تنابلة السلطان وداعا

تشخيص وتحليل ومعالجة التنبلة وبناء مصر الحرة

Subject:لا تفرحوا بما آتاكم .. من المجلس الأعلى 

الثقافة غذاء، وتبادل الفكر دواء، والتواصل الاجتماعي شفاء، وتفاعل الفكر نماء.

إن لم يعجبك قولي فأرشدني،

وإن ضقت بي ذرعا فأخبرني،

أو بلوكمي، أو سبام مي.

لا تفرحوا بما آتاكم... من المجلس الأعلى

                                                بقلم                                           

2  أكتوبر 2011

أ.د. محمد نبيل جامع

أستاذ علم اجتماع التنمية بجامعة الإسكندرية

0127435754

[email protected]

كلمات لا تقال إلا بعد صلاة الفجر ونقاء الفكر قبل أن يتلوث بأوجاع النهار وأحداثه، كلمات تناولْتُ بها أجملَ إفطارٍ اليوم مع الحبيب جلال عامر في الثلث الأخير من مقاله اليومي الساخر بعنوان "نداء للأستاذ إبراهيم عيسى"  في المصري اليوم تقول الكلمات:

"..... مَن الذي حول منطقة الشرق الأوسط من ...إلي...، فمثلا تَذكرْ أن المجلس العسكري إذا (نزل) عن السلطة لن (يطلع) على المعاش، والذين أدمنوا النزول إلى الميادين نسوا أن الدبابات تعودت النزول إلى الشوارع، لذلك إذا لم يعط المجلس (ضمانات حقيقية) فإن انتقال السلطة سوف يكون (صوريا) والسياسة هي (فن الممكن) والفن هو (محاكاة الخيال)، ولأن معظمنا خبير دستوري ومحلل استراتيجي وناقد فني ويصلح موبايلات لذلك علينا أن نناقش هذا الموضوع من الآن وقبل فوات الأوان...وقد كتبت من سنوات عن (الخيار يلتسين) لخروج مبارك بضمانات، فدعونا الآن مع (خيار سوار الذهب)...والنبي ما تنساش يا أستاذ إبراهيم."

والله لا فض فوك، يا أستاذ جلال، يا أجمل الجملاء، ولا عجب "فهذا الأب من ذاك الولد".

ما هذا التحول غير الاستراتيجي لممثلي الأحزاب بعد اجتماع الأمس بأعضاء من المجلس العسكري ودراسة صدور قانون العزل لمدة سنتين فقط وإلغاء المادة الخامسة والنظر في ... وكأننا نستجدي أو نشحت القرارات على حد تعبير الأستاذ سامح عاشور في مداخلة تليفزيونية مع الإعلامية لميس الحديدي وهي تستمتع بفرحة ضيوفها ممن حضروا الاجتماع وشكرهم وتأييدهم للمجلس العسكري وكأنهم قد حققوا معه مطالب الثورة. طبعا قد فرحنا جميعا بهذه القرارات في ظل إصرار سابق علي عدم الاستجابة لأي من مطالب الشعب والقوى السياسية، ولكن الثورة ليست إلا في بدايتها، وستكون البداية الحقيقية للثورة عند البدء في بناء الدولة بعد اكتمال البناء المؤسسي للدولة المدنية في تلك المرحلة الانتقالية. إذا كانت قد أرهقتنا تلك المعركة السياسية مع المجلس العسكري في تلك المرحلة الانتقالية فالمعركة الأعظم هي معركة التنمية ومحاربة الفقر، والفساد المؤسس، والجوع، والخوف، والظلم والمذلة، والبيروقراطية الجاثمة، ودوار العذاب في الدوران بالسواقي المعيشية التي أغرقتنا فيها عصابة الدكتاتور الطاغية حاسبهم الله.

لست أدري كيف نتناول قضية الضمانات الحقيقية لخروج المجلس العسكري (أو بمعنى أدق المؤسسة العسكرية) من السلطة. ولكن القضية الأعظم والتي تتقزم بجانبها تلك القضية هي قضية التنمية وعودة مصر للمصريين ورجوع الحضارة المصرية الرائدة. وبالتأكيد فإن قضية الضمانات الحقيقية للمؤسسة العسكرية حساسة وصعبة جدا، ولكن الحقيقة الصريحة هي أن كل طرف أو فصيل أو مؤسسة يحاول أن يمعظم من مكاسبه ويدني من خسائره الخاصة، وهذا بالتأكيد ينطبق على المؤسسة العسكرية. ولكن يقابل هذه النزعة الفردية نزعة جماعية وطنية أخلاقية أخروية تتعلق بالإيثار ولو كان بالإنسان خصاصة. ألسنا إنسانيين ومتدينين، مسلمين كنا أو مسيحيين؟ فنحن جميعا مدنيون وعسكريون نعيش في مركب واحد وهو الدولة المصرية.

