تنابلة السلطان وداعا

تشخيص وتحليل ومعالجة التنبلة وبناء مصر الحرة

authentication required

برجاء نشر هذا المقال أو نشر معانيه

أخي الحبيب القبطي .. هنيئاً لنا ما فعلت.

بقلم

أ.د. محمد نبيل جامع

أستاذ علم اجتماع التنمية بجامعة الإسكندرية

0127435754

[email protected]                 12 أكتوبر 2011

نعم أخي الحبيب القبطي... أخي في الله... أخي في آدم عليه السلام... أخي في الخليل إبراهيم عليه الصلاة والسلام... أخي في هاجر رضي الله عنها وأرضاها... أخي في مصر الحبيبة... أخي في الثورة الينايرية المستنيرة. بعد أن انتهيت من كتابة هذا المقال مُسِحَ مني خطأَ. ولكن من حسن حظي أن مشاعريَ المحبة لأبناء وطني والمتعاطفة معك لم تهدأ، إذ ما زالت تكفيني لكتابة مائة مقال أخرى. ولن تهدأ تلك المشاعر إلا بعبورنا معا إلى مصرنا الحرة، مصرنا التي عهدناها معاً قبل هذه العدوى الوهابية القميئة. لقد رضعت  أنا في القديم من عِلْم زاهر أفندي مشرقي، أول مدرس لي في المدرسة الأولية بالقرية الدقهلاوية، كفر عزام مركز السنبلاوين. كان زاهر أفندي بقامته القصيرة، ومشيته الهادئة، وبشرته "الأوروبية" معشوقا لأهل القرية، وصديقا خاصا لوالدي رحمه الله، وكانت زوجته ملاكا يحوم في القرية تلتف حولها نساء القرية بالسكن والقربى وحسن العشرة.

نعم أخي الحبيب القبطي، هنيئاً لنا ما فعلت، بل وما فُعِل بك من غدر لن ينمحي من تاريخ أعداء مصر والحرية والعدالة، بل أعداء الإسلام السمح الحقيقي. لقد أعلَنْتَ مشاركتك النشطة في الحياة السياسية وعزمك امتلاك زمام وطنك مع بقية إخوانك من شعب مصر الذي عاش بعيدا عن المشاركة السياسية محبطا بظلم المستبدين وقهر الظالمين. لقد أعلنَتْ دماؤك الزكية أمام ماسبيرو إصرار الشعب المصري على الحرية الدينية وحق الأقباط كلهم في المواطنة الكاملة دون نقص أو تمييز، من تمسك منهم بدينه ومن تحول إلى الإسلام أيام تحرير مصر من ظلم الرومان وبغيهم على يد عمر بن العاص رضي الله عنه.

لقد ورثنا ملفا أسود من الفتنة الطائفية المفتعلة من تراث الدكتاتور الطاغية بجانب الملفات السوداء الأخرى التي لا حصر لها مستغلة بذلك بعض المتطرفين والجهلاء من المتأسلمين الوهابيين الذين استخدُموا في الاعتداء على مقدسات الأقباط وكنائسهم بصورة خاصة. وورثنا كذلك نظاما قطعت رأسه، ولكن جسده لا زال يبث السم في أرجاء الدولة كلها، نظاما جند ما تراوحت إحصاءاته بين 98 ألف إلى 165 ألف بلطجي من خريجي السجون والمجرمين المحترفين لا زالوا يستعملون حتى الآن، كما ورثنا أيضا نظام حكم لم يتغير طعمه، ولم تتغير فلسفته، ولم يدرك أننا قد حققنا ثورة حقيقية ذات ثقافة حرة وديمقراطية وشعبية، نظاما لا زال يحكم بالطرق المباركية المعهودة التي عجزت حتى عن حماية الدكتاتور نفسه وأسرته الطاغية.

ألم يعلم خفافيش الظلام من المتطرفين المتأسلمين أن الحبيب محمدا صلى عليه وسلم سمح لوفد نصارى نجران أن يصلوا في مسجده صلى الله عليه وسلم بالمدينة، ولم يغسله أو يطهره من بعد صلاتهم؟ ألم يعلم خفافيش الظلام أن الفاروق عمر رضي الله عنه وأرضاه عند استلامه مفاتيح بيت المقدس دعاه البطريرك صفرونيوس  لتفقد كنيسة القيامة فأدركته الصلاة فسأل البطريرك أين أصلي فقال له مكانك صلي، فقال عمر ما كان لعمر أن يصلي في كنيسة القيامة فيأتي المسلمون من بعده يقولون هنا صلى عمر، ويبنون عليه مسجدا، فصلى على مرمى حجر حيث أقام المسلمون عليه مسجد عمر؟ وقد أعطى الفاروق أهل إيلياء مأمنهم وأعطاهم الأمان لأنفسهم وأموالهم وكنائسهم وصلبانهم ووعد ألا تسكن كنائسهم ولا تهدم ولا ينتقص منها ولا من حيزها ولا يكرهون على دينهم ولا يضار أحد منهم.  صلى الله عليك محمدا  يا حبيب الله، ورضي الله عنك أيها الفاروق، يا من قال عنك الحبيب صلى الله عليه وسلم "لو كان بعدي نبي لكان عمر." ليتك ترى الآن ما يفعله "مسلمو" القرن الحادي والعشرين بأقباط مصر الحبيبة. ألا تنصحون أيها الإخوان المسلمون إخوتنا هؤلاء عسى أن ينصتوا إليكم؟ أم أنكم أيضا الذين تحتاجون النصح، وأنتم تشاهدون هذه المجزرة بهدوء على شاشات التلفاز وتترددون في الموافقة على مجرد قانون العبادة الموحد كما لو كنتم تخافون سطو قياداتكم؟ لقد استقال بالأمس الدكتور حازم الببلاوي استقالة معلقة بسبب سوء تعامل الحكومة مع أحداث الأحد الكئيب، ولكن بدلا من أن يقوم المجلس العسكري بحلول جذرية لتحقيق مطالب الثورة التي تحقق لكافة المواطنين حقوقهم المشروعة يتشبث بالواقع المخزي ويقول له رافضا الاستقالة "البلد لا تتحمل ولابد من الاستقرار."

