تنابلة السلطان وداعا

تشخيص وتحليل ومعالجة التنبلة وبناء مصر الحرة

 

Subject: مجلسنا الموقر أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير؟

 

الثقافة غذاء، وتبادل الفكر دواء، والتواصل الاجتماعي شفاء، وتفاعل الفكر نماء.

إن لم يعجبك قولي فأرشدني،

وإن ضقت بي ذرعا فأخبرني،

أو بلوكمي، أو سبام مي.

 

أ.د. محمد نبيل جامع [email protected]

مجلسنا الموقر: أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير؟

مع رجاء نشر هذه الرسالة

بقلم                                         

10 يوليو 2011

أ.د. محمد نبيل جامع

أستاذ علم اجتماع التنمية بجامعة الإسكندرية

0127435754

[email protected]

حذرنا من قبل من تحول منحنى الثقة في المجلس العسكري من الموقف الشعبي الإيجابي إلى الموقف الشعبي السلبي. وقد أثبتت مليونية الثامن من يوليو خطورة هذا التحول بالفعل، ولا زالت مظاهر هذا التحول تتصاعد لحظة بعد أخرى، ولا زالت إرهاصات هذا الموقف تتواجد في ميادين مصر كلها حتى في قراها وبواديها. لا يعبر عن هذا التحول صراحة إلا الثوار في ميادين مصر، أما الإعلاميون والسياسيون فيلمحون بذلك، خائفين على مناصبهم وبدرجات مختلفة، مركزين غضبهم على الدكتور عصام شرف وحكومته وهما كبش الفداء البريء، ومُسَكن الثوار الذي يفقد مفعوله، وقناة الاتصال الإسفنجية بين المجلس العسكري والشعب، ووسيلة التسويف المستخدمة لاستعادة قوى النظام السابق وهيمنتها مرة أخرى.

يتساءل الشعب بكل قوة ووضوح موجها تساؤله للمجلس العسكري وحكومة الدكتور عصام شرف "أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير؟"، أتستبدلون مبارك وكهنته بمستقبل مصر وشعبها وأرواح شهداء ثورتها؟ يطالب الشعب وثورته بمطالب معينة لم يُقض منها بند جوهري واحد، بل حدث وأن بدأ أذناب النظام السابق وفلوله يرفعون برقع الحياء ويسبون الثوار ويشكون من وقف عجلة الإنتاج، وتعطيل حركة المرور في الشوارع، ويرجعون كل سلبية في حياة المصريين اليوم إلى أجمل منحة منحها الله لمصر، ألا وهي الثورة.

ومن مظاهر هذا الخداع والانخداع أن يظهر الدكتور سليم العوا بثقته الزائدة في عقله، وفي شعبيته، وفي بلاغة لسانه، وفي تأسلم خطابه، يظهر مع منى الشاذلي مرة أخرى، وفي جولاته الانتخابية مستمرا في ترديد ألفاظه الجارحة موضحا مراهقة سلوكه السياسي مثل "شياطين الإنس"، و "العيال بتوع الإنترنيت"، و "الجمهور المضلل وعدم تدليع الشعب"، و "البتاع ده – مشيرا إلى الدكتور عصام شرف"، حتى أن المجلس العسكري لم يخلو من تهديده أحيانا إذا خضع للدستور أولا، وحتى مليونية الثامن من يوليو يستهزئ بها بالرغم من حضوره إياها ويقول أنها ليست بمليونية، ولا يعجبه شيء أبدا إلا أمر واحد فقط أعتقد أنه "وصول الإسلاميين السياسيين، أو هو بالذات، إلى الحكم."

أقول للمفكر العبقري، والسياسي المحنك، والواثق العتيد الدكتور محمد سليم العوا، ولغيره من الأحبة القراء، أن ساحة الاعتمال الثوري التي تمر بها الثورة الآن تتمثل في مرحلتها الأخيرة وهي مرحلة "اعتلاء السلطة". فالثورة حتى الآن ابنة جميلة ولكنها لقيطة، لم يتبناها أبوها الشرعي حتى الآن، وهو الشعب. المجلس العسكري يجمع السلطة التنفيذية والتشريعية في قبضته، والسلطة القضائية ببنائها المشيد في عصر الدكتاتور السابق تحتاج إلى ثورة في حد ذاتها، وذلك باستعمال تعبير بعض المستشارين العظام الذين ظهروا بالأمس في وسائل الإعلام.

 

 الثورة في يد مُوَكل من مبارك لإدارة أعمال البلاد، وهو المجلس العسكري، أعلن في البداية أنه وكيل للشعب في تحقيق مطالب ثورته. ولكن ما حدث حتى الآن بعد ستة أشهر من ميلادها هو أن وطدت أعمدة النظام السابق ولم يلق الشعب أيا من مطالبه، ولا زالت رموزه تنفث السم في جسد الأمة الطاهر.

