تنابلة السلطان وداعا

تشخيص وتحليل ومعالجة التنبلة وبناء مصر الحرة

 

أَفِقْ أيها المجلس العسكري والنجدة يا أحرار مصر

بقلم

أ.د. محمد نبيل جامع

أستاذ علم اجتماع التنمية بجامعة الإسكندرية

01227435754

29 نوفمبر 2011

ينشغل الإعلام المصري اليوم في تفاصيل طوابير الانتخابات البرلمانية ونجاحها والحمد لله حتى الآن، وننسى نحن جند مصر وأحرارها أن ننظر إلى الصورة الكلية للمسيرة المصرية في تلك المرحلة الخطيرة من تاريخ التحول المصري نحو العبور العظيم والبناء العتيد لمصر الجديدة. كلمتان ورجاءان من عمق أعماق قلبي، إحداهما إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة، والأخرى إلى شباب مصر وأحرارها ومثقفيها ابتداء بفلاحي مصر وعمالها ومرورا بعلمائها وقضاتها.

الكلمة الأولى إلي سادتي أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة: هل آمنتم بالثورة التي رفعتكم إلى عرش حكم مصر؟ نعم، أقررتم بعظم لسانكم. هل حققتم طواعية أيا من أهداف الثورة على مدى عشرة أشهر عجاف؟ طبعا لا. لم تحققوا أيا من النذر اليسير غير المكتمل إلا بالضغط والمليونيات والحسابات التي لا يعلم سرها إلا الله. هل تطمئنون إلى أمريكا وإسرائيل على غرار رئيسكم الدكتاتور السابق؟ هو كان مطمئنا، فما حالكم؟ هل سألتم أنفسكم لماذا تشجع أمريكا ثوار مصر، ولا تنتقدكم؟ ولماذا تشجع ثوار سوريا وتهدد الأسد؟ ولماذا تهاجم ثوار اليمن وتحمي الدكتاتور اليمني المحروق؟ ولماذا تشجع ثوار ليبيا وتقتل الدكتاتور الليبي؟ هل هذه دولة يطمأن إليها، مع تقديري لعظمتها وإجلالي لجامعاتها العريقة التي تعلمت فيها، وتقديري لأساتذتي رحمهم الله هناك؟ هل تدركون خطورة خطة الشرق الأوسط الجديد وتفتيت مصر الحبيبة؟ هل تدركون الخطة التي بدأت بالمؤتمر الأول للحركة الصهيونية العالمية في بازل 1911،  ثم اتفاق سايكس بيكو، ثم الهجرة اليهودية الجماعية لإسرائيل حتى أصبحت إسرائيل اليوم قوة الرعب والإرهاب النووي أمام جيش مصر وشعبها الكريم؟ هل تساءلتم لماذا أصبحت أمريكا مستعدة للتعامل مع الإخوان السياسيين طالما أنها ستستخدم قنابل التطرف الإسلامي والمسيحي على السواء لتفتيت مصر الحبيبة إلى دويلات أربع؟ هل سألتم أنفسكم لماذا ينشغل الجنود والضباط المصريون في أعمال مدنية ابتداءً بخدمة الفندقة في صالات الأفراح التي لا تعد ولا تحصى حتى المشاريع المدنية التي يجب أن ينشغل بها المدنيون في مواجهة البطالة الكئيبة لشباب مصر؟ هل سألتم أنفسكم بأمانة مطلقة هل يستطيع جيش مصر مجابهة إسرائيل في حرب قد تنشأ في أي لحظة؟ هل سألتم أنفسكم لماذا توقفت إسرائيل عن حرب مصر كل عشر سنوات كما تعودت على ذلك حتى حظيت بكنزها المخلوع، وأنتم سدنته، واستمرت في التوسع والعربدة بفلسطين الحبيبة وشعبها المنتصر بإذن الله ومنعتنا، وأنتم تعلمون، من تنمية سيناء والتنعم بمواردها؟

أحبائي أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة، اتركوا السياسة للسياسيين القادرين على ذلك أمثال الدكتور البرادعي، وهم ليسوا بكثر، ذلك الرجل الذي يفهم جواهر القضايا السياسية العالمية والمحلية، وليس لـ "لسيد" عمرو موسى وأمثاله أو السيد العوا حيث أن الأول وأمثاله لا يجهدون عقولهم، ولا يصلحون إلا كموظفين وجهاء لدبلوماسية العظماء، والثاني يرفض رئاسة الوزراء لأنه غير مستعد للعمل طوال النهار ويقبل رئاسة الجمهورية فقط لأنها كما يقول وظيفة محترمة، بالمقارنة برئاسة الوزارة.

أحبائي أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة، العودة إلى الحق فريضة. عودوا إلى جيش مصر العظيم، وأجهدوا عقولكم في بناء هذا الجيش ليكون بأسلحته النووية وتقنياته الحديثة، وتنظيمه الكفء، ومعنويات جنده السامية ندا ورادعا لإسرائيل وأصدقائها الحميمين، والدولة لا تبخل عليكم بالموارد المطلوبة، بل أنتم تنتزعون منها ما تشاءون، ولا تسمحون لأحد أن يحاسبكم.