إن استشهاد ثلاثين من الأقباط وإصابة ثلاثمائة يستلزم ليس مجرد قبول استقالة وزير حي الضمير، وإنما يتطلب الأمر كما قلنا من قبل إجراءات جذرية فيما يلي بعضها:

1. تحمل المجلس العسكري بصفته الحاكم الفعلي لمصر الآن المسئولية كاملة، وعليه أن يسلم الراية لحكومة إنقاذ مدنية كاملة السلطات يشكلها فورا. ويرى البعض أن يكلف البرادعي أو محمد غنيم أو حسام عيسى برئاسة تلك الحكومة.

2. انسحاب جميع مرشحي الرئاسة المحتملين من تيارات الإسلام السياسي هذه المرة، درءًا لشبهة الفتنة الطائفية.

3. تكليف المجلس العسكري حكومة الإنقاذ المقترحة بالنظر في مطالب الأقباط، وهي كلها مطالب مشروعة وواجبة، تطبيقا لمبدأ "الرجوع إلى الحق فريضة." وعلى المجلس العسكري أن يحمي مصر من مؤامرات الموساد وبلطجية مبارك والعدلي ومؤامرات فلول النظام السابق، وأظنه على علم بجميع هؤلاء.

6. التحقيق الفوري الشفاف والتعامل القانوني الرادع مع المسئولين عن هذه الفتنة المشئومة. ويا ليتنا نعلم كيف صبر الجيش على ما هو أصعب من هذا الموقف ولم يطلق الرصاص على المتظاهرين، ويسمح بإطلاق النار لأول مرة بهذه الصورة سواء كان من جانبه أو من جانب غيره.

7. وفي النهاية أحيوا ضمائركم أيها الإعلاميون المرتزقون وعلي رأسكم وزير الإعلام نفسه، أعلو كلمة الحق، واسعوا لتحقيق رسالة الإعلام السامية. وأختم لك قارئي العزيز بخلاصة إعلامي من النوع الأول في مقاله بعنوان كله لخبطة "الأقباط والجيش والوطن"، ثم بخلاصة مقال لإعلامي من النوع المهني الرسالي وهو بلال فضل في مقاله بعنوان "تعالوا نواجه الحقيقة":

خلاصة النمنم: (التي تلعب على جميع الخطوط)

"لقد تحول موقف الأقباط بعد ثورة 25 يناير، من قبل كانوا يحتجون داخل الكنيسة وتحت رعاية البابا شنودة، وكان ذلك أمراً سلبياً، فقد اعتبروا الكنيسة دولتهم، وهم الآن خرجوا من حضن الكنيسة إلى رحاب الوطن والمواطنة، ويجب أن نسعد بذلك ولا نقلق منه، القلق الحقيقي ألا يتم إعمال قاعدة المواطنة ومعيار القانون.. وما يجب الانتباه إليه أن مصر وطناً ودولة لا تتحمل مشهداً آخر يشابه مشهد «الأحد»، ومن ثم لا يجوز تكراره، وتلك مسؤوليتنا جميعاً، المجلس العسكري والحكومة والمثقفين والكتاب والقوى الوطنية والسياسية جميعاً."

خلاصة فضل: (الواضحة المخلصة الصريحة)

"....رغم كل شيء ما زلت أحذر من أي سعى للصدام مع المجلس العسكري في ظل حالة السيولة الموجودة في مصر. لا أظن أن هناك أحدا في الوطن الآن لا يزال يعتقد أن المجلس لديه الكفاءة اللازمة لإصلاح حال البلاد وتطييب الجراح ومداواة العلل، فلن يفعل ذلك إلا حاكم منتخب وحكومة منتخبة، والذي يحب هذه البلاد عليه أن يطالب المجلس بتحديد وتقديم موعد الانتخابات الرئاسية، لكي يتفرغ لما هو أهل له، ولكي تبقى مهام محاسبته ومراقبته التي يرفعها البعض بحسن نية رهنا لاكتمال التجربة الديمقراطية وقدرتها على تغيير حياة الناس لكي يؤمنوا بها فيتفاعلوا معها ويصنعوا واقعا سياسيا صحيا يوصلنا إلى ما وصلت إليه الدول المتقدمة أو حتى الدول التي كانت متكحولة مثلنا."

المصدر: أ.د. محمد نبيل جامع

ساحة النقاش

أ.د. محمد نبيل جامع

mngamie
وداعا للتنبلة ومرحبا بمصر الحرة: يهدف هذا الموقع إلى المساهمة في التوعية الإنسانية والتنمية البشرية، وإن كان يهتم في هذه المرحلة بالذات بالتنمية السياسية والثقافية والإعلامية نظرا لما تمر به مصر الآن من تحول عظيم بعد الثورة الينايريةا المستنيرة، وبعد زوال أكبر عقبة أمام تقدم مصر الحبيبة، ألا وهو الاستبداد »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

99,673