تنابلة السلطان وداعا

تشخيص وتحليل ومعالجة التنبلة وبناء مصر الحرة

Subject: فزورة مبارك والمجلس الأعلى للقوات المسلحة

 

الثقافة غذاء، وتبادل الفكر دواء، والتواصل الاجتماعي شفاء، وتفاعل الفكر نماء.

إن لم يعجبك قولي فأرشدني،

وإن ضقت بي ذرعا فأخبرني،

أو بلوكمي، أو سبام مي.

أ.د. محمد نبيل جامع [email protected]

 

فزورة مبارك والمجلس الأعلى للقوات المسلحة

مع رجاء نشر هذه الرسالة

بقلم                                         

18 يوليو 2011

أ.د. محمد نبيل جامع

أستاذ علم اجتماع التنمية بجامعة الإسكندرية

0127435754

[email protected]

كبار السن جفت مقل أعينهم فلا يذرفون الدمع. ولكني فوجئت بكذب هذا الادعاء عندما شاهدت الشاب محمد فوزي المضرب عن الطعام ببرنامج دينا عبد الرحمن فأحسست بحرارة الدمع قبل أن تجففه يداي. وقلت لنفسي وماذا كان يمكن أن يكون لو كان ماجد ابني هو الذي يرقد مكان محمد فوزي؟ وفي نفس اليوم مساءً سمعت حوارا طويلا بين اللواء حسن الرويني والإعلامي محمود سعد شبع فيه الأخير "أستذة"، وشبع فيه اللواء الرويني "ألونة وتمجيدا"، ثم علمنا من سيادة اللواء أن بعضا من رجال القوات المسلحة نزلوا إلى المعتصمين المضربين عن الطعام، وبشرنا بأنهم "كًَلُوا"، يقصد أكلوا، وكنت أتمنى أن يقول "فطروا"، أي ليس كما تأكل الــ ... ، وإنما كما يفطر الصائمون.

المهم أن الحوار الطويل انتهى بلا نتيجة سوى إحساسنا كمشاهدين بأن كلمة "ثوار" كلمة غير محبوبة لدي قمم الحاكمين، وأن قفل المبنى المجمع كان خطيئة الخطايا، ومركز الخيانة كما لو كان هو الذي أودى بمصر إلى وضعها التنموي المنحط بين دول العالم، ولم يدرك المتحاوران أن السلوك الجمعي (غير المنظم) ينتج عنه أحيانا أمور غير منطقية بفعل سيطرة العاطفة وعدوى الطحن السلوكي على هذا النوع من السلوك. ولم يتناول الحوار مطالب الشعب الحقيقية ومستقبل مصر.

الفزورة العظمى هي حقيقية العلاقة بين مبارك ونظامه، من ناحية، وسياسة المجلس العسكري، من ناحية أخرى. هل سمعتم عن مخلوق تقطع رأسه ويظل حيا يرزق؟ هو نظام مبارك. إذن، فإما أن يكون مبارك رأس النظام لا زال ملتصقا به، أم أن هناك رأسا جديدة قد زرعت للنظام الذي لم يرفضها على أيد جراح زرع رؤوس محنك.

التقوى هي بداية الحكم الرشيد. كانت هي أولي الوصايا العشر التي ذكرتها في الفصل الأخير من مؤلفي "علم الاجتماع المعاصر ووصايا التنمية". التقوى هي أولي النصائح التي كان الفاروق عمر يوصي بها قياداته العسكرية. والتقوى بتعبير الإمام علي رضي الله عنه هي الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والرضا بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل. إن ما أقوله من بعد يدخل في عداد التقوى عند التعامل مع مبارك ونظامه الشيطاني السابق.

في البداية كان مبارك رئيسا لمصر وللمجلس الأعلى للقوات المسلحة، وقام الشعب بإسقاط مبارك ثم تبين للشعب وللمجلس الأعلى للقوات المسلحة أنه كان بالفعل زعيم عصابة امتصت دماء شعبها. إذن، أفلا ينطبق على المجلس الأعلى للقوات المسلحة موقف الخليل إبراهيم عليه وعلى رسولنا الحبيب أزكى الصلاة وأتم السلام الذي تبرأ من أبيه آزر عندما تبين له أنه عدو لله؟ هل يمكن أن تأخذنا رحمة في القضاء العادل والقصاص الشرعي ممن أهمل شعبه واستهزأ به وخان الأمانة؟ هو عار على القوات المسلحة إن حمته ودافعت عنه، وليس حريا أن يدعى أنه عسكري أو رمز للعسكر أو للجيش أو للقوات المسلحة، فكثيرا ما نرى أن يخرج الفجار من أصلاب الأتقياء.