ومن واجبي كأستاذ جامعي عتيق متخصص في علم اجتماع التنمية أن أقدح ذهني وأحاول أن أطرح بعض التوجهات الممكنة لمواجهة هذه القضية بما في ذلك من مخاطرة الخطأ وربما استقبال بعض الاتهامات التي قد تكون صحيحة، والله يعلم مدى إخلاصي ونيتي في مجرد حل القضية كعقبة أمام تحرك مصر بعد هذه الثورة، تلك النعمة العظمى من الله سبحانه وتعالي:

وسنكتفي في هذه المقال بمحاولة لوضع بعض الأسس أو "المبادئ الحاكمة" (كما يقال اليوم) لتلك الضمانات الحقيقية لخروج السلطة العسكرية وتسليم السلطة إلي سلطة مدنية شرعية. وبالضرورة تتناول هذه الرؤية الدور الأمثل والدور الممكن للمؤسسة العسكرية بعد الثورة، تلك الثورة التي أقرها المجلس العسكري وحماها ويحاول إتمام مطالبها. وتتمثل هذه المبادئ في:

<!--بجانب العسكريين وعلماء السياسة وعلماء الاجتماع تستلزم صياغة العلاقة بين الدولة والمؤسسة العسكرية متخصصين آخرين في القانون والفلسفة والجغرافيا وعلم النفس والتاريخ والصحافة والأنثروبولوجي والاقتصاد وتاريخ الدبلوماسية حيث يناقشون بجانب تلك العلاقة موضوعات مرتبطة مثل المهنية العسكرية، والحروب، والأنشطة والعمليات المدنية العسكرية، والمؤسسات العسكرية، وعلاقة المؤسسة العسكرية بالسياسة.

<!--حسب الدراسات القديمة والمعاصرة، تعتمد العلاقة بين الدولة والمؤسسة العسكرية على معيار أساسي وهو أن تسود الدولة المدنية على المؤسسة العسكرية، وتخضع الأخيرة للسلطات المدنية وتلتزم بمعايير المجتمع وأيديولوجيته. ويرجع تاريخ العلاقة بين الدولة والمؤسسة العسكرية إلى كتابات سَن سو في مؤلفه "فن الحرب" عام 1971، وكارل فون كلاوسفيتز في مؤلفه "حول الحرب" عام 1989، ومن قبلهما صمويل هانتنجتن في مؤلفه "الجندي والدولة" عام 1957، وموريس جانوويتز في مؤلفه "الجندي المحترف" عام 1960 حيث يؤكدون جميعا على أن المنظمات العسكرية هي في المقام الأول خادمة للدولة.

<!--تتعرض المؤسسة العسكرية إلى ظروف تاريخية تستلزم ضرورة التغيير من أجل مواجهة هذه الظروف، ولا يمكن للمؤسسة العسكرية بمفردها أن تتخذ هذه القرارات التأقلمية، فعلى سبيل المثال تغير حجم الجيش الأمريكي من 12 مليون شخص في الخدمة عام 1945 إلى حوالي 1.4 مليون شخص عام 2009، وهذا أمر تحدده الأمور السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإقليمية بجانب الظروف العسكرية.

<!--يرى العلماء الاجتماعيون والعسكريون أن المؤسسة العسكرية لا يجب أن تكون عالما مغلقا منفصلا عن الدولة لأن الأولى تتسم بالقيم العسكرية المحافظة بينما تتسم الدولة بالديمقراطية اللبرالية. وتحل هذه المعضلة من خلال التزام المؤسسة العسكرية بالمهنية العسكرية، وخاصة بالنسبة لضباط الأركانحرب (متخذي القرارات العسكرية)، والتي تختلف عن الحرفية أو مجرد كون العسكري فنيا عسكريا باحثا عن الربح. وهنا يخضع العسكريون للسلطة المدنية مع احتفاظهم كمهنيين بالاستقلال النسبي. وهنا يقرر المدنيون الهدف من العمل العسكري ويترك التنفيذ للمؤسسة العسكرية مع استمرار الرقابة والضبط المدني الفعال.

<!--لابد من تحقيق التوازن المؤسسي وعدالة توزيع ثروة المجتمع على القطاعات المختلفة ومنها المؤسسة العسكرية. ميزانية الصحة والتعليم ثلث ميزانية الداخلية والجيش يمتلك ثلث اقتصاد البلد ومقولات تكتب وتقال في وسائل الإعلام تعبر عن هذا الخلل وخاصة في ظل ضرورة الالتزام بالمهنية العسكرية وما تتطلبها من البعد عن الاقتصاد الريعي والخدمي الذي يسيطر علي المؤسسة العسكرية، والتحول إلى الاقتصاد السلعي ذي القيمة المضافة وخاصة فيما يتعلق بصناعة السلاح وما يرتبط بها. وفي النهاية نتساءل ماذا يقول العسكريون في حق توفير الضمانات الحقيقية لتحقيق انتقال السلطة للدولة المدنية؟

 

المصدر: أ.د. محمد نبيل جامع

ساحة النقاش

mngamie

ما ذنبي في أنك لا تفهم. أنت عامل زي الشيخ الباز الله يرحمه كان يجلس أمام العلماء ولا يقول بعد كل متحدث أنت جيد، ويقول للآخر أنت غلط. قل شيئا عن نفسك وإذا كان عندك علم فأظهره لنا يا وطني.

أ.د. محمد نبيل جامع

mngamie
وداعا للتنبلة ومرحبا بمصر الحرة: يهدف هذا الموقع إلى المساهمة في التوعية الإنسانية والتنمية البشرية، وإن كان يهتم في هذه المرحلة بالذات بالتنمية السياسية والثقافية والإعلامية نظرا لما تمر به مصر الآن من تحول عظيم بعد الثورة الينايريةا المستنيرة، وبعد زوال أكبر عقبة أمام تقدم مصر الحبيبة، ألا وهو الاستبداد »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

99,662