أعداء البرادعي ومؤيدوه وحكم المحكمة العليا
بقلم
أ.د. محمد نبيل جامع
أستاذ علم اجتماع التنمية بجامعة الإسكندرية
01227435754
1 ديسمبر 2011
يتعجب الإنسان أن يرى أن مبارك هو العدو اللدود الأول للبرادعي، وعلى نفس هذا المستوى من العداء تكون إسرائيل هي العدو اللدود الثاني، وفي نفس الوقت لا تتمنى أمريكا أن يكون البرادعي هذا قد ولد أصلا في هذه الحياة، ثم يجد على المستوى المحلي أمثال العوا، ومرتضى منصور، وممدوح حمزه، ورموز الحكم العسكري، وذلك الرجل الخبير في "تزغيط البط والولولة" ينضمون إلى دائرة العداء لهذا المواطن المصري الأصيل. يتعجب الإنسان متسائلا من أين يأتي هذا البغض اللعين لإنسان عف اللسان أمام تجريح لا يتحمله مخلوق إلا لو كان مؤمنا إيمانا راسخا بقول الحق سبحانه وتعالى وراجيا ثوابه ورضاه "والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين". أيرجع هذا البغض إلى الغيرة، أم الحقد الأسود، أم معاداة النجاح، أم الخوف من الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية، وعشق المواطن المصري البسيط، تلك القيم التي تسري في كيان البرادعي وضميره وعروقه؟
ولولا رموز راقية وطنية حكيمة أمثال بهاء طاهر، محمد أبو الغار، عبد الجليل مصطفى، فاروق جويده، أسامة الغزالي حرب، حسام عيسى، حسب الله الكفراوي، حسن نافعة، خالد النبوي، سامية هارس، سعد هجرس، سكينة فؤاد، طارق الغزالي حرب، علاء الأسواني، عمار علي حسن، محمد سلماوي وآخرون كثيرون أمثال تلك القامات الوطنية الواعية لاختل التوازن العقلي للإنسان.
ولولا تلك الشهادات والتقديرات العالمية والمصرية لهذا الإنسان العظيم لاختل توازن الإنسان أيضا، حتى أنه للمرة الثانية على التوالي وبارتقاء أقصى يحتل البرادعي في آخر تقدير له المركز الأول في قائمة "فورين بوليسي" لعام 2011 لأهم مائة مفكر في العالم لدورهم في التغيير نحو الديمقراطية في العالم العربي، وكانت المرة الأولى احتلاله للمركز العشرين في تصنيف 2010 على مستوى العالم. والعجيب أن رد فعل البرادعي على هذا التقييم لم يكن شخصيا على الإطلاق حيث كان تعليقه "أشعر بالسعادة لرؤية هذا العدد الكبير من الأسماء والشخصيات العربية من مصر وتونس وسوريا واليمن وليبيا في هذه القائمة، عالم عربي ما زال يمتلك الكثير من العقول الواعية والشخصيات المستنيرة التي تستطيع أن تنهض بدولها وتضعها على المسار الصحيح نحو الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان والعيش وبكرامة وحرية لكل مواطنيها".
صدقوني، البرادعي هو المهموم الحقيقي بآلام الشعب المصري وبتخلف الدولة المصرية، وهو صاحب الضمير الحي الذي يدفعه ليتحمل أعباء هذا الجهاد الذي يزعج أعداء الشعب المصري في الداخل والخارج، في الوقت الذي كان يمكنه أن يعيش في فينا أو حتى لندن أو باريس في جنة يصنعها لنفسها يستمتع بملاذ الدنيا ومتعها.
البرادعي هو الذي يزعج مصاصي الدماء من الانتهازيين الذين لا يستلذون إلا لحوم الشعب المصري ودماءه. ومن هنا فيقفون ضده بكل ما أوتوا من قوة ومال وسلطان. لست أدري كيف نحول قضية البرادعي إلى المحكمة العليا، محكمة ضمير كل إنسان مصري يود لنفسه الكرامة والحرية ولمصر التقدم والحداثة والريادة.
يحاول المجلس الأعلى للقوات المسلحة أن يمهد السبيل لانتهازي آخر هو عمرو موسى لكي يجلس على كرسي رئاسة الجمهورية ليتواطأ مع الإخوان السياسيين والتيار الإسلامي المزيف مقاول الأصوات الانتخابية، بجانب الجنرالات العسكريين الذين يودون موقعا خاصا للمنظمة العسكرية يضمن لهم سيطرة هائلة على قطاع ضخم ابتزازي للاقتصاد الريعي المعتمد على السياحة والفندقة العسكرية وبعض المصانع المدنية التي ليس لها صلة بالتصنيع الحربي، ثم أخيرا الرأسمالية المتوحشة (رجال الأعمال الفرانكشتانيين) الذين نهبوا ثروات مصر في عهد الطاغية الدكتاتور مخرب مصر البائسة. وليحيا شعب مصر وتبا للثعبان الأقرع ذي الثلاث شعب، رأس العسكر ورأس المتأسلمين ورأس الرأسماليين المتوحشين.
وعودا للبرادعي لا يسعني إلا أن أحيل القارئ الكريم إلى مقالتين فقط من الكثير الذي كتبته عنه:
<!--"لماذا تريد إسرائيل أن تغتال البرادعي".
http://www.dostor.org/opinion/11/september/1/52875 وقد علق 203 شخصا على هذه المقالة.
<!--"إلي البرادعي".
ودعنا نستسلم أخيرا لحكم الضمير،
ضمير الفطرة التي أودعها الله في أكرم خلقه.
ساحة النقاش