الحوار الوطني رديف الـ 21 من فبراير نحو تحقيق الدولة المدنية المنشودة!
> استطلاع ـ عادل مداحش
الأحد 24 فبراير-شباط 2013
يعتبر الحادي والعشرون من فبراير بداية حقيقية للولوج إلى بوابة الدولة المدنية التي ينشدها اليمنيون على مختلف أطيافهم وتوجهاتهم.. و من هذه البوابة يلج ـ أيضاً ـ مؤتمر الحوار الوطني الذي سينعقد في الثامن عشر من مارس.. و يؤمل اليمنيون على هذا المؤتمر في السعي الحثيث نحو تحقيق ما أرادوا الوصول إليه في الثورة المباركة .. ما الذي سيقدمه مؤتمر الحوار لليمن واليمنيين ..؟ وما هي تبعات قرار مجلس الأمن الدولي الأخير حول معرقلي المبادرة الخليجية ؟ وهل قرار كهذا سيساعد على الحوار وخصوصاً فيما يتعلق بالقضية الجنوبية..؟
مأزق
البداية كانت مع فارس الحميري الذي قال: هناك شبه إجماع من قبل الأطراف اليمنية في الدخول في حوار وطني شامل لمناقشة كافة القضايا العالقة في البلاد, ومحاولة حلحلتها، والتخلف عن ركب مؤتمر الحوار الوطني الشامل من قبل أي حزب سياسي أو حركة أو أي طرف.. يعني إدخال نفسه في مأزق، وسيضع نفسه أمام المساءلة الشعبية والثورية والإقليمية والدولية.
- وأضاف: هناك إجماع محلي حاليا وإقليمي ودولي بأهمية دخول كافة الأطراف اليمنية في مؤتمر الحوار والجلوس على طاولة واحدة لمناقشة وحلحلة كافة القضايا العالقة.. وتكمن أهمية مشاركة كافة الأطراف اليمنية في الحوار, لضمان استكمال نجاح التسوية السياسية والمرحلة الانتقالية الحالية التي تعيشها البلاد، وأي تخلف يعني إخلالا بالتسوية وإعاقة واضحة للمرحلة الانتقالية التي يدعمها العالم، كما أن التخلف وعدم المشاركة في الحوار والالتفات نحو صراعات أخرى تعني خيانة واضحة لأهداف الثورة التي استطاعت أن تصل باليمن إلى هذه المرحلة.. وهي مرحلة الجلوس على طاولة الحوار وإبعاد الأيادي من زناد السلاح، وعدم جر البلاد إلى مزالق الحرب الأهلية الطاحنة.
الثورة لا ميدان لها
"كل شيء معد لنا سلفا فلماذا تطيل التفاوض يا ملك الاحتضار؟ " المقولة لـ الشاعر محمود درويش... استهل بها عبد الحكيم الفقيه حديثه.. معتبراً أن هذا ينطبق علينا تماما وخصوصا بعد دخول اليمن تحت معطف الوصاية الدولية، فالحوار الوطني سيكون تحصيل حاصل فإطار الدستور وخطوطه العريضة وشكل الدولة ستحسمه الأطراف الدولية والإقليمية بما يضمن مصالح اللاعبين الإقليميين والدوليين، كون الموقع الجغرافي اليمني يتطلب كبح جماح العامل الذاتي ليتسع نطاق العوامل الخارجية المستقلة. سيكون الحوار شكليا وسيشهد ملاسنات وانسحابات لكن المرجعية الدولية هي صاحبة القرار الأول والأخير وستكون الثورة الشعبية الشبابية السلمية مجرد نكتة جسدت بحق وحقيق دخول اليمن في شراك التبعية وهذا يناقض المنطق التاريخي للثورات، فالثورة فعل مضارع مستمر ولم تكن غاية الثورة هي إيصال المعارضة إلى المحاصصة واقتسام تشكيل حكومي يجمع بين الشرعية الثورية والشرعية الدستورية ولم يكن مآل الثورة هو ترميم النظام السياسي الذي خرجت الملايين تطالب بإسقاطهِ ولم تهدف الثورة إلى ظهور البنى التقليدية بمكياج ثوري جديد ولم تهدف الثورة إلى جعل الساحات كعبة للتطهر ونيل صكوك الثورية.. الثورة لا ميدان لها ولا مجال محدد لها فهي نسيج إجرائي مركب يهدم السائد ويؤسس للبديل الذي تختفي منه ملامح الجور والتفاوت وتتسع مساحة الحب والحياة والعدالة، فلست متشائما أو متفائلا لكن معطيات الواقع تشهد على أن الحوار الوطني المزمع انعقاده قريبا سيكون فخا لليمن الذي وضع جميع بيضه في سلة واحدة هي سلة الحوار الوطني الذي سيغيب الوطن فيه ليبقى التدويل هو سيد الموقف..
