تنابلة السلطان وداعا

تشخيص وتحليل ومعالجة التنبلة وبناء مصر الحرة

Subject:هل يحتاج المجلس العسكري إلى ركوب الثورة؟

الثقافة غذاء، وتبادل الفكر دواء، والتواصل الاجتماعي شفاء، وتفاعل الفكر نماء.

إن لم يعجبك قولي فأرشدني،

وإن ضقت بي ذرعا فأخبرني،

أو بلوكمي، أو سبام مي.

هل يحتاج المجلس العسكري إلى ركوب الثورة؟

                                            بقلم                                          

29 سبتمبر 2011

أ.د. محمد نبيل جامع
أستاذ علم اجتماع التنمية بجامعة الإسكندرية
0127435754
[email protected]

 هناك من يدعي أن الديمقراطية ليست كلها خير. وفي تقديري إنها كالعروس الساحرة الجميلة، تسعد بالنظر إليها وتنتشي، ولكن لو لسعتك بسليط لسانها أو بدلالها المشاع فسوف يشمت فيك العدو والحبيب. وهناك أيضا من يقول أن الديمقراطية ذئبان وحمل يتناقشون ليصوتون على ماذا سوف يتناولون في العشاء الليلة. الذئبان في مصر بعد الثورة، كما يرى البعض أيضا، هما العسكر والإخوان المسلمون (أو تيار الإسلام السياسي)، وأن الحمل الوديع هو الشعب المصري الصابر. ما رأيك قارئي العزيز؟ فكر مليا قبل تكملة هذا المقال.

هناك رأيان سوف أستعرضهما لسيادتك، أحدهما رأيي الخاص كمواطن عاش سبعين عاما ينتظر، من أجل أولاده وأحفاده المصريين، هذه الثورة وهذا البعث من الهوان والعدم إلى الحياة والحرية والديمقراطية والعزة والحداثة والقوة والمنعة ومصر الساطعة بين الأمم والقدرة على المشاركة في حسن خلافة الله في الأرض وطاعة المولى سبحانه وتعالي والسعي لرضاه ورؤيته. وهناك رأي علمي اجتماعي أو سوسيولوجي يفرضه التحليل الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والثقافي الذي تعلمناه. الرأيان يتناقضان.

الرأي الإنساني الخاص: العلم قوة إن أحسنت استخدامه، أي في التعمير وليس في التخريب، وفي العلاج وليس في الاستنساخ. كذلك الديمقراطية إن أحسنت استخدامها في الوقت والمكان والظرف المناسب كانت قوة، والعكس صحيح كما كانت ديمقراطية برلمان فتحي سرور والمحروس عز، حاسبهما الله. المنافقون من المصريين لسادتهم العسكريين، عندما رأوا المشير طنطاوي وهو بمظهره الشبابي ومشيته النشطة العسكرية يتجول وسط القاهرة قالوا هذا هو المرشح المنتظر، والذي سيرحمنا من الوجوه القبيحة للبرادعي وصباحي وبقية الشرفاء مرشحي الرئاسة. وهنا يأتي السؤال "هل يحتاج المشير، حتى ولو خلع الكاكي ولبس الكحلي، أن يركب الثورة ويمتطي كرسي الرئاسة بشخصيته ومؤسسته العسكرية؟"

هل تعرفون مدى ثقل تلك المؤسسة العسكرية؟ سأذكرها عندما تقرؤون الرأي الثاني. الثورة قد ركبها من ركبها من جميع الملل والمذاهب، الإخوان، والسلفيون، وجماعة طارق الزمر بطاقيته الحائطية ونظارته الساقطة وزيه المخيف، وعتاه الحزب الوطني المنحل، والإعلاميون من حزب أباليس مبارك ونظامه الباغي، والسياسيون من الدول الرجعية والاستعمارية والصهيونية .... والقائمة ممتدة. هل تنتظر الثورة ركوب من هو أثقل من هؤلاء جميعا، وهو الجيش؟ بالطبع ستخر الثورة هامدة وقد فاضت روحها إلى الرحمن الرحيم. وفاة الثورة تساوي ركوب الجيش، والمجلس الأعلى بذكائه وإنسانيته ووطنيته المعهودة يعلم ذلك تماما. ومن ثم فإنه لن يقتل حلم المصريين وأمل مصر، خاصة أنه يعلم أنه يستطيع أن يحافظ على الوضع المتميز الحالي للمؤسسة العسكرية والقابل أيضا للتطوير والتحديث في ظل تطوير الدولة المصرية كلها من أجل القوة والمنعة اللتين هما السبيلان الوحيدان لمواجهة الغطرسة الصهيونية والقوى الاستعمارية المعاصرة. وأنا في هذا الرأي أراهن على الضمير العسكري، وعلى المهنية العسكرية للجيش المصري الباسل، وأراهن على تقوى الوجوه السمحة للواء العصار والمشير وزملائهما، وأراهن على نخوة العسكريين خير أجناد الله في الأرض لتقوية جيشهم واستراتيجياتهم وتنظيمهم وقوتهم النووية وصواريخهم البالستية وجميع معداتهم العسكرية لنرهب بها الأعداء، أعداء الله في الأرض، وأراهن على إدراك العسكريين لقذارة السياسة وأوحالها وانتهازيتها، وأن السياسة للسياسيين ورجال الدولة والعلم العسكري والفن العسكري للعسكريين، وأن السياسة مفسدة للمؤسسة العسكرية، وأنهم يدركون أن صاحب بالين كذاب وصاحب ثلاثة منافق، وخاصة إذا كان هذان البالان متناقضين. وفي القديم قال معلمي وأستاذي رحمه الله الأستاذ الدكتور محمد منير الزلاقي مؤسس العلوم الاجتماعية الزراعية بمصر والعالم العربي والشرق الأوسط وإفريقيا "إنت يا دكتور جامع عندك اطمئنان كاذب" ومن قبله قالت أمي رحمها الله وأنا طفل "والله يا نبيل يابني إنك طيب ... أعتقد أنها كانت تعني عبيط أو ساذج." أدعو الله أن تكون أمي والدكتور الزلاقي مخطئان هذه المرة.

