<!-- p { margin-bottom: 0.08in; } -->

انتهت لجنة تعديل الدستور من أعمالها - رغم جميع التحفظات التي لدى كثير من الناس على محدودية التعديلات - ودخلت الثورة المصرية مرحلة جديدة من الترقب وترتيب البيت الداخلي، والاستعداد لتنفس حياة حقيقية، بلا خوف، بلا مهانة.

هذه فرصتنا التاريخية التي لن تتكرر، وهي فرصة التثقيف والتعليم الدستوري لكل مواطن مصريّ عايش هذه الثورة الطاهرة. هذه فرصة الأحزاب والحركات السياسية، والجمعيات الأهلية، والمراكز الثقافية، ومراكز الشباب، بدءًا من مسيرة الجمعة المليونية، لربط الثورة بالدستور، ولربط حماس الشعب المتدفق بمباديء محددة وهي العقد الاجتماعي الذي يربطنا جميعًا: الدستور..الذي لا يعرف عنه معظمنا شيئًا!

كان الدستور قبل 25 يناير هو مزاج المسؤول أوالقرار الرئاسي، لكن الآن تغيرت الصورة، وتحرر الناس من قيد الرئيس، ومن هوى المسؤول والوزير، ولكنهم مازالوا يحتاجون إلى قواعد العلاقة بينهم وبين من سيحكمهم، وبينهم وبين من سيمثلهم، وبينهم وبين القوانين، وهذا دور الدستور، وأهمية قراءته وفهمه ومناقشته الآن، وليس غدًا.

يريد شباب الثورة تغييرًا لا تعديلًا في الدستور، وأرى أن هذا لا يتناقض مع قراءة وفهم واستعياب الدستور الحالي، فمن لم يقرأ دستورًا في حياته – حتى وإن كان معيبًا أو ناقصًا في أجزاء منه – فكيف يقترح أو يناقش دستورًا جديدًا؟

أتمنى أن أرى نسخًا من الدستور المصري – ويمكن طباعته على ورقة واحدة على الوجهين – وقد وزعت في مليونية الجمعة في كل مكان في مصر. أنتظر من كل صحف مصر أن توزع الدستور المصري مجانًا مع كل عدد خلال هذه المرحلة "الدستورية" التي ستحدد مسار الحياة في مصر. أنتظر من الأحزاب والنقابات والنوادي، بل والمساجد والكنائس ندوات تثقيفية تعلّم الناس ما هو دستورهم، مادةً مادة؛ فترتفع نظرتهم إلى أنفسهم، ونرى غدًا الطفل الصغير يقف في اعتزاز وقد علم أن له وطن له دستور يحميه ويضع قواعد علاقته مع باقي المواطنين ومع الدولة وباقي السلطات في بلده ووطنه، وحقوقه وواجباته، لا أن كل شيء يتم حسب "دستور" مزاج حاكم أو مسؤول!
_________________
نسخة الدستور المصري متاحة على موقع الهيئة العامة للاستعلامات على هذا الرابط: الدستور المصري، أو تحميل صفحته نفسها من مرفقات هذا المقال بدون صور.