كيف ننقذ الثورة مع علاء الأسواني ومع التيار الإسلامي
بقلم
أ.د. محمد نبيل جامع
أستاذ علم اجتماع التنمية بجامعة الإسكندرية
01227435754
15 نوفمبر 2011
أولا: يجب إنهاء الصراع بين الإسلاميين والليبراليين وتوحيد الصف فورا بين كل القوى الثورية. ثانيا: يجب انتخاب هيئة لتمثيل الثورة تشمل محافظات مصر كلها، تضم جميع الأطياف وتمتلك القدرة على حشد الملايين في الشوارع حتى تكون قادرة على الضغط على المجلس العسكري من أجل تنفيذ أهداف الثورة. ثالثا: يجب على القوى الثورية أن تقدم البديل لوثيقة السلمي.. أتمنى أن نقبل جميعا وثيقة الأزهر كأساس للدولة الديمقراطية، وفى نفس الوقت نتفق على طريقة انتخاب لجنة تأسيسية للدستور لا تتجاهل أعضاء البرلمان وتضمن أيضا التمثيل الكامل لكل طوائف المجتمع. رابعا: يجب علينا العودة إلى الشوارع في مليونيات تثبت للمجلس العسكري أن الثورة مازالت في قلوب ملايين المصريين الذين صنعوها بدمائهم والذين لن يسمحوا أبدا بإجهاضها. إن مصر الآن تتجاذبها قوتان: النظام القديم الذي يريد أن يعيدها إلى الوراء، والثورة التي تريد أن تدفع بها إلى المستقبل. سوف تنتصر الثورة حتماً.. بإذن الله (الأسواني: المصري اليوم، 15/11/2011).
بعد استعراض لبعض مظاهر "العك الإداري والسياسي" للمرحلة الانتقالية للثورة، مما أدى إلي تخديرٍ أو خمولٍ مؤقت لروح الثورة التي انتعشت حتى أقصاها يوم تنحي السيد المبارك، قدم الأديب العالمي الرائع والثائر المصري المناضل علاء الأسواني تلك الرؤى الحيوية الضرورية لإنقاذ الثورة، وهي وحدة الصف وخاصة بين الإسلاميين واللبراليين، وهيئة لتمثيل الثورة مشكلة من جميع المحافظات المصرية، ووثيقة الأزهر كبديل لوثيقة السلمي، والتوافق حول انتخاب لجنة تأسيسية للدستور، والعودة للشارع والمليونيات تأكيدا على حيوية الثورة وبقائها.
وإضافة إلى ما قاله حبيبنا الوطني المخلص المفوه الدكتور علاء، أود أن أؤكد بجانبه على المعاني والمطالب التالية لإنعاش الثورة واسترداد زخمها وترسيخ مسيرتها:
<!--الحكومة والسياسة ابتلاء عظيم لأخلص الرجال، ولا ينجح في هذا الابتلاء إلا رجال الدولة الذين أَحسن آباؤُهم تربيتَهم. السياسة مَفسدة والسلطة مُفسدة، مثلهما مثل المال تماما. يعني، الذي يمكن أن ينجح في هذا الابتلاء العظيم، لأنه رجل دولة مختبر، هو رجل مثل الدكتور البرادعي وأمثاله. أقول هذا لأؤكد على ما قاله الحكيم الهندي التقي"مهاريشي ماهش يوغي: "لقد درسنا هذه القضية خمسين سنة وتوصلنا لقرار أكيد هو - لا تنتظر من الحكومات خيرا، إن ما تريد تحقيقه لابد وأن تحققه بواسطة المجتمع المدني والناس أنفسهم". كيف يمكن تحقيق ذلك دون وحدة بين الناس أنفسهم؟ المصلحة الأولى للإسلاميين (الذين أحب أن أسميهم "مستألسين") هي أن تنجح الثورة لأن الحياة المدنية الديمقراطية والحرية هما اللتان أخرجتا الإخوان المستألسين من كمونهم، والديمقراطية والدولة المدنية بمعنى الكلمة هي التي يمكن أن تفتح لهم الساحة واسعة لاعتلاء السلطة وتنفيذ برنامجهم السياسي. وكذلك إخوتنا "المستسلفون"، نطقوا جهرا واستكبارا بعد الثورة، فنجاح الثورة بديمقراطيتها وحريتها هو أيضا الضمان الأكيد لـ "جهادهم السياسي". ولذلك فأنا أدعو جميع "الإسلاميين" أن يمسحوا مؤقتا تلك التسمية.. "الإسلاميين" ويعلقوا مكانها معنا جميعا دعاة مصر الحديثة لقب "الثوار"، تلك اليافطة الإنسانية المسالمة الراقية.