هل تعتقدون أن هذا القضاء المفصل في عهد الطاغية حسني مبارك، وتلك القوانين المفصلة بترزيتة، والمطرزة بتزييفات كهنته سوف تحاكم كل فاسد رباه وأنشأه نظام هذا الطاغية؟ بالطبع لا. سيبقى أكثر من 90% من الفاسدين ربائب مبارك باقين في عصر ما بعد الثورة الطاهرة إلى أن ينقرضوا أو ينعم الله عليهم بالتوبة، وهو التواب الرحيم.

إني أشعر أن موقف المجلس الأعلى للقوات المسلحة نحو مبارك، والذي يمكن أن يكون بسبب ادعاءات بريئة كالوفاء أو الحفاظ على الرمز أو الحفاظ على العهد أو ما شابه ذلك أيا كان الأمر، هو موقف تصححه التقوى التي أعلم أنه من خصال المجلس الأعلى للقوات المسلحة، هو موقف تصححه الموازنة بين مصالح الجماهير المظلومة المقهورة ومصلحة فرد لم تشبعه أموال قارون ولم توقره عظمة فرعون.

إني أشعر أن موقف المجلس العسكري من حسني مبارك يمثل "العقلة في الزور" أمام انسياب الشعب وتقدم مصر نحو الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية. فلنتذكر دائما علو الفرعون مبارك، وزهو صفوة الشريف، وتضليل فتحي سرور، وشراهة عز وسيراميكا وبقية رجال الأعمال من أمثالهما، ونفاق المنافقين من الجهلة أعضاء مجلس الشعب أو من الأساتذة الجامعيين أو المستشارين القضائيين. هذه النماذج القميئة تدعونا للتقيؤ والشعب في نفس الوقت يعاني الأمرين من فقر وفاقة ومرض وتشرد وعذاب في طوابير الخبز والبطاقات والمعاشات ومعظمهم مرضى ومعوقين حتى انتشرت نماذج رجال الشوارع الذين فقدوا عقولهم وملابسهم وألسنتهم. أهذه مصر أم الدنيا حبيبنا المجلس العسكري؟ أهذه التي ترضاها لعزك وتاريخك؟ إنها من فعل هذا الطاغية الذي تكرمه كرما لا يستحقه أبدا يا مجلسنا الموقر.

يا مجلسنا الموقر، إن هذه فرصتكم التاريخية كي تطهروا مصر من الخنازير التي لا زالت فيها ومنها مثقفون ناقصو الثقافة ومنها الجاهلون. إن انحطاط مصر في عصر الطاغية كان من مسئولية الطاغية ونظامه بالدرجة الأولى ولكنه أيضا كان من مسئولية الشعب الذي استكان له وأطاعه بعد أن استخفه الفرعون. ولكن صحا الشعب وأدرك خطيئته وصححها بثورة يناير المستنيرة. فلتساعدنا أيها المجلس الموقر وتسرع لتلبية مطالب الثورة كاملة غير منقوصة، تلك المطالب التي يدركها ويحفظها اليوم كل لسان على أرض مصر.

ولا تظن يا مجلسنا الموقر أن الجيش المصري قد نجا من إفساد هذا الطاغية، فهو جزء من المجتمع المصري الذي أصابه هذا التخلف والانحطاط. صحيح أن الجيش ربما يكون أكثر المؤسسات المصرية إصابة بالعطب والفساد والإفساد الذي أنشأه ورباه الطاغية. ولكني أتمنى أن يكون الجيش المصري الآن رادعا لإسرائيل وكل من تساوره نفسه للاعتداء على الوطن الحبيب، رادعا بمعنى امتلاك القنبلة الذرية وغيرها من تصنيع أحدث الأسلحة والمعدات العسكرية بما يفوق إسرائيل التي تصدر لأمريكا معدات معينه. كنت أتمنى أن يكون لدينا بجانب الجندي المصري خير أجناد الأرض صواريخ رادعة تحمل رؤوسا رادعة لإسرائيل بدلا من أن يدخل الجيش في مجالات الفندقة والأعمال المدنية التي هي من مهمة القطاع الخاص والحكومة وليس الجيش. فالجيش ليس مهمته الأعمال الإنتاجية المدنية دون تفصيل ذلك. أنا أعلم أن الجيش المصري يرتب حاليا بواسطة هيئة عالمية على أنه السادس (لا أذكر بالضبط) على العالم من حيث القوة، وقد رتبت هذه الهيئة الجيش الإسرائيلي من بعد الجيش المصري. ولكن هذا أمر لا أستطيع أن أصدقه والشواهد كثيرة.

