تنابلة السلطان وداعا

تشخيص وتحليل ومعالجة التنبلة وبناء مصر الحرة

authentication required

Subject: المجلس العسكري واللدغة الرابعة

 

الثقافة غذاء، وتبادل الفكر دواء، والتواصل الاجتماعي شفاء، وتفاعل الفكر نماء.

إن لم يعجبك قولي فأرشدني،

وإن ضقت بي ذرعا فأخبرني،

أو بلوكمي، أو سبام مي.

أ.د. محمد نبيل جامع [email protected]

المجلس العسكري واللدغة الرابعة

مع رجاء نشر هذه الرسالة

                                     بقلم                                         

23 يوليو 2011

أ.د. محمد نبيل جامع

أستاذ علم اجتماع التنمية بجامعة الإسكندرية

0127435754

[email protected]

يا رب العالمين، ماذا حدث لإيمان المصريين؟ يقول حبيبك المصطفى صلى الله عليه وسلم "لا يلدغ مؤمن من جحر مرتين." وكيف هذا يا مصر وفيك الأزهر الشريف، وفيك جماعة الإخوان المسلمين؟

منذ عهد محمد علي الكبير تعرض المصريون في تاريخهم الحديث إلى حكم عبد الناصر، وحكم السادات، وحكم مبارك، ثم أخيرا حكم المجلس الأعلى للقوات المسلحة، بلا ديمقراطية ودون تدخل من شعب. لن أتعرض لأشخاص، ولكن أتعرض فقط لثقافة الحكم العسكري، ومدى صلاحيتها للحكم المدني وإدارة سياسة البلاد. والله كنت بالأمس الجمعة في اجتماع لاتحاد شاغلين رئيسه لواء أركانحرب عظيم ومن بين السكان المجتمعين لواء آخر، وكلاهما على المعاش منذ مدة طويلة. سألتزم عفة اللسان. ولكن دعني أقول فقط أن حدث هناك تصادم خيالي لا يليق إطلاقاً بسيادة اللواءين لأن كلا منهما لا يتنازل عن موقفه أبدا، ذلك لأنهما الآن خارج النظام العسكري الرسمي، ومن ثم فلم تًسُد القاعدة العسكرية المتمثلة في الأمر والائتمار، ولم تسد روح الديمقراطية والإنصات المتبادل وحسن التواصل والتوافق. ولن نخُض في التحليل النفسي أو غير ذلك لتفسير هذا الموقف.

المهم أنه قد لدغ المصريون بثقافة الحكم العسكري ثلاث مرات من قبل، واليوم هي المرة الرابعة. وهشاشة الإنجاز هو الدليل على هذه اللدغات. كانت أخف اللدغات هي لدغة الزعيم العظيم جمال عبد الناصر، الذي غير وجه تاريخ المنطقة العربية وإفريقيا ومصر من قبلهما، وأقول للأحسن بطبيعة الحال. وكانت مصر في الستينات على أبواب الدخول في دول العالم المتقدم لولا ما تبقى من ثقافة الحكم العسكري، مما أردانا في نكسة 1967، ومن قبلها حرب اليمن عام 1962، ومن قبلهما أزمة العدوان الثلاثي عام 1956، وكلها أخطاء قاتلة كان يمكن تفاديها جميعا بالحكم السياسي المدني غير المثقف عسكريا.

أما عصر الزعيم السادات، فلم ينجح فيه شيء إلا الأداء العسكري بالثقافة العسكرية طبعا وذلك بالنسبة لحرب 1973، وإن كان النصر فيها غير مكتمل الأبعاد. وأما التنمية الوطنية فقد شاهدت ما أودى بها في غيابات الجب، حيث زرعت قيم الانفتاح الأرعن والنهب والسلب والفهلوة والمادية الطاغية والتضليل السياسي والخداع الوطني، وحدث ولا حرج حتى انهارت معدلات التنمية حسب المؤشرات العالمية.