<!--المسلم الحقيقي هو لبرالي بالضرورة، ذلك لأن اللبرالية ببساطة شديدة ودون "حزلقة" هي الحرية الفردية المسئولة (أنت حر ما لم تضر). أليس هذا هو الإسلام الحقيقي الذي يجعل كل إنسان طائره في عنقه؟ إن عدل الله الأعظم يجعل لكل إنسان ما عمله من خير أو شر ملازما له لا يتعداه إلى غيره، فلا يحاسب بعمل غيره، كما لا يحاسب غيره بعمله. المستألسون والمستسلفون إذا أرادوا الانشغال بالسياسة هذا من حقهم. أما إذا أرادوا الدعوة للإسلام وبث روحه وأخلاقه وقيمه وسلوكياته فهم إذن هنا دعاه، ولابد أن ينشغلوا بالدعوة فقط إذا كانوا أهلا لها، وإلا فوداعا للقيم الإسلامية التي تتعارض تماما مع انتهازية السياسة ومكيافيليتها.
<!--يقول الأسواني أعلاه، "مصر الآن تتجاذبها قوتان: النظام القديم الذي يريد أن يعيدها إلى الوراء، والثورة التي تريد أن تدفع بها إلى المستقبل." هنا يجب أن نوضح تلك القوتين، قوة النظام القديم وقوة الثورة. ومن الواضح أن قوة النظام القديم هي جميع المنتفعين من النظام القديم ابتداءً بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي ظل حاميا للنظام القديم طيلة عمره بحكم وظيفته، ولم يعلن قولاً أو سلوكاً تمرده على هذا النظام سواءً قبل الثورة أم بعدها، ثم مبارك وكهنته مرورا برجال الأعمال غير الشرفاء الذين نهبوا ثروة مصر، ثم مرورا برجال السياسية ومروجي هذا النظام الذين هندسوا هذا النظام الفاسد ونهبوا مصر أيضا مع الناهبين، .... ومرورا بكل المنتفعين بهذا النظام حتى قائمة العار من الفنانين والراقصين والراقصات. أما قوة الثورة فهي بالتأكيد كل إنسان على الفطرة، كل إنسان يحب القيم السامية، كل إنسان حر كريم حافظ على طبيعته التي ولدته أمه عليها، ولم يخضع لأي مستعبد جبار، إنسانا كان أم شهوة من شهوات الدنيا الزائلة. ألستم أيها المسـتألسون والمستسلفون من هؤلاء؟ بالطبع وبكل تأكيد نعم... طالما لم يستعبدكم مذهب بعينه، فغميت عليكم الألطاف السمحة للدين الإسلامي. إذن فنحن جميعا قوى الثورة، فلنتحد من أجل تحقيق مطالبها أولا، وبالعقل وبالتفكير المنطقي وبدون قَسَم غليظ ستتيح لكم الديمقراطية الفرصة كاملة لمزاولة السياسة إذا أردتم. هذا هو ما يقوله أعلاه ما تعتبرونه، بكل أسف، عدوا لكم، الحبيب علاء الأسواني.
