى لطلبه تأجيل الانتخبات؟!! الواقع أنه لايوجد أى مبرر له ولا لغيره من أحزاب ما قبل الثورة للمطالبة بتأجيل الانتخابات بحجة الاستعداد( حجة البليد ) لأن هذا الطلب فيه إدانة لها ولن يكون فى صالحها
أما الأحزاب الجديدة التى تحتاج لوقت للاستعداد فقد يبدوا طلبها له مايبره ظاهريا ولكن عند تامل الوضع منذ أعلن المجلس العسكرى مواعيد الانتخابات نجد عددا من الملاحظات الجديرة بالتوقف عندها
- إن كثيرا من الأحزاب التى أعلنت عن تأسيسها ليست أحزابا خاصة بشباب الثورة ،وبعضها خاص ببعض المنتمين للحزب الوطنى سابقا
- إن الأحزاب التى ظهرت على الساحة وأعلنت عن نفسها واعتبرت أحزاب شباب الثورة قد تصدرها سواء كوكلاء مؤسسين أو بالرعاية شخصيات مشهورة معروفة للرأى العام مثل د محمد غنيم ود أبو الغار ونجيب ساويرس ود عمرو حمزاوى وغيرهم
- يوجد فى مصر أربعة تيارات رئيسية هى التيار الإسلامى والليبرالى والقومى واليسارى ،وإذا نظرنا إلى الأحزاب الجديدة التى أعلنت عن نفسها نجدها تنتمى إلى أحد هذه التيارات فهى لاتبدأ من الصفرأو من فراغ وكلها لها تواجد على الساحة المصرية وإن اختلفت طبيعة وحجم هذا التواجد فالتيار الإسلامى متواجد بصفة أساسية فى الشارع على عكس التيارات الاخرى التى تسيطربصورة كبيرة على وسائل الاعلام والمواقع الثقافية وتتصدرهذه الساحة منذ سنوات طويلة
- إن الانتخابات القادمة سوف تجرى من الناحية الفعلية والواقعية على أساس فردى حتى لو جمعت من الناحية الرسمية بين الفردى والقائمة ،لأن الانتخابات بالقائمة النسبية لكى تؤتى ثمارها تحتاج إلى حياة حزبية حقيقية وهذا يحتاج إلى عدة سنوات فعلى أرض الواقع فإن من يرغب فى العمل السياسى عليه التواجد على الأرض ولايظن أن التواجد فى الفضائيات بديلا عن هذا التواجد . . ولكم فى نتائج الاستفتاء العظة والعبرة!!!
- إن مصر تعيش حالة من الفوران والزخم الثورى الذى يعقب الثورات وهو مايتيح أمام شباب الثورة فرصة جيدة للعمل والحركة والتواصل مع الناس وسط الحراك السياسى، وبالتأكيد فإن هذه الحالة لن تستمر للأبد ولكنها تأخذ فى التلاشى والضعف بمرور الوقت
- إن الانتخابات ومايصاحبها من دعاية هى المجال الأقوى للممارسة السياسية العملية بعيدا عن الناحية النظرية فالانتخابات سوق كبير يطرح فيه كل طرف بضاعته وسط إقبال كبير من الشعب حيث تتحول السياسة خلالها إلى خبزهم اليومى
- إن الفرصة التى اتيحت للاستعداد للانتخابات ليست بالقليلة على ضوء الواقع المصرى والأجواء التى فرضتها الثورة لقد كان مقررا أن تجرى الانتخابات فى شهر يونيو ثم استجاب المجلس العسكرى ومد أجل الانتخابات حتى سبتمبر وكان موعد الانتخاب معلنا بعد أيام قليلة من تولى المجلس العسكرى ادارة البلاد ،وتم اعلان التأجيل مبكراومنذ نهاية الاستفتاء ومواعيد الانتخابات معلنة ،ولكن تفأجا بمن يريدون تأجيل الانتخابات يتحدثون بانه لم يتبق إلا ثلاثة أشهر فقط على الانتخابات . . فاين كنتم الفترة الماضية ؟!!!
