تنابلة السلطان وداعا

تشخيص وتحليل ومعالجة التنبلة وبناء مصر الحرة

برجاء نشر هذا المقال أو نشر معانيه

المجلس العسكري والبرادعي وخاطر في الصلاة

بقلم

أ.د. محمد نبيل جامع

أستاذ علم اجتماع التنمية بجامعة الإسكندرية

0127435754

4 نوفمبر 2011

علمني ورعاني وكان بمثابة الوالد بعد وفاة والدي رحمه الله. هو الأستاذ أحمد، أخي الأكبر الحبيب رحمه الله وكان يكبرني بثلاثة عشر عاما، وهذا هو عيد الأضحى الأول الذي يعانقنا دون عناق هذا الحبيب. كان هذا همي عندما قمت لصلاة العشاء يمتزج بالهم الأكبر الذي هو ثورتنا الحبيبة وما تعانيه من صفعات تحزن القلب وتثير الأسى، سواء من المجلس الأعلى للقوات المسلحة، أو من انتهازية الفلول وجشعهم، أو من أنانية القوى السياسية المتعجلة على غنائم الديمقراطية التي لم تولد بعد، ناهيك عن نضجها بعد ميلادها.

لم يمنعني الاستغراق في الصلاة من خاطر سهو جال بالمنطقة الميتة من عقلي، وقررت الاستجابة له علي الفور، وهو أمنية من المجلس الأعلى للقوات المسلحة في هذا العيد المبارك، ورغبة في مشاركة العيد مع أخي المغمور برحمة الله سبحانه وتعالي في عالم الخلد والذي وجدت بديله على الفور في هذه الدنيا وهو الدكتور البرادعي.

لماذا الدكتور البرادعي؟ لقد كتبت فيه الكثير، ومهما كتبت فلن أوفيه أو غيري حقه، وتلك الثورة تدين له في المقام الأول قبل الشباب المصري الحبيب، وقبل العشرين مليونا من شعب مصر النشط الذي خرج يوم تنحي الرئيس السابق، سامحه الله، وهو دعاء سطر بتنهيدة طويلة، هذا الشعب الذي خرج والفرحة قد عرفت طريق قلبه ووجدانه للمرة الأولى في حياته. أقول للدكتور البرادعي: لا تحزن يا أخي الحبيب أن نسيك المصدر العسكري الكبير الذي صرح للمصري اليوم بأن سيادة المشير لن يرشح نفسه للرئاسة، وإنه يسعى لتحول هادئ إلى المعاش، كما وأن المجلس العسكري لن يرشح رئيسا، ولكنه يرغب أن يكون من بين أربعة: عمر موسى، وشفيق، والبسطويسي، وأبو الفتوح. رغبة "سامية" غريبة ينتظر منا سيادة المسئول العسكري الكبير أن نقول له "رغبات سعادتك أوامر" كما لو كانت الدولة كتيبة أو فرقة عسكرية. هل هذه الرغبة العسكرية شهادة لك، أو شهادة عليك، يا أخي الحبيب الدكتور البرادعي؟ لا يسعني إلا أن أترك الإجابة لضمير القارئ الحبيب.

أما أمنيتي من المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وهي الأعظم، فهي ببساطة أن يسلك الخط المستقيم بعد الإيمان، كما قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم "قل آمنت بالله ثم استقم". أذكركم إخواني أعضاء المجلس الأعلى بما قلته في بداية الثورة من أنني كنت أبكي بذرف الدمع الفعلي في مواقف ثلاثة: عندما كنت أرى صور أبنائي شهداء الثورة على شاشة التلفاز أو على أوراق الصحف، وعندما كنت أسمع كوكب الشرق تغني "وقف الخلق ينظرون كيف أبني قواعد المجد وحدي"، وعندما كنت أسمع هتاف الشعب من قلبه وهو يقول "الشعب والجيش إيد واحدة".

أحبائي أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة، نحن الجيش وخدمنا فيه جنودا وضباط احتياط، وهو جيشنا، وهو نحن، وطعمنا خبزه وملحه وعدسه، و والله نحبكم بالفعل، ونفخر بكم، ونريدكم جيشا لا يقهر، ونريد لكم مميزات وكادرا وظيفيا يتساوى مع كادر القضاء، الذي أعتقد أنه أعلى كادر حكومي الآن، ويستحيل أن تجد مصريا لا يشعر بذلك أبدا. والآن أتساءل: لماذا لا تبادلونا هذا الحب وذلك العشق؟ ليس خوفا منكم ولا من أسلحتكم، فإنها بالمناسبة لا تصلح لمواجهة الشعب المصري ولا تقوى عليه بكل تأكيد. لماذا لا تتبعون الخط المستقيم مع أحبائكم ورعاياكم الآن وأنتم قد وسد الحكم إليكم في هذه المرحلة الانتقالية.