ومرة أخرى، أعيد ذكر مطالب الثورة يا مجلسنا الموقر، ولنتقي الله جميعا في مصر ونعمل على تحقيقها:

<!--عدم التمسك بالقوانين المباركية والتي سقطت بسقوط الدستور، وإحياء العمل بقانون الغدر، وإصلاح القضاء الذي لا يخلو من قصور خطير بشهادة شيوخ القضاة. وهذا سوف يحقق العدالة والنجاعة في القضاء الحالي ومحاكمة المتهمين محاكمة عادلة حقيقية.

<!--تنفيذ الضريبة التصاعدية لتصل إلى 45% وليس فقط 5% على الأرباح التي تزيد على 10 مليون جنيه.

<!--تقليل دعم الطاقة الذي يذهب للأغنياء (100 مليار جنيه) وزيادة دعم السلع الغذائية للشعب (البالغ 13 مليارا فقط) والاهتمام بالصحة والتعليم وأصحاب المعاشات، مع وجود 40% على الأقل تحت خط الفقر.

<!--ترشيد الإنفاق الحكومي، وتنفيذ الحد الأقصى والحد الأدنى للأجور (1200 جنيه) بكل جدية بحيث تكون نسبة الحد الأدنى إلي الحد الأقصى 1 : 20.

<!--دعم الصناعات والمشروعات الصغيرة وإرجاع الدورة الزراعية وغير ذلك من أمور لا جدال فيها حتى تنشغل الدولة بالإنتاج وتتخلى عن المكلمة أو المكلمات في كل مجال.

<!--تطبيق اللامركزية بزيادة نسبة مخصصات الميزانية إلي المحليات من 5-6% إلى 20% على الأقل، مع تفويض سلطات اتخاذ القرار للمحليات، وتوفير التدريب والدعم الفني لها.

<!--الجدية في استعادة الأموال والثروات المنهوبة، وتخفيض ميزانية رئاسة الجمهورية إلى الربع كما يقترح حمدين صباحي، وخفض ميزانية وزارة الداخلية التي لا يعلم عنها أحد إذا كانت متضخمة، وتوجيه الصناديق الخاصة نحو تحقيق العدالة وقهر الفقر.

<!--إلغاء المستشارين الكثيرين بالحكومة والحفاظ على الحد الأدنى فقط بما لا يزيد عن مستشارين اثنين فقط لكل وزير، وتشغيل العاطلين.

<!--تطهير جراثيم النظام القديم وحظر نشاطها لمدة 5-10 سنوات على الأقل، وقطع أذرعها الأخطبوطبة، وبتر ذيولها المتمثلة في البلطجية المسـتأجرين المدربين، والجدية في هيكلة وزارة الداخلية وتحقيق أمن المواطنين والشارع المصري، وتوقيع العقوبات الرادعة بالمحاكمات العادلة ولو تطلب ذلك تطبيق قانون الطوارئ الذي سوف تكتب له حينئذ الحسنة الأولى منذ نشأته.

<!--دعوة الأطباء والمدرسين لخفض أسعار خدماتهم، ودعوة الأئمة والدعاة والقساوسة لبث السماحة والمواطنة وقبول الآخر والتأكيد على عدم تدخل الأئمة والدعاة في السياسة في هذه المرحلة الحرجة.

وفي النهاية أقول للشعب المصري، اصبر وما صبرك إلا بالله، فالفجر لائح لا محالة، والشمس من بعده ستنير أرض مصر بإذن الله. واتعظوا يا حكام العرب.

المصدر: أ.د. محمد نبيل جامع
  • Currently 35/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
11 تصويتات / 317 مشاهدة

ساحة النقاش

أ.د. محمد نبيل جامع

mngamie
وداعا للتنبلة ومرحبا بمصر الحرة: يهدف هذا الموقع إلى المساهمة في التوعية الإنسانية والتنمية البشرية، وإن كان يهتم في هذه المرحلة بالذات بالتنمية السياسية والثقافية والإعلامية نظرا لما تمر به مصر الآن من تحول عظيم بعد الثورة الينايريةا المستنيرة، وبعد زوال أكبر عقبة أمام تقدم مصر الحبيبة، ألا وهو الاستبداد »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

99,773