هنيئا لك عصرك الذهبي يا إسرائيل!
قلم
أ.د. محمد نبيل جامع
أستاذ علم اجتماع التنمية بجامعة الإسكندرية
0127435754
[email protected] ، 1 أكتوبر، 2011
ربي سامحني، وأنا عبوس تائه حزين، لا ترى مني أسرتي الصغيرة فرحة أضفيها عليها، أو عقلا يشاركها همومها، وأنا دائم الفكر ليلا ونهارا فيما تعانيه أسرتي الكبيرة، ثورة مصر وشعبها الحبيب، وأنا أقول عنها "جات الحزينة تفرح مالقتلهاش مطرح." ففكرت كيف أزيل الكآبة عن وجهي الحزين من أجل أسرتي الصغيرة، فألهمني ربي أن أتصور نفسي إسرائيليا وأستغرق في فرحة هائمة بعصرها الذهبي الذي أهداه لها الدكتاتور المخلوع، ويستمر المجلس العسكري في مد فترة صلاحيته. هل هناك من هو أكثر فرحا من إسرائيل وهي ترى مصاصي دماء عصر مبارك وهم علي وشك احتلال مقاعد البرلمان المنتظر بعد أن أثمرت مؤامراتهم الخبيثة لوأد الثورة بقانون الانتخابات الذي رفضه الشعب المصري عن بكرة أبيه؟ أليس لإسرائيل أن تفرح وقيود النظام السابق وأركانه لا زالت تنعم بما لذ وطاب من البوفيه المفتوح الذي لا تنضب أطاييبه ولا تشبع به معداتهم؟ أليس لإسرائيل أن تفرح وقادة جيش مصر العظيمة مشغولون عن التخطيط الاستراتيجي العسكري والتسليح النووي والميكانيكي لإرهاب إسرائيل ومستغرقون في الدوائر الانتخابية والثلث والثلثين والمادة الخامسة وتوافه الأمور من مثل ذلك وغيره؟ أليس لإسرائيل أن تفرح وقد ظهر المنافقون ينادون بحكم العسكر واستغراق الجيش في السياسة، ومن ثم إهمال القوة العسكرية لأن صاحب بالين كذاب؟ أليس لإسرائيل أن تفرح وقد فرق المجلس العسكري بين القبائل مناصرا الإخوان تارة والأحزاب الشبابية تارة والإعلام تارة والشعب تارة أخرى ثم ينكص عن هذا وذاك ملاعبا الحمار بالجزرة؟ أليس لإسرائيل أن تفرح وهي تتأكد أنها الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط؟
لا تفرحي يا إسرائيل، فإن ما ترينه اليوم ما هو إلا ضرورات يقظة الديناصور المصري الجديد، والذي سوف يضعك في حجمك التاريخي المعهود. لقد استغرقت يقظة العملاق المصري ثلاثين سنة من قهر الدكتاتور المخلوع وفساد عصره، ويستكمل المجلس العسكري بإدارته غير الثورية الحالية تحقيق الوعي الشعبي من أجل الوحدة والتماسك بتصرفاته المباركية، تلك الوحدة التي ستحطم أثقال القهر وقيود الانتهازية السياسية من كل انتهازي أناني لا يهمه إلا مصلحته المادية الدنيوية الدنيئة، وينشغل عن تلك التي ربت لحم كتفه وائتمنته بالسلطة والقيادة والأمانة.
يا شباب مصر ورجالها، اعلموا تماما أن العدو الأول لكم ولمصر الحبيبة هو من لم تسارع يده كالريح المرسلة عطاءً وتيسيرا للفقراء والمظلومين والمحرومين والمرضى والمعذبين من كافة الفئات الشعبية وهو أيضا من لم يضرب بيد من حديد على المفسدين والطفيليين والمستحوزين ظلما وجورا وبهتانا على ثروة مصر. لم يترك لنا المجلس العسكري خيارا إلا أن نواجهه سياسيا بالوحدة والاندماج السياسي، وأن نحافظ على روح الثورة وعزمها بالارتباط بأجمل بقعة في مصر الآن وإلى الأبد، ميدان التحرير، أهرامات مصر الجديدة ومجد مصر العالمي بأمر المولى سبحانه وتعالى. "أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون."، ثم يقول جل جلاله "فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء، حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون." مش كده يا مبارك واللا إيــــــــــــه؟
ساحة النقاش