- والغريب انك تسمع هذا الحديث من بعض الاحزاب التى تحركت بالفعل وعقدت العديد من المؤتمرات فى أنحاء البلاد وإعلاناتها وبصفة خاصة حزبين منها تملأ الفضائيات ووسائل الإعلام المختلفة ، وميادين المدن الكبرى فى مصر وبعض هذه الأحزاب أتيحت له الفرصة لعرض برامجة على شاشة الفضائيات ،كما عقدت مناظرات بين بعض هذه الأحزاب ، بل إن بعض الأحزب حددت النسبة التى سينافسون عليها فى الاتنتخابات القادمة ،وفى إحدى هذه المناظرت صرح ممثل حزب الوسط – الذى حصل على حكم قضائى بتأسيسه بعد الثورة – أنه تم افتتاح مائة فرع للحزب ،وقد يكون الفرع مجرد حجرة واحدة ولكنه يكفى لممارسة العمل من خلاله ،وأود أن ألفت النظر أنه لم يكن يوجد للإخوان مقرات ولم يحل ذلك دون العمل حيث اعتبر بيت كل اخ مقرا ثابتا للجماعة وكل اخ مقر متحرك لها ،وبعض الأحزاب القديمة امتلكت العديد من المقرات التى لم تغن عنها شيئا
- إن هناك تغيرا فى المزاج العام فى أعقاب الثورة وميل نحو التغيير ،خاصة أنه من المتوقع ارتفاع نسبة المصوتين فى الانتخابات القادمة بصورة تفوق النسبة التى شاركت فى الاستفتاء وهذه الأعداد التى كانت تحجم فى السابق عن المشاركة غير معروف اتجاهاتها وستلعب دورا كبيرا فى نتائج الانتخابات
- إن الإخوان لهم خبرة كبيرة فى الانتخابات وهم متواجدون بالشارع ويدرسون اتجاهاته لذلك من الصعب تخيل أن يركبهم الغرور أو أن ينخدعوا بأصوات الداعين لتأجيل الانتخابات، والذين يحذرون من ان إجراء الانتخابات يصب فى صالحهم وأنهم سيكتسحونها . .ويركنون الى هذه الأصوات ويتعاملون معها على أنها إحدى الحقائق أو المسلمات فالإخوان يدركون أن هناك تحديات تواجههم كما تواجه غيرهم وأن الانتخابات القادمة على عكس ماكان يحدث فى السابق من الصعب التكهن بنتائجها فمن بين هذه التحديات التى تواجه الإخوان أن نسبة من الأصوات التى كانت تذهب اليهم هى أصوات احتجاجية ضد الحزب الوطنى ونكاية فيه ، وأن توفير ضمانات النزاهة والحرية فى الانتخابات ستدفع الكثير من الشرفاء للنزول للانتخابات والذين كانوا يحجمون عن النزول خشية التز وير وأعمال البلطجة . . كما أن الكثير من القوى الإسلامية ستنز ل الانتخابات مثل أحزاب الوسط والسلفيين والجماعة الإسلامية وغيرها وهى قوى متنافسة على نفس الأرضية الإسلامية وقد تصطدم بعضها فى بعض أوكثير من الدوائرمع الإخوان . . كما أن الكتلة الكبيرة التى كانت تحجم عن المشاركة خاصة فى المدن الكبيرة والأحياء الراقية والتى ستشارك فى الانتخابات من الصعب معرفة اتجاهاتهم ، فتأجيل الانتخابات سيتيح فرصة أكبر للإخوان للاستعداد وسيستفيدون منها بصورة أكبر لأن لهم قواعد على الأرض تتيح لهم اكتساب أرضيات جديدة ومن يتابع حركة الإخوان سيجد أنهم استفادوا استفادة كبيرة من أجواء الحرية وتضاعف نشاطهم فى كثير من المجالات التى كان يتم التضييق عليهم فيها واستحدثوا كثيرا من الأنشطة وحصلوا على الرخصة الرسمية لحزبهم وبدأ البث التجريبى لقناتهم (مصر25) وفى الطريق بعض الإصدارات الصحفية فالوقت والزمن يلعب مع الإخوان والأحزاب الإسلامية وذات التوجه الإسلامى بصفة عامة بالرغم من أن هذه الأحزاب قدمت مصلحة مصر على مصلحتها ووافقت على إجراء الانتخابات فى مواعيدها دون تأخير
- لو سلمنا بحاجة الأحزاب فعليا لمزيد من الوقت فيبقى السؤال كم من الوقت يكفيهم ؟ فالبعض يطالب بثلاثة اشهر أخرى والبعض يطالب بستة أشهر والبعض يطالب بعامين ،ومع ذلك إذا سلمنا جدلا باتفاقهم جميعا على موعد محدد تجرى فيه الانتخابات فما الذى يضمن ألا يطالبوا بتأجيلها مرة أخرى أو على الأقل يطالب البعض بذلك بحجة عدم المذاكرة أو الاستعداد الجيد مع أن ميعاد الامتحان أوالانتخاب معروف ومحدد سلفا فما ذنبنا أن حضرتهم ماذاكروش وهل نرهن مصر ومصلحتها وحاضرها ومستقبلها من أجلهم ؟!!!
ساحة النقاش