ثم أتى من بعد ذلك حكم الطاغية أول الرؤساء المصريين المخلوعين، وآخرهم إن شاء الله، لتعم بركاته الفاسدة كل ذرة من ذرات الجسد المصري البائس الصابر. وتوحشت قيم الفساد التي زرعت في عصر السادات لتهيش وتتوحش في صور زنا السلطة والثروة والنفاق وهتك محارم الشعب وحرماته والظلم الفاحش والغلظة الشرسة والقهر الاستبدادي حتى خيمت ظلمات التخلف على شعب مصر وأصبح من أفقر فقراء شعوب العالم بعد أن كان أرقى حضارات العالم في تاريخه القديم.

في ظل هذا التهميش المخل للشعب المصري، وبقدرة الله سبحانه وتعالي، يجد هذا الشعب نفسه وقد امتلك زمام أمره بثورة يناير المستنيرة، ولكن لم يسعده الحظ بأن يعتلي الثوار سلطة الحكم من بعد قيام الثورة. وتؤدي به الظروف مرة أخرى إلى توكيل الطاغية للمجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شئون البلاد، ومن ثم فقد عدنا مرة أخرى لثقافة الحكم العسكري. ومما يزيد الطين بلة تلك الشكوك التي تتناقلها الألسنة والأقلام من وجود معاهدات بين المجلس العسكري من ناحية، وقوى ضغط أخرى داخلية وخارجية من أجل إنقاذ رأس الطاغية ورؤوس أسرته من ناحية أخرى. وفي تعليق للواء حسن الرويني في حواره مع الإعلامي محمود سعد قال سيادته "ليس كل ما هو قائم يقال يا أستاذ محمود"، معلنا عدم الشفافية بـ "الأمر العسكري"، ولكن نرجو في يوم من الأيام عندما يعلن ما هو مخفي الآن أن يعتذر الشعب عن شكوكه القائمة تجاه المجلس العسكري.

سيادة المجلس الأعلى للقوات المسلحة: أقول لكم بكل تواضع لا تصلح ثقافة الإدارة العسكرية المصرية بالذات للحكم السياسي، وأنتم الآن تقومون بأخطر أعمال الحكم السياسي وهي بناء الأساس للدولة المدنية. أولا الأساس أخطر مراحل البناء، ثم ثانيا أنتم خبراء في بناء البنيالعسكرية وليس في بناء البنية المدنية، أو الدولة المدنية. "أُعْطُ العيش لخبازه" نرجوكم، ثم نرجوكم أيضا ألا تأملوا أو تعملوا على تحقيق هدف حماية الجيش للدولة المدنية في المستقبل من خلال الدستور الذي يعلم الله أسرار إنشائه يوما من الأيام. الذي يحمي الدولة المدنية هو الشعب، والشعب صدقوني هو مصدر كل السلطات في هذا الزمن المعاصر في العالم أجمع. وهو أقوى من أي مؤسسة في بناء المجتمع سواء كانت الجيش أو الشرطة أو البناء السياسي أو السلطة الدينية. ولا تجعلوا موقفكم من حسني مبارك يمثل "العقلة في الزور" أمام انسياب الشعب وتقدم مصر نحو الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية. فإن قدرتم اليوم على ذلك فلن يغفر لكم التاريخ هذه الخطيئة، وأذكركم مرة أخرى بموقف الخليل إبراهيم مع أبيه آزر. ولن يتفوق حبكم أو ولاؤكم أو وفاؤكم لهذا الطاغية حب الخليل إبراهيم الذي كان يتكرر في تكرار "يا أبت ، يا  أبت.." واليوم وأنا أكتب هذه السطور يبدو أنه سوف تحدث أزمة في ميدان العباسية ... وإن حدثت فأرجو ألا تقفوا متفرجين.

أتمنى أن ينشغل الجيش المصري وعلى رأسه المجلس الأعلى للقوات المسلحة في تحقيق الردع لإسرائيل وكل من تساوره نفسه الاعتداء على الوطن الحبيب، بمعنى امتلاك القنبلة الذرية وغيرها من تصنيع أحدث الأسلحة والمعدات العسكرية والصواريخ الرادعة بما يفوق إسرائيل التي تصدر لأمريكا معدات معينه بدلا من أن يدخل الجيش في مجالات الفندقة والأعمال المدنية التي هي من مهمة القطاع الخاص والحكومة.