انفراجة معنوية
من جهته قال صادق الشويع: المشهد اليمني يبارح مكانه في كثير من الجوانب وبالذات الاقتصادية والقضائية، وربما حدث شيء قليل من انفراجة معنوية ليس إلا في الجانب السياسي بعد قرار مجلس الأمن بتحديد معرقلي العملية السياسية صالح والبيض، وبعض الأمل في الجوانب الأمنية بعد القبض على مطلوبين وشحنات أسلحة وغيرها وإن كان لا يزال بعيدا عن مستوى الأمل الذي خرج لأجله شباب التغيير.. مضيفاً: اليمنيون لم يعتادوا الحوار ولكنهم اشتاقوا اليه.. وهذا ما يثير المخاوف وفي نفس الوقت يبعث بعض الطمأنينة للمستقبل خصوصاً بنفس ما كانت عليه التوقعات المتفاوتة بخصوص تسليم صالح للسلطة طوعا.
المعرقلون
من جهته قال عبد الله بن عامر: المشهد السياسي الحالي ضبابي ولا يمكن لنا رؤية إلى أين نمضي أو التوقع وحتى التكهن بما قد يحدث وواهم من يقول غير ذلك فالمشهد الثوري لم يكتمل وهذا بحد ذاته كان المشكلة الكبرى فقد صعدت قوى وحدثت تغييرات بسيطة أو هامشية في ظل وجود أدوات القوة لدى مختلف الأطراف ليصبح الأمر صراعا على السلطة وعندما يحضر الصراع على السلطة يغيب مشروع التغيير وهذا ما نراه واقعاً فرغم أن كل القوى تدعي التغيير إلا أن ما نراه هو محاولات إقصائية يمارسها كل طرف ضد الآخر وهذا الصراع امتد إلى الخارج فكل طرف في الداخل يحاول الضغط بكل قوة ضد الطرف الآخر وما بيان مجلس الأمن إلا دليل على ذلك فلو كان مجلس الأمن يريد إمضاء التسوية السياسية القائمة على المبادرة الخليجية والتي يقول عنها أطراف الوفاق بأنها استجابة لتطلعات الشعب اليمني فقد كان الأجدر به أن يضم كافة معرقلين عملية التسوية السياسية وان يتدخل لصالح تطلعات الشعب المعبر عنها بالثورة الشعبية الرافضة لتدوير الحكم بين قوى تقليدية مازالت باقية كفاعل أساسي في القرار الوطني ولها تأثير كبير.
- وإذا كنت أوافق على مسألة أن صالح يعرقل عملية التسوية فكل الأطراف الحاكمة الآن تعرقل المسيرة الثورية أو عملية التغيير الشامل والكامل بمساندة دولية؛ لأن ما يحدث الآن من عملية تغيير هو تغيير وفق رؤية الأحزاب وكما تريده تلك القوى لا كما يريده شباب الثورة أو الشعب اليمني وأتوقع أن يستمر الصراع بين الطرفين في ظل تغييب التغيير الحقيقي.
وأعتقد أن بيان مجلس الأمن سيسهم في تأجيج الخلافات بين الطرفين سيما وكل طرف ما زال يمتلك أدوات القوة في ظل تأجيل أو إيقاف عملية هيكلة الجيش وتوحيده.
خروج علي صالح سيصب في مصلحة الحوار لكن بالمقابل هناك من يخشى من سيطرة الطرف المناوئ له على عملية الحوار ودون استبعاد أطراف الأزمة سيما بعض القادة العسكريين المؤثرين والمشائخ القبليين فسنظل ندور في حلقة مفرغة وكأن الحكم والنظام انتقل من غرفة الى أخرى في نفس البيت أو المنزل.
أما الجنوب فبالتأكيد أن المشهد أكثر تعقيداً في ظل انقسامات في قوى الحراك هناك قوى مرتبطة بقوى تقليدية بصنعاء اعلنت انضمامها للحوار، وهناك فصائل ما تزال متمسكة بتبني خيار الانفصال وأعتقد أن بيان مجلس الأمن سيسهم في التخفيف من حدة الدعوات للانفصال؛ لأنه بدون دعم دولي لن يتمكن الجنوبيون من الحصول على ما يريدون وأرى أن عليهم استغلال الفرصة في تحقيق مكاسب لقضيتهم سيما والنظام حالياً يعترف بالقضية ولم يبق سوى الضغط على معالجة القضية الجنوبية وإعادة الحقوق وتحقيق العدالة وهو مطلب الجميع.
مؤشرات
يقول حسن زيد: مع كل العقبات التي تظهر في الأفق لمواجهة الحوار الوطني إلا أن الإرادة الدولية والإقليمية الداعمة للاستقرار في اليمن والسلام والأمن والوحدة تبشر بإمكانية نجاحه، والمؤشرات على ذلك عديدة.. ويكفي أن نشير إلى أن القوى الرئيسة باستثناء بعض فصائل الحراك تتبارى على إظهار رغبتها وحرصها على المشاركة في الحوار، بل وتسعى إلى أن يكون تمثيلها أوسع وأكبر.