ألا تتذكرون ما فعلتم وما فعلناه معكم في حرب السادس من أكتوبر؟  إن الخروج من الأزمة السياسية الحالية أسهل بكثير جدا مما بذلتموه في إعداد وتنفيذ هذه الحرب المجيدة. فعلا ثقافة الإدارة العسكرية والكفاءة العسكرية يختلفان تماما عن إدارة الدولة والكفاءة السياسية، وبالتأكيد هذا هو أحد الأسباب التي أدت إلى هذا الفشل في إدارة المرحلة الانتقالية حتى الآن. ولكني أعتقد، ويشاركني في ذلك معظم شعب مصر الآن وليس مجرد مثقفيه وسياسييه فقط، أن السبب الأساسي هو أغراض دفينة غير معلنة من جانب سيادتكم، وقد ذكرت ما أتصورها في مقالات أخرى.

المهم الآن، هو أن تقدروا سيادتكم مقدار الخسائر الرهيبة التي نتكبدها كل يوم على مدار تلك المرحلة الانتقالية الطويلة سواء من خلال الصراع أو الخوف أو الانزواء أو اللامبالاة أو سوء الأداء الاقتصادي والصحي والتعليمي والديني والإداري والخدمي بأشكاله المختلفة من سياحة وتجارة وغير ذلك.

هل يمكن أن تظهروا لنا حسن النية وصدق القول بالمثول لتحقيق مطالب الثورة التي تعلمونها جيدا جدا، ويعلمها الجميع، وتحاولوا جمع هذه الفرق السياسية بحزم القيادة وإخلاصها وتوحيدها من أجل هذا الهدف وتسليم الحكم إلى رئاسة مدنية وحكومة ديمقراطية مدنية، كل هذا مقابل الخروج الآمن لجميع مجرمي النظام السابق، والعفو عن الرئيس المخلوع من أول قمة رأس سيادته حتى أبنائه في ميدان مصطفى محمود أو الآسفين عليه؟ وذلك بشرط أن يرحمونا من رؤية وجوههم سواء بالسكن في بيوتهم أو الهجرة إلى جزر يشترونها بأموالهم الحرام ويرحمونا من قربهم؟

أقول هذا لأننا كنا مذنبين أيضا عندما سمحنا طيلة هذه السنين الطويلة لهذا النظام الدكتاتوري الظالم أن ينهش عظامنا ونحن كالخراف المقهورة. كما أقول ذلك لأن جميع هذه المحاكمات إما أنها سوف تنتهي بالبراءة أو بعقوبات لا تشفي من غليل.  كما أقول ذلك، وهو الأهم، لأننا نريد بناء مصر، وكفاها تخلفا وتأخرا وهي الأحق بالسبق والتقدم. هل يمكن أن تكونوا مجلسا رئاسيا يتكون من خمسة أعضاء لإدارة  الدولة اثنين من المجلس الأعلى للقوات المسلحة وثلاثة من المدنيين، أقترح أن يكونوا الدكتور البرادعي والدكتور محمد غنيم والمستشارة تهاني الجبالي أو المستشارة نهى الزيني. يقوم هذا المجلس بإجراءات وضع الدستور ثم انتخاب رئيس مدني للجمهورية يقوم بمشاركة نفس هذا المجلس في تكوين حكومة تتكون من 15 وزارة فقط تتسم باللامركزية ثم انتخاب المجالس الشعبية والبرلمانية بعد ذلك؟

مجلسنا الأعلى الموقر، كل وعام وأنتم طيبون، ونحن في انتظار "عدية" الراعي للرعية، وكل عام وأنتم بخير وصحة وسعادة ومصر تحتضننا جميعا بالعزة والفخر والحرية والقوة، وأنتم أهل لذلك.

والْحَمد لِلَهِ الذِي بِنِعْمتِه تَتِم الصالِحات، واللهم أتمم علينا نعمتك التي أنعمت بها علينا، واغفر لنا ذنوبنا إنك أنت الغفور الرحيم. وأعاد الله عليكم قرائي الأحبة، عيد الأضحى المبارك بالعزة والنصر.

 

المصدر: مقال شخصي

ساحة النقاش

asmaaeldsouky

تحية اعزاز وتقدير لسيادتكم ولكن تقدير العدية يختلف باختلاف الملكية للأشياء ممكن حضرتك تعطينى عدية نقود وغيرك يعطينى طلقة فى قلبى .باحثة سياسية

Dr-mostafafahmy

مقال أكثر من رائع يا أستاذنا الكبير.. جزاك الله خيرا ..

أ.د. محمد نبيل جامع

mngamie
وداعا للتنبلة ومرحبا بمصر الحرة: يهدف هذا الموقع إلى المساهمة في التوعية الإنسانية والتنمية البشرية، وإن كان يهتم في هذه المرحلة بالذات بالتنمية السياسية والثقافية والإعلامية نظرا لما تمر به مصر الآن من تحول عظيم بعد الثورة الينايريةا المستنيرة، وبعد زوال أكبر عقبة أمام تقدم مصر الحبيبة، ألا وهو الاستبداد »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

92,246