تنابلة السلطان وداعا

تشخيص وتحليل ومعالجة التنبلة وبناء مصر الحرة

برجاء نشر هذا المقال أو نشر معانيه

سر سرية التحقيقات في مذبحة        ماسبيرو          

بقلم

أ.د. محمد نبيل جامع

أستاذ علم اجتماع التنمية بجامعة الإسكندرية

0127435754

[email protected]                 15 أكتوبر 2011

لا ندري أبناءً عن عجز أم بناءً عن أوامر عليا، قامت النيابة العامة، وما كانت تعاونها من لجنة تقصي الحقائق المشكلة بوزير العدل، بتحويل كافة التحقيقات التي أجرتها في مذبحة ماسبيرو إلى هيئة القضاء العسكري لتتولى النيابة العسكرية التحقيق في هذه الأحداث مع فرض السرية وحظر النشر فيما يخص تلك التحقيقات لأن هيئة القضاء العسكري تقول أن النتائج التي تسفر عنها هي من الأسرار التي لا يجوز إفشاؤها من الهيئة العاملة بالتحقيق بحكم وظائفها.

إن هذا القرار بالرغم من فجاعة الحدث الإجرامي أمام ماسبيرو يضيف مزيدا من الضبابية التي تخيم على مصر طوال المرحلة الانتقالية تحت حكم المجلس العسكري. يضيف هذا الخبر مزيدا بل ومزيدا من الشك والتوجس وعدم الثقة في سياسة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وما يتبعه ذلك من عدم ثقة في المؤسسة العسكرية بأكملها.

وبالرغم من هذا الضباب الكثيف يتحرك قطار الثورة ولو ببطء شديد، بالإضافة إلى أن هذا القطار قد يرتكب الكثير من الحوادث أثناء سيره، بل وربما قد يرتكب حادثة تقضي عليه تماما، وتصبح الثورة تاريخا، وهنا يفرح مبارك وطواغيته ويزغرد الفلول، وتنتعش إسرائيل، وتهلل النظم العربية الرجعية، وقد تفرح أمريكا أيضا. ولكن هل يستسلم هذا العملاق الأخضر، ذلك الشعب المصري العبقري؟ إنها والله أحلام الأغبياء من جميع هؤلاء الفرحين، وأضيف إليهم النابهين من مستشاري المجلس الأعلى للقوات المسلحة.

وأنا هنا لا أرسل أدلة موثقة إلى هيئة القضاء العسكري الذي طلب ذلك من كل من لديه من مثل تلك الأدلة، ولكني أعرض ما يدور في وسائل الإعلام والاتصال الإلكتروني وغيره، بالإضافة إلى ما يدور في الأروقة التي لا يرتادها هو أو أعضاء المجلس العسكري، وهي عربات الترام، والمقاهي، ومجالس الجيران، ومقار العمل الشعبي، أي الشارع المصري باختصار شديد. أقول هنا المقالات التي تدور على ألسنة الفئات المختلفة من هذا الشعب الصابر تفسيرا لفرض السرية وحظر النشر على تلك التحقيقات، وليتدبرها أولو الألباب:

<!--فئة تقول "الصبر طيب، يا خبر انهارده بفلوس بكره يبقى ببلاش،" وهذه مقولة الأغلبية الصامتة، وأشباه حزب الكنبة، والغارقين في مصالحهم الخاصة ومطالبهم الفئوية والذين لا يوقظهم إلا سونامٍ جارف كالذي حدث في 25 يناير.

<!--فئة تصدق أن الجيش لم يكن معه ذخيرة حية فعلا، وقتل المتظاهرين دهساً بغرض تفريق المظاهرة، ولكن الذي قتل المتظاهرين بالرصاص هم البلطجية المستأجرون والذين ينتمون إلى وزارة الداخلية، والجيش لم يطلق عليهم النار لأنه ليس معه ذخيرة حية، ولأنه لا يقتل أيا من أفراد الشعب المصري إلا إذا هاجموا القوات المسلحة نفسها.

<!--فئة أخرى تقول أن الجيش كان معه أسلحة وذخيرة حية، وقتل المتظاهرين بالفعل، ومن ثم فقد ارتكب نفس الخطيئة التي ارتكبها العادلي وبلطجيته وسلطة مبارك السابقة. وبالطبع لو كشفت التحقيقات ذلك، وأُعلنت تلك التحقيقات سيكون الأمر مشكلة بالنسبة للجيش والمجلس الأعلى للقوات المسلحة.