ليكن واضحا أمام ذوي الألباب والضمائر الحية والوطنية الصادقة أن الصراع اليوم قد بدت أطرافه واضحة تماما، وهي المجلس الأعلى للقوات المسلحة وقوى التحالف الضاغطة عليه، من ناحية، والشعب، من ناحية أخرى، فقط لا غير. وأود أن أطمئن ذوي الألباب والضمائر والوطنية الصادقة أن النصر لا محالة للشعب، ولذوي الألباب عبرة في الثورة ذاتها وما حدث لفرعون الأمة نفسه. ويلاحظ كلمة قوى التحالف الضاغطة على المجلس العسكري، فهناك مبارك (المخلوع المدلل) وعائلته، وهناك أمريكا بوعودها ودباباتها المهداة لمصر أخيرا ووعودها بالسلام والاستقرار مع إسرائيل، وهناك دول الخليج المريضة بالحساسية ضد ربيع الثورات العربية، وهناك رجال الأعمال الذين يوهمون المجلس الأعلى للقوات المسلحة أنهم يقيمون اقتصاد الدولة، وهناك أباطرة الشرطة الذين كانوا يغرقون في نعيم الحياة على حساب أفراد الشرطة وضباطها الصغار، كل هذا بجانب الإقطاع الحكومي (أصحاب الهُبَرِ) بوجه عام، وهو الذي لابد أن يدخل أيضا في عملية التطهير المطلوبة. هذه القوى الضاغطة بطبيعة الحال، يمكن للمجلس الأعلى للقوات المسلحة أن يزيحها عن كاهله، وذلك بمعنى أن المجلس العسكري يمكن أن يفكك هذا التحالف الرجعي استجابة للضغط الشعبي والشرعية الثورية.

والآن ما هو المطلوب لاستكمال الثورة؟ المطلوب أمران من الطرفين اللاعبين في الساحة الآن: أحدهما مطلوب من المجلس الأعلى للقوات المسلحة، والثاني مطلوب من الشعب.

المطلوب من المجلس الأعلى للقوات المسلحة: إدراك يقيني بأن الطريق نهايته انتصار للثورة وللشعب المصري، ومن ثم فمن الحنكة والحكمة أن يندفع المجلس العسكري لتحقيق مطالب الثورة مؤكدا على تاريخ الجيش المصري الذهبي بدلا من أن توضع النقطة السوداء في تاريخه للمرة الأولى بإمضاء المشير طنطاوي ورفاقه أعضاء المجلس العسكري. الرجوع إلى الحق فضيلة. يا أيها الأفاضل أعضاء المجلس العسكري، ومعكم أباطرة الشرطة، أنتم تتحدثون عن القانون...القانون... سيقبل الشعب هذه الحجة لو رأى إرادة وعزما وفعلا جذريا لتحقيق مطالب الثورة والثوار وشعب مصر أجمعه. وإذا أخذتكم العزة ورفضتم أو عجزتم عن تفكيك تلك التحالفات القائمة أو شعرتم بعدم الرغبة أو عدم وجود حافز حقيقي لتحقيق مطالب الثورة فالحل موجود أيضا وهو تكوينكم مجلسا رئاسيا يحكم البلاد تشاركون فيه أيضا إن أردتم، وهو أمر يسير جدا سيلقى ترحيبا من الشعب حتى ولو لم يكن في صورته المثالية.

أما المطلوب من الشعب: فهو ضرورة الشعور بالفخر والإنجاز، وضرورة الثقة في أن الثورة ستكتمل، وضرورة الوحدة والتوحد من أجل مطالب الثورة، وضرورة الصمود في إعلان مطالبه سواء بالمليونيات السلمية أو الاعتصامات السلمية أو حتى ما هو أكثر من ذلك وهو العصيان المدني الاختياري إذا تطلب الأمر ذلك. وأؤكد هنا علي السلمية التي بسببها انتصرت الثورة، وهزم بها غاندي أعتى العتاة في عصره. والمطلوب من الشباب، ثلاثة أرباع مصر، أن يستمروا في وعيهم وجهادهم وتثقيفهم الثوري لتنابلة السلطان، وأن يتقدم شباب الإخوان مع أشقائهم بقية شباب مصر، ويخرجوا من الصفوف الخلفية للإخوان المترددين المتذيلين دائما للحركة الثورية ولا يكونوا مع الخالفين. مصر الحرة أولا، والكرامة لشعبها، والعدالة عماد حكمها، والتنمية طريق قوتها فالمصريون أحق بحسن خلافة الله في الأرض. اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله.

 

المصدر: أ.د. محمد نبيل جامع
  • Currently 60/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
20 تصويتات / 216 مشاهدة

ساحة النقاش

أ.د. محمد نبيل جامع

mngamie
وداعا للتنبلة ومرحبا بمصر الحرة: يهدف هذا الموقع إلى المساهمة في التوعية الإنسانية والتنمية البشرية، وإن كان يهتم في هذه المرحلة بالذات بالتنمية السياسية والثقافية والإعلامية نظرا لما تمر به مصر الآن من تحول عظيم بعد الثورة الينايريةا المستنيرة، وبعد زوال أكبر عقبة أمام تقدم مصر الحبيبة، ألا وهو الاستبداد »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

99,912