الكلمة الثانية: أحبائي شباب مصر وأحرارها: شباب السلفيين والإخوان السياسيين وغيرهم من غير المصنفين أقباطا ومسلمين، بل وكبار مصر وراشدوها من الشيوخ والعجزة المثقفين هم الكتلة الشعبية المحركة للثورة المصرية والموجهة لمصيرها والمحققة لمطالبها إن شاء الله. هم من أتوجه إليهم بهذه الكلمة البسيطة. أتدرون من هم أحرار مصر؟ هم الذين لا تهدأ أعينهم للسبات العميق في هذه الأيام التاريخية، وعندما يغالبهم النعاس يذهبون لفراشهم مثقلين بشعور رهيب من الذنب وهم يتدثرون تحت الفرش الدفيئة في الوقت الذي يرون فيه شباب مصر يعتصمون في ميدان التحرير تحت هذا المطر وذلك البرد القارس بل وتنساب دماؤهم طاهرة من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية. إذا كان هؤلاء أحرارا فما بالك بهذا الشباب وأولئك الرجال الذين يخطون مستقبل مصر وحريتها في ميدان التحرير. الأحرار أيضا هم الشباب الذين ينشقون من صفوف أحزابهم وجماعاتهم القديمة وينضمون لطلائع التحرير. الأحرار هم الذين يدركون أن المصريين نسيج متين لا تمزقه ديانة ولا عرق ولا قبيلة ولا منطقة جغرافية. الأحرار هم الذين يدركون قيمة مجدي يعقوب القبطي الذي لا يعرف قلبه ولا مشرطه فرقا بين مسلم وقبطي. الأحرار هم الذين يدركون أن الدين الإسلامي دين عالمي حر يقدس الإنسان والحيوان والنبات والجماد، دين الحب والتسامح والمعاملة بالحسنى، والرفق بكل شيء حتى بالكفار الذين كان يبكي لهم الحبيب محمد صلى عليه وسلم ويحافظ عليهم عسى أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله سبحانه وتعالى. الأحرار هم الذين يؤمنون بالحرية ولا يرضون العيش إلا بالكرامة، ولا يقبلون إلا العدالة الاجتماعية. الأحرار هم الذين يدركون أن المصريين مهددون بأفعى رقطاء وعدو غادر يخطط لإغراقهم مسلمين وأقباطا في ذل العبودية لإسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات. الأحرار هم الذين يقولون كلمة الحق للمجلس الأعلى للقوات المسلحة حتى يكون الخير فيهم. الأحرار هم الذين يطالبون المجلس الأعلى للقوات المسلحة أن يتفرغ بقوة عظمى لحماية البلاد ورعاية أمنها وترك المختصين في السياسة والعلم والإدارة ليقودوا بناء مصر الحبيبة. الأحرار هم الذين ينبضون بروح التواضع والسعي الحثيث للعلم والمعرفة وتقدير العلم وإجلال العلماء. الأحرار هم الذين لا يتقوقعون في صناديق مقفلة لتحقيق أحلام عنترية خيالية خادعة كدولة الخلافة ومحاربة الأديان الأخرى. الأحرار هم الذين يتركون الطرف الآخر ينتقب كما يشاء، ويطلق لحاه كما يشاء، ويدق أجراس كنيسته كما يشاء، ويتناصحون في السر وبالحب وعندما تكون النصيحة بلسما وشفاءً ودواء.

الخلاصة: مجلسنا العسكري الأعلى الحبيب، الوقت كالسيف إن لم تقطعه بالعمل قطعك بطول الأمل، وإن لم تقطعه قطعك، نرجوك أن تسلم الحكم لسلطة مدنية فورا، ونعني فورا، والحلول موجودة، ولكننا نرى الإرادة مفقودة. مصر الآن في زنزانتكم، أطلقوها واحموها فالرجوع إلى الحق فريضة. لعبة الجنزوري مرفوضة. العناد من شيم الأطفال والحاقدين والمتطرفين والنساء (عذرا لهن)، فإذا كان شباب الثورة يلجأ للعناد فإنه ليس عنادا بقدر ما هو إيمان بالحرية الثورية التي أيدتموها أنتم وأيدتموهم أيضا، وأنتم الأجدر باحتوائهم وتحقيق مطالبهم وهي مطالب شعبهم شرطة وجيشا وشعبا. أما أنتم أحرار مصر فإلى الأمام، أنتم فداء مصر، ومصر فداكم، ونحن فداكما.

 

المصدر: أ.د. محمد نبيل جامع
  • Currently 5/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
1 تصويتات / 252 مشاهدة

ساحة النقاش

asmaaeldsouky

والله أن المجلس العسكرى يعلم ما تقوله سيادتك جيدا والقضية ليست فى العلم أو عدم العلم لكن القضية فى الرغبة فى التمسك بالرأى قبل الحكم وهذا تيار ضد رغبات الشباب تماما وضد الإصلاح بصفة عامة هل المجلس يجهل أن السلفيين الذين قفزوا على الكراسى فجأة لا يجيدون لعبة السياسة ومشاكلهم محصورة فى لبس النقاب وحذف كلمة الو من الحديث التليفونى وكلمة بابا وماما وأشياء أخرى غريبة الشكل والمنظر فالمجلس يعى هذا وغيره كثير ولكن هذا لا يعنيه من لم يكن له من نفسه واعظ لم تنفعه المواعظ واسمح لى النساء ليس كلهن عنيدات .

أ.د. محمد نبيل جامع

mngamie
وداعا للتنبلة ومرحبا بمصر الحرة: يهدف هذا الموقع إلى المساهمة في التوعية الإنسانية والتنمية البشرية، وإن كان يهتم في هذه المرحلة بالذات بالتنمية السياسية والثقافية والإعلامية نظرا لما تمر به مصر الآن من تحول عظيم بعد الثورة الينايريةا المستنيرة، وبعد زوال أكبر عقبة أمام تقدم مصر الحبيبة، ألا وهو الاستبداد »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

99,870