تنابلة السلطان وداعا

تشخيص وتحليل ومعالجة التنبلة وبناء مصر الحرة

authentication required

أبو تريكه والمشير والإخوان، وما العمل؟

بقلم

أ.د. محمد نبيل جامع

أستاذ علم اجتماع التنمية بجامعة الإسكندرية

01227435754

9 فبراير 2012

انهارت ابنتي بنت العشرين وهي تصرخ غارقة في دموعها، حيث التقطتها أمها في أحضانها تهدأ من روعها إذ انفجر حزنها على أشقائها وشقيقاتها الشهداء والشهيدات  والمصابين والمصابات عبر عام كامل متواصل كانت قمته مجزرة بور سعيد الغادرة. لم يكن هذا الانهيار نتيجة عشقها للفنان محمد أبو تريكه، العائد مع أشقائه من المجزرة، ولكن بسبب جلسة ريم ماجد مع "محمد" مذيع (أون تي في) و "منال" الطبيبة النفسية ومسعف أعتقد أن اسمه "أسعد" وكانت ريم ماجد على وشك الانهيار بكاءً أيضا وهي تلقي تحية الوداع في نهاية البرنامج عندما قالت "كنت فين يا الميدان" حيث يجتمع الشباب ويقاوموا الكرب والعناء والعذاب والمهانة والتخلف والظلم الذي أوقعنا فيه مبارك وكهنته الذين لا زالوا يحكمون مصر حتى هذا اليوم. وبرعت الدكتورة منال في لوم الحكام الحاليين ورئيس الوزراء الذي من علينا ببدلته التي لم يخلعها منذ الأمس ناسيا خلع أرواح هؤلاء الشهداء والشهيدات وهم زهور رعيته وزينة الشعب المصري الحبيب.

 صمم حسن حمدي، أو ممثلوه أيا كانوا، أن يستدعوا أبو تريكه الذي هرب من فريق الأهلي واحتمى بمفرده بأوتوبيس العودة متجنبا السلام على المشير الذي حضر ليستقبل الفريق العائد من المجزرة المشئومة، فذكرني هذا الموقف بِعَمٌيَ العمدة السلطوي رحمه الله عندما كان يضرب الغفير محمد أبو المرسي رحمه الله أيضا حتى تتورم عيناه ثم يقول له تعالى يا بن ... ثم يقعده على رجليه وينقط القطرة في عينيه. ولكن ما ينقص في مشهد المشير وأبو تريكه هو غياب الشفقة التي كانت لا زالت في قلب عمي العمدة بينما يحل محلها هنا مشهد "الضحية والجلاد." ألم يقل المشير، وأبو تريكه يعلم ذلك جيدا، "دي حوادث ممكن تحصل في أي مكان في العالم،... مش عايزين الشعب يقعد ويسكت ويسيب الناس دي تعمل كده.. وأنا بسأل الشعب ساكت عليهم ليه؟ والمفروض كله يشترك.." واأسفاه على هذه الزعامة.

لقد قام الطرف الثالث برعاية المجلس العسكري دون أدنى شك عندي بأشرس هجمة على استقرار مصر بعد اقترابها من تحقيق بعض السلطات الشرعية المنتخبة بداية بمجلس الشعب حتى ظهور علامات انتخابات الرئاسة وعمل دستور البلاد بداية بالمجزرة المشئومة حتى توسيع أنشطة الجريمة المنظمة إرهابا للشعب وترويعا له حتى يندفع إلى الاحتماء بالسلطة العسكرية، ولكن هيهات، فقد اتضحت الصورة أمام الجميع ولم يبق إلا نهيق المنافقين في مجلس الشعب، ونفث الأفاعي في وسائل الإعلام، ورياء المنتفعين في مجلس الشعب والجماعة السياسية وأجهزة الدولة وفلول النظام المباركي اللعين.

ما العمل إذن؟ العمل مطلوب من فئات أربع: المتقون من نواب الشعب الملتزمون بقسمهم أمام الله والمؤمنون حقا بالثورة التي أبلغتهم مَقْصِدَهم وحَمٌلتهم الأمانة، الشباب الثوري وبقية الأحرار المصريين الكبار، الإعلاميون الشرفاء، وأخيرا الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والنقابات المهنية. والمطلوب هو:

<!--ضرورة قيام مجلس إدارة النادي الأهلي برفع قضية على وزارة الداخلية ممثلة في مدير أمن بور سعيد بصفته الشخصية والذي تآمر وتقاعس عن حماية فريق النادي الأهلي وجهازه الفني ومشجعيه والمطالبة بحقوق شهداء المجزرة.

<!--على شباب الألتراس الأهلاوي والزمالكاوي والاتحاداوي والاسماعيلاوي والمصراوي وكل طوائف الألتراس أن تتوحد تحت مجموعة واحدة وبمسمى واحد هو "ألتراس مصر"، تشجع المنتخب القومي المصري فقط، ولكن المهم الآن أن تتوحد ضمن شباب الثورة وأن يتحول هتافهم من "يا تجيبولنا حقهم يا نموت زيهم" إلى هتاف "ياتجيبولنا حقهم يا تموتموا زيهم". الثورة ومطالبها وحقوق الشهداء هما قضيتا الشباب وأحرار مصر كلهم الآن.