<!--هيئة تمثيل الثورة، التي يقترحها الأسواني، على مستوى جميع المحافظات، لتضم جميع الأطياف ستكون أمرا رائعا ولابد أن نشجعها، وأقترح على الدكتور علاء الأسواني أن يبذل مزيدا من الإبداع لهندستها حتى يمكن تنفيذها، وذلك لأن قضية ضمها لجميع الأطياف تحتاج إلى هضم واستمثال (تمثيل عقلي) لكل متلق لفكرتها. وسوف تكون هيئة تمثيل الثورة المقترحة بالدكتور علاء صورة أخرى للحركات الوطنية التي كانت قبل الثورة مثل الجمعية الوطنية للتغيير، وحركة كفاية، وحركة 6 إبريل، وحركة 9 مارس وغيرها بالإضافة إلى الحركات التي انطلقت بعد الثورة مثل المجلس الوطني وغيره. ولا ضير إطلاقا، بل ومن المرغوب، أن تتعدد مثل هذه الحركات والتنظيمات، ولذلك فأنا أقترح دعم جميع ثوار مصر للجمعية الوطنية للتغيير للقيام بدور إنقاذ وإحياء وترسيخ الثورة الينايرية الحبيبة، خاصة وأن القائمين عليها الآن "مليون على عشرة"، وتحياتي وقبلاتي للذي لم أره في حياتي الإنسان العظيم دكتور عبد الجليل مصطفى.
<!-- في النهاية، أدعو الإعلاميين الشرفاء أن يستمروا ويتسابقوا في جهادهم من أجل الثورة، وأنا أغبطهم للفرصة العظيمة التي أتاحها الله لهم بتقلد منابرهم الإعلامية لأنها فرصتهم التاريخية العظمى لتعظيم ميزان حسناتهم. وأما أنا والشعب البسيط قليلو الحيلة فأدعو نفسي وشباب مصر وشيوخها جميعا للقيام بالأعمال الرمزية التالية لإحياء الثورة وترسيخها:
<!--العودة إلى تعليق الأعلام المصرية الجميلة ونشرها على شرفات المنازل وأسطحها.
<!--تعليق ملصقات الثورة على السيارات، ونشر اكسسوارات الثورة بين الشباب والشيوخ.
<!--عودة الشباب المصري الجميل إلى الشوارع لتنظيفها وتجميلها، كلما أمكن، ولو يوم الجمعة فقط من كل أسبوع تقديرا لانشغالهم في الدراسة الآن.
<!--تركيز الشباب الجامعي في أنشطتهم الثقافية والاجتماعية اللاصفية على قيم الثورة وإذكائها بين أقرانهم من الشباب والشابات.
<!--قيام الشباب الثوري بتوعية بعضهم البعض وتوعية آبائهم وأخواتهم وأقربائهم في القرى والمناطق الشعبية بأن الثورة لم تكتمل، وأن مطالب الثورة لن يحققها لنا المجلس العسكري أو الحكومة أو غيرهما، وإنما نحن الذين يجب أن نحققها بجهودنا ومطالبنا وإلحاحنا وإصرارنا، وأن المشاكل التي نعاني منها الآن الثورة بريئة منها تماما، وإنما هي بسبب عدم تحقيق مطالب الثورة والإدارة المضادة للثورة على المستوى السياسي والحكومي.
<!--تركيز شباب الدعاة أمثال عمرو خالد وزملائه والدعاة في المساجد والكنائس على قيم الحرية والديمقراطية والشورى والمواطنة والكرامة والعزة والعمل والعلم ومحاربة قيم الفساد والابتزاز والاحتكار والاستعباد.
<!--النظر إلى المليونيات والتظاهر السلمي في ميدان التحرير وجميع ميادين مصر نظرة إيجابية، وتذكر أنه لم يحدث حدث ثوري إيجابي واحد إلا بتلك المليونيات. إن تسفيه التظاهر السلمي والمليونيات هو في تقديري من قبيل الخيانة للثورة وقيمها أولا، ثم هو من قبيل الغباء أو "الاستعباط" ثانيا.
<!--العمل بكل وسيلة ممكنة على إنجاح الانتخابات البرلمانية التي ستبدأ بعد أيام، وعدم مواجهة البلطجية، والصبر على الظالمين، كي تمر هذه المرحلة التي دفعنا إليها المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارته المؤسفة للمرحلة الانتقالية الثورية الحالية.
وفي النهاية أدعو الأفاضل أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة ومعهم الوزير الوسيم أسامة هيكل أن يمضوا ربع ساعة فقط، لن يندموا عليها، في مشاهدة أربع قنوات تليفزيونية فضائية بالتساوي هي قناة المولد، وقناة التت، وقناة شعبيات، وقناة الجزيرة مباشر مصر، ثم يتخذوا ما يمليه عليهم ضمائرهم من قرارات.
ساحة النقاش