<!--فئة أخرى تقول أن هناك تواطئا بين السلطة العسكرية الحاكمة وبارونات العادلي الباقين بالداخلية الذين يستخدمون البلطجية (165 ألف مسجل بالداخلية كما كشفت جريدة التحرير)، ورئاسة الجمهورية وحرسها الجمهوري "النايم في الذرة"، ورجال الأعمال الممولين بأموالهم الحرام تلك المؤامرة المحرمة لإجهاض الثورة واستعادة الإقطاعية المصرية لأصحابها "غير" الشرفاء.

<!--هناك فئة أخرى من الشعب أيضا تعتقد أن التحقيقات قد حُولت ليس لغرض أن تكون سرية في حد ذاتها، كما يعلن ذلك القضاء العسكري، وإنما لكي تنحصر التهم الموجهة إلى المقبوض عليهم في الاعتداء على الشرطة العسكرية وفي تدمير معدات للقوات المسلحة والأهالي وإتلاف المنشآت العامة والتعدي على قوات الشرطة العسكرية مما أسفر عن وفاة عدد من أفراد الشرطة. وبذلك تبتعد الاتهامات عن قتل المتظاهرين، وهي التهمة التي تكون خطيرة بالنسبة للجيش إذا ثبتت، كما ذكرنا في النقطة الثالثة.

<!--تعتقد فئة من الناس أيضا أن سرية التحقيقات تمكن من إمكانية إنهاء النزاع أو حفظ القضية نظرا لأن الشرطة العسكرية هي خصم وحكم في ظل القضاء العسكري، خاصة إذا ثبت تورط الشرطة العسكرية في عدوان على المتظاهرين.

<!--لا زالت هناك فئة من الشعب تقول أن المؤسسة العسكرية أمن قومي، وهي لها الحق أن تعلن ما تود إعلانه، كما أنه من الطبيعي أن تحتفظ بسرية ما تود الحفاظ على سريته. ومن ثم فمن الطبيعي أن تحتفظ بتحقيقات أحداث ماسبيرو الدامية بسرية تامة في ظل القضاء العسكري.

الخلاصة: الشارع المصري يعج بأقصى درجة من الضبابية والحيرة، والتساؤل: لماذا نرى النور وطريق الوصول إليه، ونصطدم بحائط صد يصد حركتنا نحوه؟ ثم ما هي تلك القيود الحديدية التي تكبل أقدامنا وتحبسنا في ظلام الظلم وظلمات القهر؟ ما هي تلك القوى التي تحول دون تحقيق غايات الثورة المستنيرة ومطالبها؟ هل يدفع المصريون المعاصرون ثمن عظمة أجدادهم الفراعنة لوجود قوى أجنبية فعلا تخاف صحوة هذا العملاق الأخضر؟ هل من إجابة من حكامنا الأكابر، المسئولين عن رعيتهم أبناء الشعب المصري، المجلس الأعلى للقوا ت المسلحة، أو حتى حكومته الموقرة؟ وفي النهاية لي رجاء من شخصين: الدكتور عصام شرف، بصفتي دقهلاويا وأظنه كذلك، أن يقدم استقالته بالبريد المسجل ويأخذ أجازة استجمام في موطن رأسه وبين أحبائه. والثاني هو المشير طنطاوي: من فضلك ابعث مجلسك الموقر إلى ثكناته الشريفة ونحن معك ومع الجيش وما يتطلبه أهلنا من جيشنا العظيم، استقلالا كان أو مميزات، وشكل حكومة إنقاذ كاملة السلطات برئاسة الدكتور البرادعي، ولن يندم شعب مصر وسيادتكم أوله.

ولا عزاء لغير المصريين!

المصدر: أ.د. محمد نبيل جامع
  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 191 مشاهدة

ساحة النقاش

أ.د. محمد نبيل جامع

mngamie
وداعا للتنبلة ومرحبا بمصر الحرة: يهدف هذا الموقع إلى المساهمة في التوعية الإنسانية والتنمية البشرية، وإن كان يهتم في هذه المرحلة بالذات بالتنمية السياسية والثقافية والإعلامية نظرا لما تمر به مصر الآن من تحول عظيم بعد الثورة الينايريةا المستنيرة، وبعد زوال أكبر عقبة أمام تقدم مصر الحبيبة، ألا وهو الاستبداد »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

100,650