ومرة أخرى، أعيد ذكر مطالب الثورة يا مجلسنا الموقر، وهذه هي مربط الفرس، ومحك اختباركم الحقيقي، ولنتقي الله جميعا في مصر ونعمل على تحقيقها:

<!--عدم التمسك بالقوانين المباركية والتي سقطت بسقوط الدستور، وإحياء العمل بقانون الغدر، وإصلاح القضاء الذي لا يخلو من قصور خطير بشهادة شيوخ القضاة. وهذا سوف يحقق العدالة والنجاعة في القضاء الحالي ومحاكمة المتهمين محاكمة عادلة حقيقية.

<!--رسم خريطة طريقة توافقية محددة تعتمدون في وضعها على أناس شغلوا أنفسهم ببناء مصر الجديدة أمثال الدكتور البرادعي الذي يستحق بالفعل ذكر اسمه من بين أمثاله حيث لا يشك في ذلك عقلاء مصر من كافة طوائف الشعب ومعه قلة من خبراء مصر وعلمائها وهي مهمة سهلة بقدر إخلاص النوايا.

<!--تنفيذ الضريبة التصاعدية لتصل إلى 45% وليس فقط 5% على الأرباح التي تزيد على 10 مليون جنيه.

<!--تقليل دعم الطاقة الذي يذهب للأغنياء (100 مليار جنيه) وزيادة دعم السلع الغذائية للشعب (البالغ 13 مليارا فقط) والاهتمام بالصحة والتعليم وأصحاب المعاشات، مع وجود 40% على الأقل تحت خط الفقر.

<!--ترشيد الإنفاق الحكومي، وتنفيذ الحد الأقصى والحد الأدنى للأجور (1200 جنيه) بكل جدية بحيث تكون نسبة الحد الأدنى إلي الحد الأقصى 1 : 20.

<!--دعم الصناعات والمشروعات الصغيرة وإرجاع الدورة الزراعية وغير ذلك من أمور لا جدال فيها حتى تنشغل الدولة بالإنتاج وتتخلى عن المكلمة أو المكلمات في كل مجال.

<!--تطبيق اللامركزية بزيادة نسبة مخصصات الميزانية إلي المحليات من 5-6% إلى 20% على الأقل، مع تفويض سلطات اتخاذ القرار للمحليات، وتوفير التدريب والدعم الفني لها.

<!--الجدية في استعادة الأموال والثروات المنهوبة، وتخفيض ميزانية رئاسة الجمهورية إلى الربع كما يقترح حمدين صباحي، وخفض ميزانية وزارة الداخلية التي لا يعلم عنها أحد إذا كانت متضخمة، وتوجيه الصناديق الخاصة نحو تحقيق العدالة وقهر الفقر.

<!--إلغاء المستشارين الكثيرين بالحكومة والحفاظ على الحد الأدنى فقط بما لا يزيد عن مستشارين اثنين فقط لكل وزير، وتشغيل العاطلين.

<!--تطهير جراثيم النظام القديم وحظر نشاطها لمدة 5-10 سنوات على الأقل، وقطع أذرعها الأخطبوطبة، وبتر ذيولها المتمثلة في البلطجية المسـتأجرين المدربين، والجدية في هيكلة وزارة الداخلية وتحقيق أمن المواطنين والشارع المصري، وتوقيع العقوبات الرادعة بالمحاكمات العادلة ولو تطلب ذلك تطبيق قانون الطوارئ الذي سوف تكتب له حينئذ الحسنة الأولى منذ نشأته.

لا تجعلوها لدغة رابعة، ربما قد تؤدي إلى هلاك لن يوجه اللوم فيه إلا إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة.

المصدر: أ.د. محمد نبيل جامع

ساحة النقاش

أ.د. محمد نبيل جامع

mngamie
وداعا للتنبلة ومرحبا بمصر الحرة: يهدف هذا الموقع إلى المساهمة في التوعية الإنسانية والتنمية البشرية، وإن كان يهتم في هذه المرحلة بالذات بالتنمية السياسية والثقافية والإعلامية نظرا لما تمر به مصر الآن من تحول عظيم بعد الثورة الينايريةا المستنيرة، وبعد زوال أكبر عقبة أمام تقدم مصر الحبيبة، ألا وهو الاستبداد »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

99,799