الرأي الثاني: هو رأي العلم الاجتماعي، وسأذكره دون ذكر للنظريات الاجتماعية المستمد منها رحمة بالقارئ إلا أنها تعتمد على الصراع وتبادل المنفعة والمصالح. الرأي له مقدمات وخلاصة. المقدمات هي كما يلي:

<!--وعد الأمير الأكبر لبلاط الفرعون الساقط، والذي ورث إما بنفسه أو برغبة الفرعون الساقط، حكم البلاد وإدارتها أن تتحول البلاد إلى حكم مدني في ظرف ستة أشهر، كما وعد بتحقيق مطالب الثورة. مرت ثمانية أشهر والحال يتراجع إلى ملامح حكم الدكتاتور الساقط.

<!--استمرار المحاكمات العسكرية للمدنيين واستمرار العمل بقانون الطوارئ العتيق، وذلك لتعضيد الأساليب التسلطية حتى يونيو عام 2012، مع إعلان العيسوي أن الداخلية ستطلق النيران الحية على المعتدين على المنشآت الحكومية الحيوية. وتبرير ذلك اعتداءات الشباب على السفارة الإسرائيلية. أليس هذا من قبيل العشق الممنوع؟ أليس قمع الاحتجاجات العمالية والتظاهرات السلمية وإرهاب الإعلام وقمعه على طريقة وقف الجزيرة مباشر هو الهدف الحقيقي من تلك التكتيكات؟ وهل يستطيع من حكم بأسلوب مبارك الدكتاتوري لمدة ثلاثين عاما أن يتخلى عن أساليبه المعهودة؟

<!--يقول العلماء الاجتماعيون أمثال روبرت ميشيل أن للكرسي والسلطة مادة لاصقة للحاكم تحوله من البحث عن مصلحة الرعية إلى التشبث بالسلطة والالتصاق بالكرسي حفظا وبحثا عن المزيد من مصالح الحاكم، إلا من رحم ربك من السذج أمثال سوار الذهب ونلسون مانديلا. المجلس الأعلى يتعرض لذلك بالفعل بل ويتباهى بالقوة والسيطرة على القوى السياسية والشعبية. ومن ثم فقد تبدو في الظهور ملامح تحول الثورة إلى انقلاب عسكري وليس ثورة شعبية.

<!--تتمثل مصالح القوات المسلحة في الإمبراطورية الهائلة الممتدة عبر أرجاء البلاد من المنشآت والممتلكات والمكونة عبر عشرات السنين لقيادات البلد التي يدخل فيها كبار الجنرالات العسكريين، وكان هذا تحت رعاية مبارك نفسه. وأنا أدعو القارئ لمشاهدة الوليد الأحدث لتلك المنشآت وهو فندق القوات المسلحة تقاطع المعسكر الروماني وكورنيش الإسكندرية برشدي ويرى كيف أنه حتى أجمل من سان ستيفانو نفسه. وقد انتفع الجيش من كافة المنشآت الاقتصادية بدءًا من المياه المعدنية المعبأة والمستشفيات والمنتجعات الشاطئية والأندية العسكرية ودور الضيافة والخدمات الفندقية والأراضي. هل يسمح الجيش لرئيس مدني أن يتحكم في تلك المنشآت؟

<!--هل يعلم أحد ميزانية الجيش؟ هل يعتقد أحد أن الجيش سيسمح لحكومة مدنية أن تعرف تلك الميزانية؟ المعلن عالميا بواسطة (GFP أي هيئة قوة النيران العالمية) هو أن ميزانية الدفاع في مصر هي 7.15 مليار دولار أي 42.6 مليار جنيه ولكن الحقيقة عند أصحاب الشأن ولا يعلمها إلا الله.

<!--لقد نجحت المرحلة الانتقالية في إرهاق الثوار والتظاهرات المليونية، وتفريق القوى السياسية. وقد تشابه المسار الحالي للمرحلة الانتقالية بكثير من ذلك الخاص بالماضي الدكتاتوري الكئيب للطاغية المخلوع، كما نجحت أيضا في السماح للفلول من طفيليي النظام السابق بالخروج من كمونهم ومخابئهم والتكشير عن أنيابهم والعودة إلى المسرح السياسي من جديد.

الخلاصة: الرأي المستخلص من هذه المقدمات لا يحتاج لتقرير.

فما رأيك أنت قارئي العزيز؟ مارس فراستك. هل أنت من رأي الدكتور جامع الإنساني المتفائل، أم أنك من رأي العلم الاجتماعي الموضوعي؟

رجاء خاص: نرجو أن يصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة قانون العزل كما يتمنى الشعب لحل فزورة قانون الانتخابات، واللا إيـــــــــــــه؟

المصدر: ا.د. محمد نبيل جامع

ساحة النقاش

أ.د. محمد نبيل جامع

mngamie
وداعا للتنبلة ومرحبا بمصر الحرة: يهدف هذا الموقع إلى المساهمة في التوعية الإنسانية والتنمية البشرية، وإن كان يهتم في هذه المرحلة بالذات بالتنمية السياسية والثقافية والإعلامية نظرا لما تمر به مصر الآن من تحول عظيم بعد الثورة الينايريةا المستنيرة، وبعد زوال أكبر عقبة أمام تقدم مصر الحبيبة، ألا وهو الاستبداد »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

99,661