<!--أمام التحالف الواضح بين المجلس العسكري والإخوان المسلمين والواضح منذ لجنة البشري حتى الدفاع المستميت من رئيس مجلس الشعب وأعضاء الإخوان عن العسكري والداخلية حتى في أحداث المجزرة البور سعيدية، يجب أن يقوم المتقون من نواب الشعب بالاستماتة في تحقيق مطالب الثورة كاملة والقصاص من قتلة الشهداء منذ بداية الثورة وحتى الآن.

<!--ضرورة أن يجهض المتقون والواعون من شعب مصر كله الرئيس الماريونيت الذي يشكله المجلس العسكري الآن بالاشتراك مع جماعة الإخوان المسلمين الذين قرروا ألا يدعموا عمرو موسى أو أي مرشح إسلامي (أبو اسماعيل والعوا وأبو الفتوح) ولا أيا من الآخرين على الساحة. وعلى الشعب المصري أن يكتفي بما أوقعه فيه المجلس العسكري والإخوان من مستنقع تعاني منه مصر والمصريون الآن، وعليه أن يتمسك بمرشح ثوري للرئاسة يضمن تحقيق مطالب الثورة. ما العيب في حمدين صباحي؟ وما العيب في أبو الفتوح أو حتى أبو اسماعيل وكلاهما "إسلامي" وبالطبع حمدين صباحي مسلم حر أيضا؟ بل صدقوني حتى عمرو موسى والعوا بـ "عبلهما" سيكونان أفضل من ذلك الماريونيت الذي يشكل حاليا من العجوى التي سيأكلها في النهاية كل من العسكري أو الإخوان أو أحدهما على الأقل.

<!--بالله عليكم متى يُسَن الاعتصام والعصيان المدني، وقد فاض الكيل وبلغ السيل الزبى؟ العصيان المدني التزام أخلاقي لدي المواطنين الشرفاء ليمنعوا الحكومة من الطغيان والظلم وتعدى الحدود. غلبة القوة لدي المجلس العسكري أو غلبة الأغلبية لدي الإخوان المسلمين ليستا ضمانتين للحكمة والعدل. الضمير الجمعي والمواطنون الشرفاء عليهم واجب الاعتصام والعصيان المدني السلمي من أجل تصحيح مسار الحكومة والعلاقة بينها وبين الشعب. الفساد في الحكومة وحكامها أعظم من فساد الشرفاء والقانون لا يوقف الحكومات الفاسدة كما رأينا ونرى حتى الآن. والعصيان المدني لا يجب أن يشمل ما يتعلق بحياة المواطنين مثل الطب والماء والكهرباء والمخابز... وما إلى ذلك.

<!--لقد كانت الجريمة العظمى للمجلس العسكري هي إجهاض الثورة بالسماح بتكوين الأحزاب الدينية وتمكين الإخوان المسلمين من اعتلاء الحكم فهم دائما كانوا مع الحاكم ابتداءً بولاية الشيخ البنا للقصر دون حزب الوفد اعتقادا بأن إرضاء الحاكم يسمح له بنشر الدعوة وتحقيق أهدافه بما فيها التنظيم السري والمليشيات ونشر مكاتب الجماعة في مصر كلها حتى قويت الجماعة أكثر مما يتحمل ولي النعم فاغتالوا الشيخ البنا، واستمر تحالف الجماعة مع الحكام يتوالى فترة بعد فترة إلى اليوم بتحالفها مع المجلس العسكري من أجل إجهاض الدولة المدنية الحديثة عقابا من جانب مبارك والمجلس الأعلى لشباب مصر وشعبها. فهل يفيق الشباب والشعب المصري ويدرك مخاطر التحول نحو دولة دينية عسكرية تعطي المبرر لإسرائيل لاستمرارها كدولة دينية عنصرية فاشية نازية شأنها شأن إيران والسودان والسعودية وتكون الطامة الكبرى انضمام مصر إلى قائمة الدول العنصرية الدينية الفاشية الاستبدادية والتي ستنتهي بإنهاء الديمقراطية والحياة النيابية والحزبية تماما كما كان يؤمن حسن البنا نفسه في أول نداء من الخمسين التي وجهها لملوك ورؤساء الدول العربية؟ وفي النهاية أقول أفيقوا أيها السلفيون وتبرؤوا من تحالفكم مع العسكر أو الإخوان فالهوة بينكم وبين أي منهما أعظم مما تتصورون، وحماك الله يا مصر وحمى ثورتك الحبيبة بعزم شبابك وأشراف رجالك.

  • Currently 5/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
1 تصويتات / 163 مشاهدة

ساحة النقاش

asmaaeldsouky

هيهات هيهات دكتور نبيل ان حد يسمع أو يعقل كل الفصائل تتحرك كالآلات طبقا للكتالوج وطريقة التشغيل الموضوعة لهم من محركيهم وعن بعد بالريموت كونترول.

أ.د. محمد نبيل جامع

mngamie
وداعا للتنبلة ومرحبا بمصر الحرة: يهدف هذا الموقع إلى المساهمة في التوعية الإنسانية والتنمية البشرية، وإن كان يهتم في هذه المرحلة بالذات بالتنمية السياسية والثقافية والإعلامية نظرا لما تمر به مصر الآن من تحول عظيم بعد الثورة الينايريةا المستنيرة، وبعد زوال أكبر عقبة أمام تقدم مصر الحبيبة، ألا وهو الاستبداد »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

99,105