يا إعلاميو مصر، رجاءً، فكروا في بنائها
بقلم
أ.د. محمد نبيل جامع
أستاذ علم اجتماع التنمية بجامعة الإسكندرية
قسم التنمية الريفية كلية الزراعة بالشاطبي
0127435754 24/4/2011
قليل من الإعلاميين الآن يهتمون بزرع ونشر الأفكار والبرامج والمشروعات المتعلقة ببناء الدولة ومساعدة الحكومة الغارقة في مواجهة المطالب الفئوية للشعب البسيط من ناحية، ومقاومة أذناب النظام البائد من ناحية أخرى، أو ما يسمى بالثورة المضادة التي هي أقوى مما يتصور الإنسان العادي. وأنا لا ألوم الإعلاميين بصفة خاصة فجميع المؤسسات الوطنية بداية من القضاء والجيش والجامعة (موضع عملي) ومرورا بالإعلام والإدارة المركزية والمحلية وغير ذلك قد نالها من الانهيار ما نالها في عصر الانحدار المؤسف، عصر مبارك وعائلته وكهنته أجمعين.
ودون محاولة لحصر هؤلاء القليلين الذين يهتمون بالبناء أذكر فقط مثال الدكتور محمود عمارة الذي يكتب في المصري اليوم وهو يحاول نشر أفكار ومشروعات مما أعنيها، بالإضافة إلى قيام الصحف أحيانا بنشر بعض التحقيقات حول بعض المشروعات الكبرى مثل مشروع ممر التعمير وغيرها. وما عدا ذلك فالإعلام المرئي (التليفزيون) يغلب عليه الطابع الإعلاني وليس التنموي مما يجعله يخاطب المشاعر ويركز على المصائب والأمور الشاذة (مثل السلفيين والشيعة...) والصراعات الطائفية وتوافه الأمور مما يزيدها اشتعالا، ويبعدنا حكاما ومحكومين عن بناء الدولة، ولا يختلف الإعلام المقروء كثيرا عن ذلك أيضا.
ونظرا لأن مسرح التعبير في الصحف والمجلات يضيق بكتاب أمثالي، فيما عدا من لهم واسطة وخواطر لدى أصحاب القرار في تلك الصحف، فلا أجد أمامي إلا أن أخاطبكم أنتم يا من لكم مقاعد ثابتة تقريبا في هذا المسرح متمنيا أن تنتشر أفكاري ومساهماتي من أجل بناء مصر من خلالكم أنتم حال اقتناعكم بها.
وحتى لا أكون مجرد ناقد خاوي العطاء، فسأقدم لسيادتكم ما أراه من أجل بناء الدولة، وسأبدأ بصورة شاملة مجملة حتى أؤكد على شمولية وتناسق وتكامل البناء. هناك عشر نقاط أساسية رئيسية لبناء مصر بعد الثورة الينايرية المستنيرة، أكمل الله أطوارها وأتمها بنعمه علينا، وهي نقاط أرجو أن يهتم بها الرئيس القادم، ونحن أصحاب الرأي وأنتم أصحاب الحث والقدرة على التغيير، وبالمناسبة فهي نقاط أشعر برؤيتي وحدسي أن أقرب الناس لحملها كرئيس للجمهورية هو الدكتور محمد البرادعي:
أولا: تقوى الله.
ثانيا: إعادة بناء دستور الدولة.
ثالثا: ضرورة اعتناق القيم الشخصية والمجتمعية العليا ومعايير تنفيذها بنظام جزاء قوي.
رابعا: إعادة بناء النظام الهيكلي والإداري للدولة بما فيه اللامركزية.
خامسا: الدور النشط والمتكامل لكل من الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني.
سادسا: حسن اختيار القيادات وتداول السلطة.
سابعا: العلم والتعليم والإعلام وبناء رأس المال البشري.
ثامنا: الاقتصاد المتوازن والقوة العسكرية المرعبة لأعداء الحق.
تاسعا: الانتشار السكاني في سيناء بصفة خاصة وبقية المناطق الواعدة في صحراء مصر.
عاشرا: رصد وضمان تحقيق مخرجات هذه التوجهات التنموية من حيث تحقيق العدالة فيما يتعلق بالقضاء الناجع، والرخاء الاقتصادي للشعب كافة، والسلام الاجتماعي والرفاء المعيشي، والأمن النفسي للسواد الأعظم من شعب مصر الصابر مع الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية للأجيال القادمة.
هذه هي أركان التنمية الحقة التي يجب ألا تغيب عن رؤيتكم إعلاميي مصر وعقلها وضميرها، وعن رؤية الرئيس القادم في عهد البناء ما بعد الثورة الينايرية المستنيرة. ولكل نقطة من هؤلاء العشر حديث طويل، أرجو أن ينال اهتمامكم.
ساحة النقاش