من، ومن يجب أن يحكم مصر؟
بقلم
أ.د. محمد نبيل جامع
أستاذ علم اجتماع التنمية بجامعة الإسكندرية
قسم التنمية الريفية كلية الزراعة بالشاطبي
0127435754 9/4/2011
المؤسسة السياسية، كراكب الحصان الذي يوجهه ويدفعه للسير كيف يريد، تقوم بتوجيه الدولة والمجتمع نحو مسار معين إما بالقوة الغاشمة أو بالسلطة الشرعية، أي إما بالدكتاتورية أو بالديمقراطية. الحيوانات كالأيائل والقردة تُحكم بالقوة الغاشمة ثم يأتي الإنسان فنجده يُحكم في المجتمعات البدائية والبدوية بقوة العصبية، كما يقول أستاذنا العبقري بن خلدون، وبتطور المجتمعات وتحولها إلى الحياة الحضرية تزول العصبية وتتفكك وتبدأ الديمقراطية في الظهور، حيث تتحول وتنضج وتصبح "قوة المؤسسة السياسية" بعد أن كانت سياسة "قهر القوة". أي تصبح القيم والمعايير العامة والقوانين هي أساس الحكم بدلا من الرغبات والنوازع الشخصية للحاكم. معظم المجتمعات العربية الآن لا زالت تحكم بالعصبية التي تعتمد على القرابة والولاء. وبدأت ثورة يوليو تغلق الطريق على العصبية، ولكن استمرت تَحكم بالولاء، ولاء الثوريين لعبد الناصر ومعهم قليل من المدنيين أمثال محمد حسنين هيكل وعزيز صدقي. ثم جاء السادات وقلص العسكريين، وزاد من المدنيين أمثال عبد العزيز حجازي وممدوح سالم ومصطفى خليل واسماعيل فهمي والنبوي اسماعيل وعبد المنعم القيسوني وسيد مرعي وعثمان أحمد عثمان وغيرهم من أصحاب الولاء. ثم جاء مبارك وقلص الساداتيين وكون له مجموعة أخرى من أصحاب الولاء مثل أسامة الباز ومصطفى الفقي وعصمت عبد المجيد ويوسف والي، وتوسع مبارك في دمج رجال الأعمال في شبكة الحكم مما أودى بمصر إلى بحر الفساد الذي لا زالت تغرق فيه.
وجاءت مطالب البرادعي السبعة لتضع مصر على بداية الحكم الديمقراطي بداية من إنهاء حالة الطوارئ إلى الانتخابات عن طريق الرقم القومي وتعديل مواد الدستور. ثم جهر لأول مرة بضرورة تنحي الرئيس مبارك، وحدثت الثورة، ولا زالت تتوجه إلى طريق الحكم الرشيد. استجاب الشعب بشبابه وشيابه. إخلاص ووطنية وتصميم وقيادة تعرف قدر الطاقة الشعبية وتثق فيها، فلندعمه حتى يكون أول رئيس ديمقراطي يؤتمن على العبور بمصر إلى عالم العزة والكرامة وتكريم الإنسانية. وقد تم بالفعل تحقيق خمسة من المطالب السبعة للبرادعي ولا زال حق المصريين في الخارج وإنهاء حالة الطوارئ هما المطلبان اللذان لا زالا قيد التحقق.
والآن والمجلس العسكري يتعرض للكثير من عدم الرضا من جانب الشعب سواء كان من ناحية التباطؤ أو، العياذ بالله، من ناحية التواطؤ، فإن الدكتور البرادعي يقترح اقتراحا لعله يُخرج المجلس العسكري من هذا الحرج، وهو اقتراح تكوين مجلس استشاري معلن يتم اختياره بطريقة ترضي الشعب بما فيه المجلس العسكري نفسه الذي هو جزء عزيز من الشعب حبه في القلب من أول المشير إلى أحدث جندي فيه. أليس هذا باقتراح عملي مخلص فعال؟
ساحة النقاش